بقلم:اياد عبد اللطيف سالم
ماذا تتأمل من نواب لا يفقهون واجباتهم ؟، ويتشدقون بما لا يعلمون ولا يعرفون ؟!، ويبرعون عن جهل أو تجاهل في صناعة مهازل الغش التشريعي والسياسي ؟!، من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية ومنافعهم الخاصة والحزبية ، وقد سمعنا الكثير منهم وهم يتظاهرون معنا في ساحة التحرير ، مطالبين بإلغاء إمتيازات النواب الممنوحة من غير حق ولا إستحقاق ، التي أوضحناها في مقالاتنا السابقة تذكيرا بها ، وبما كنا قد وجهنا النداء لهم بها ، خلال الحملات والدعايات الإنتخابية للدورة الحالية ، أن لا تنسوا العهد والميثاق ، وفي أقل المواقف وطنية أن تبرعوا بها للفقراء من أهلكم في البصرة ، ما دمتم من البارعين في التستر برداء العفة والنزاهة ، والإعلان عن نظافة ذات اليد واللسان ، إلا أنهم وقد إستكثروا الرد النظري بالإيجاب ، كانوا من أوائل من إلتهم طعم الخيانة للمبادئ ، فتناولوا المنحة المالية البالغة (50) خمسون ألف دولار ، بنهم الأنعام ومن هو أضل منهم سبيلا .
*- إن من إبجديات العمل على وفق ما نص عليه الدستور الصادر بعد الإحتلال ، معرفة أن الشعب مصدر السلطات بموجب المادة (5) من الدستور ، ومن يختاره الشعب نائبا ، عليه إحترام إرادة الشعب ، وبذلك تتكون السلطة التشريعية من مجموع عدد النواب المنتخبين حسب أحكام المادة (49) من الدستور ذاته . ومثل ذلك ما جرى ويجري في تكوين السلطة التنفيذية المكونة من رئيس الجمهورية بإنتخابه من قبل أعضاء مجلس النواب بالنيابة عن الشعب ، ومن ثم تشكيل الحكومة الجارية إجراءاتها الآن ، ولم ولن يستطيع رئيس مجلس الوزراء ولا الوزراء ولا موظفي دوائر الدولة العليا والدنيا من أن يكونوا نوابا بدون فوزهم بالإنتخابات ، كما لا يحق للنائب أن يتبوء أي منصب أو وظيفة بالتعيين ، مادام منتخبا ليكون من أعضاء مجلس النواب .
*- لقد نصت المادة (49/خامسا) من الدستور ، على أن ( يقوم مجلس النواب بسن قانون يعالج حالات إستبدال أعضائه عند الإستقالة أو الإقالة أو الوفاة ) . ثلاث حالات فقط ليس لهما رابع بالنص أو بالمعنى المنفصل عنهما ، ولعل من بين عيوب التشريعات الصادرة ، أنها لا تستند إلى فقرات أو بنود أو مواد الدستور ذات العلاقة المباشرة بموضوع التشريع ، وإنما تستند إلى الأحكام الخاصة بآليات تنفيذ الصلاحيات والإختصاصات الدستورية فقط ، مثل أحكام المادة (61/أولا) والمادة (138/خامسا/أ) من الدستور ، كما نصت المادتين (1و2) من قانون مجلس النواب رقم (50) في 3/9/2007 ، على أن ( تسري أحكام قانوني الجمعية الوطنية رقم (3 و 13) لسنة 2005 على أعضاء مجلس النواب ، إعتبارا من تأريخ أداء اليمين الدستورية لأعضائه ) ، وكأن الموضوع ذو علاقة بتنفيذ مهام أو أداء واجبات أو تحديد آليات عمل معين ، وليس التمتع بإلإمتيازات الخاصة لأعضاء مجلس النواب ؟!. إضافة إلى أن ( يعتبر قانون إستبدال أعضاء مجلس النواب رقم (6) لسنة 2006 ، هو القانون النافذ على أعضاء مجلس النواب ) . مع العلم أن المادة (1) من قانون الجمعية الوطنية رقم (3) لسنة 2005 ، الخاصة بإستبدال الأعضاء ، قد نصت على أن ( تنتهي العضوية في الجمعية الوطنية عند تبوء عضو الجمعية الوطنية منصبا في مجلس رئاسة الدولة أو في مجلس الوزراء أو أي منصب حكومي آخر ) . وتلك لعمري من أولى بذور الفساد الإداري والمالي في العراق الجديد ، حين تكون العضوية في مجلس النواب جسرا لتبوء أحد المناصب الحكومية ، وإن كانت أدنى أو أعلى من مستوى عضوية السلطة التشريعية ، حسب فهم وتقييم المتكالبين على مواقع السلطة التنفيذية لأغراض خاصة ؟!.
