أسعد العزوني….
أراهن أن جلالة الملك الهاشمي وريث عرش الحجاز الشرعي عبد الله الثاني بن الحسين ،نجح في إنهاء أزمة الخليج وفك الحصار عن الشقيقة قطر ،وأن الأمر بحاجة لأيام كي نرى الخطوات ترسم على الأرض، فزيارة جلالته إلى الرياض بالأمس لم تكن زيارة مجاملة ،بل كانت زيارة عمل ،سيلمس العرب الشرفاء نتائجها قريبا .
لسنا هنا بحاجة لمصدر يزودنا بالمعلومات، لأننا لا نكتب خبرا صحفيا إو تقريرا إخباريا، بل نخط تحليلا سياسيا إستخدمنا فيه نظرية القياس والتطبيق ،ووظفنا في النتائج التي لمسناها قبل وقوعها على الأرض ،قبل أن تصبح خبرا تتداوله وسائل الإعلام البعيدة قبل القريبة.
دليلنا على صحة ما نقول هو التحول 180 درجة في موقف أشقائنا المأزومين في السعودية، بعد جريمة مقتل الكاتب السعودي في القنصلية السعودية في إستانبول وحاجتهم لفارس يساعدهم في النزول من على الشجرة،وعندما أقول فارسا ولم أقل وسيطا ،لأن جلالة الملك بموقفه هذا يمثل الفارس الذي يبذل الجهد المطلوب دون إنتظار المقابل ،بعكس الوسيط الذي يساوم على الثمن.
قبل زيارة جلالة الملك إلى الرياض يوم الثلاثاء الماضي ،كان التعنت السعودي على أوجه تجاه دولة قطر وتركيا وإيران،وقد شبهت هذه الدول بحلف الشر ،لكن ولي العهد السعودي مبس وفي خطاب علني في مؤتمر النيوم بالرياض ،إستخدم لغة مغايرة تماما لما كان يتحدث به قبل الزيارة الملكية الهاشمية الميمونة،وقال في تحول صريح وواضح وجلي أن دولة قطر تتقدم إقتصاديا ،مع انه كان دائم القول أن مشكلتهم مع قطر صغيرة جدا جدا جدا،وها هو اليوم يعترف بعظمة لسانه ان دولة قطر ناجحة إقتصاديا جدا جدا جدا.
للمعلومات فإن جلالة الملك الهاشمي عبد الله الثاني وكملك عربي توفيقي ورئيس للقمة العربية،حاول مع أخيه سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد ،التحرك لتطويق أزمة الخليج فور حدوثها حتى لا تتطور ويصبح ثمن وقف تداعياتها أكبر من الجميع ،لكن الأشقاء السعوديين وضعوا العراقيل أمامهما رغبة منهم في تعقيد الموقف والوصول إلى مرحلة الغزو العسكري،لكن جريمة مقتل الخاشقجي والورطة التي وجدت الشقيقة السعودية نفسها غارقة فيها ،هيأت الظروف لتحرك جلالة الملك الهاشمي الذي عبد الطريق للوساطة القديمة التي كان يقوم بها الشيخ صباح الأحمد.
اما التحول الثاني الذي رصدناه وكان ثمرة من ثمار زيارة العمل التي قام بها جلالته للرياض، فهو تحول الموقف السعودي من تركيا من التعنت والعداء المطلق،إلى المديح والمصالحة ،حتى أن الرئيس التركي أردوغان هاتف ولي العهد السعودي مبس ،بعد أن تحدث جلالته مع الرئيس التركي بالهاتف .
مختصر مفيد أن جلالة الملك عبد الله الثاني الهاشمي قد أعاد الأمور إلى مسارها الصحيح ،وان على الجميع التحرك الجاد لدعم خطوات المصالحة دون المساومة على الثمن ،فما دفعناه منذ كارثة الخليج يفوق التصور ،ومع ذلك نتمنى على الجميع ألا ينسوا دم الكاتب السعودي جمال الخاشقجي، الذي قضى في قنصلية بلاده بإستانبول خنقا وتقطيعا على يد مدير الطب الشرعي في الأمن السعودي صلاح الطبيقي .