يرى متابعون للشأن العراقي أن إعطاء الكتل السياسية الكبيرة تخويلاً لرئيس الوزراء المكلف عادل عبدالمهدي بتشكيل «حكومة تكنوقراط» من دون أي تدخل لا يعدو كونه، في معظم الحالات، تمويهاً إعلامياً.
وأن الكتل كلها تسعى للحصول على حصتها من «الغنيمة» الوزارية، فيما نقلت مصادر برلمانية مقرّبة من غرفة عمليات عبدالمهدي أن الأخير سيقدم تشكيلته الوزارية يوم الثلاثاء المقبل، مشدّدة على ضرورة التزام رئيس الوزراء المكلف بالتوقيتات الدستورية لتشكيل الحكومة.
وفي السياق، توقعت النائبة زهرة البجاري في تصريح لـ«البيان» أن يتم تقديم التشكيلة الوزارية من قِبل عبدالمهدي إلى البرلمان يوم الثلاثاء المقبل، كما توقع النائب والضابط السابق في الجيش العراقي كامل الدليمي أن يحصل مرشحو «نافذة عبدالمهدي» الإلكترونية على تصويت البرلمان.
وقال «ربما سيقدم عبدالمهدي تشكيلة الصدمة إلى مجلس النواب، وإذا رفضتها الكتل فستتحمل المسؤولية أمام الشعب»، مبيناً أن الترشيح من خلال الكتل والأحزاب، يفرض على المرشح العمل تحت ظل الحزب وليس تحت ظل العراق ويتحول إلى «شخص فاسد».
إلا أن المرشح المستقل «التكنوقراط» سيواجه بالرفض من الكتل، التي تواصل مشاوراتها مع رئيس الوزراء المكلف، لكي تقدم هي مرشحين مهنيين، باعتبارهم «مستقلين»، ويختار هو من بينهم، ما يراه الأفضل، وهذا ما يرفضه عبدالمهدي، وكذلك الشارع العراقي، الذي فقد الثقة بخيارات الأحزاب، التي هيمنت على الساحة السياسية طيلة السنوات الـ15 الماضية.
ولحلّ إشكالية «السياسة والتكنوقراط» تذهب القوى الفائزة في الانتخابات إلى اقتراح آلية جديدة لتشكيل الحكومة لم تحدث سابقاً، وتضم بحسب القيادي في تيار الحكمة عبدالله الزيدي «ثلاث طرق لاختيار الوزراء، من ضمنها طريقة عبدالمهدي (النافذة الإلكترونية)، بالإضافة إلى مرشحي الكتل، والثالثة اختيار عبدالمهدي لشخصيات خارج النافذة يعتقد بأنهم صالحون للمهمة».
مشدداً على أن تحالفي الإعمار والبناء يؤيدان ترك الخيار لرئيس الحكومة في اختيار تشكيلته، ولن يتراجعا عن خطوتهما السابقة في اختيار رئيس وزراء من خارج الحسابات الحزبية، ولكن بالمقابل لن تتخلى تلك القوى عن الاستحقاقات الانتخابية.
ويؤكد المحلل السياسي عدنان حسين أن معظم القوى السياسية تتحايل الآن للالتفاف على مشروع أن تكون الحكومة الجديدة حكومة كفاءات نزيهة وذات خبرة، فهي تضغط على رئيس الوزراء المكلّف للقبول بمرشحين عنها، وهذه ليست تسريبات وإنما معلومات تدعمها تصريحات ممثلين لبعض هذه القوى يردّدون كلمة حق يُراد بها باطل بشأن «التكنوقراط السياسي» الواجب ضمّه إلى حكومة عادل عبدالمهدي.
ويشير عدنان حسين إلى أن أفضل أسلوب يمكن أن ينتهجه عبدالمهدي مع الأحزاب ومرشحيها إلى الوزارات هو أن يُخضعهم للمعايير والمقاييس ذاتها التي سيختار على أساسها أعضاء حكومته من غير الحزبيين ممّن يعرفهم هو شخصياً.
ويطمئن إلى جدارتهم لتولي مناصب في حكومته، وسواهم من الذين تقدموا عبر النافذة الإلكترونية، أي أن يجمع مَنْ يعرفهم هو ومَنْ ترشحهم الأحزاب والمرشحين المُنتخبين من النافذة الإلكترونية في سلّة واحدة ثم تجري المقارنات والمفاضلات من أجل اختيار الأكفأ والأنزه والأكثر خبرة، بصرف النظر عمّا إذا كان حزبياً أو غير حزبي، وبهذا الأسلوب يستطيع أن يدافع عن اختياراته عندما يتقدم بتشكيلته الوزارية إلى البرلمان، وبذا يمكنه أن يُلقي بالكرة في مرمى الأحزاب بدلاً من أن يكون هو مرمى لكُرات الأحزاب.