*- و ( نظرا لوجود مقاعد شاغرة في مجلس النواب ، بسبب تبوء عدد من الأعضاء المناصب السيادية والوزارية ، وبغية إكمال هذه المقاعد الشاغرة حاليا والشواغر التي تحدث في المستقبل ، وليتسنى لمجلس النواب القيام بأعماله التشريعية بصورة كاملة ، وعملا بنص المادة (49) الفقرة (خامسا) من الدستور ) فقد شرع قانون إستبدال أعضاء مجلس النواب رقم (6) في 11/7/2006 ، وأعتبر نافذا على أعضاء مجلس النواب ، حيث ( تنتهي العضوية في مجلس النواب عند تبوء عضو المجلس منصبا في رئاسة الدولة أو مجلس الوزراء أو أي منصب حكومي آخر ) . وغيرها من الحالات المضافة إلى ( الإستقالة أو الإقالة والوفاة ) التي نص عليها الدستور في المادة (49) منه ، مما يؤكد عدم دستورية القانون المذكور ، ولكن المحكمة الإتحادية العليا لا تقضي بذلك ، إلا بعد تقديم طلب الطعن اللازم من قبل من يعنيهم الأمر ، ومن الطبيعي أن لا يقوم بذلك أحد النواب ، لأسباب تتعلق بتحقيق المصالح المتعددة في وقت ما ، وقد رأينا كيف أصبح بعض النواب سفراء ومحافظين ، على الرغم من أن تلك الوظائف أقل مستوى من منصب النائب وأقل راتبا ؟!. وكأنها العصا التي لهم فيها مآرب أخرى ؟!. ولعل الأغرب في تلك الحالات ( صدور حكم قضائي بات بحق العضو بجناية وفقا لأحكام الدستور ) . ويبدو أن المشرع السياسي الجديد ، لا يفرق بين الجنحة والجناية من حيث مدة الحكم ، أو أنه إستخف بقيمة ووزن وهيبة المقعد البرلماني ، إلى الحد الذي سمح بإشغاله من قبل من صدر حكم قضائي بات بحقه لمدة تقل عن خمس سنوات ، وقد تساوي مدة الدورة الإنتخابية أو أقل منها ؟!. أو أنه شرع عفوا خاصا ودائما لمن يفوز بالإنتخابات من مرتكبي الجنح ، لغرض ممارسة دوره الجديد في مجلس النواب ، بعد إجراء التخفيف في حكم الشرط السابق عن الجناية قبل الإلغاء أو التعديل ؟!.
*- وبغية تنظيم حالات إستبدال أعضاء مجلس النواب وهيئة الرئاسة في حالات الإستقالة أو الإقالة أو الوفاة ، فقد شرع القانون رقم (49) في 28/8/2007 ، قانون تعديل قانون إستبدال أعضاء مجلس النواب رقم (6) لسنة 2006، مبتدءا بذات الخطأ الدستوري ، حيث ( تنتهي العضوية في مجلس النواب عند تبوء عضو المجلس منصبا في رئاسة الدولة أو في مجلس الوزراء أو أي منصب آخر ) ، إضافة إلى عدد من الحالات الأخرى ، ومنها ( لعضو هيأة الرئاسة المقبولة إستقالته ، الإحتفاظ بعضويته بمجلس النواب في حالة عدم رغبته في التقاعد ) . وهو نص غريب وعجيب لا تمنح مزاياه إلا لمن هو آت بما لم تستطعه الأوائل ، مسؤول تقبل إستقالته من منصبه لأي سبب كان ، إلا إنه لا يرغب في التقاعد على الرغم من إستقالته من عمله في هيأة الرئاسة ( أعلى هيأة تنفيذية في الدولة ) ، ثم يجيز له القانون إحتفاظه بعضوية مجلس النواب التي تركها برغبته وتفضيله العمل في هيأة الرئاسة عليها ، وتم إشغال مقعده النيابي الذي شغر على وفق آليات قانون إستبدال أعضاء مجلس النواب ، ولا ندري كيفية التعامل مع عضو مجلس النواب الذي حل محله بالإستبدال من حيث الحقوق والواجبات ، وهو حي يرزق وغير مقال أو مستقيل ، بعد عودة عضو هيأة الرئاسة بحكم القانون إلى البرلمان ، لعدم رغبته في الإحالة إلى التقاعد ؟!. وبذلك يكون من حق رئيس الجمهورية إن كان نائبا قبل انتخابه رئيسا للجمهورية ، أن يعود إلى المقعد النيابي الذي تركه بسبب تسنمه منصب الرئاسة ، أن توافق ذلك مع مدة ذات الدورة الإنتخابية مع عدم رغبته بالتقاعد ؟!. ولعل من أغرب ما سمعته قول النائب السابق (قتيبة الجبوري) في مداخلة له عبر الفضائية الشرقية في 24/10/2018 ( كيف لا يحق للنائب أن يكون وزيرا … وهو الذي يمنح الثقة للوزير ؟!.) ، ونرده بالقول ( أن لكل منصب مهام وواجبات … ومن الحتم الفصل بين السلطات ؟!. ) .