بدأ محارب الصحراء رياض محرز، يُعبر عن نفسه بشكل حقيقي مع مانشستر سيتي، بتقديم التنوع، الذي كان يبحث عنه الفيلسوف الكاتلوني بيب جوارديولا، ليبقى صامدًا في بلاد الضباب للموسم الثاني على التوالي، بعدما احتاج قرابة العام ونصف، ليتّوج بأول ألقابه مع "السكاي بلوز"، بفوزه على آرسنال في نهائي كأس الرابطة، ومن ثم اللقب الأهم "البريميرليج"، بإنجاز الـ100 نقطة.
ثقة جوارديولا
صدمة مُحزنة أصابت نجمنا العربي ???? pic.twitter.com/CpUptrNB3h — جول العربي - Goal (@GoalAR) October 30, 2018
يُحسب لبيب، أنه لم يتخل عن محرز بعد بدايته المتوسطة، وخصوصًا بعد اللحظة الفارقة، حين أهدر ركلة جزاء حاسمة أمام ليفربول في عقر دارهم "أنفيلد روود"، قبل نهاية قمة الجولة الثامنة بأربع دقائق، آنذاك تّحول الدولي الجزائري لمثار سخرية عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، للطريقة التي أهدر بها ركلة الجزاء، التي كانت ستضمن الصدارة للسيتي بفارق نقاط وليس أهداف قبل عطلة الفيفا الأخيرة، حتى أن كثير من النقاد، توقعوا خروجه من التشكيلة الأساسية بعد انتهاء الارتباط الدولي، إلا أن جوارديولا كان له رأي آخر.
جوارديولا الحكيم
تقمص جوارديولا دور الحكيم، في تعامله مع رياض بعد ركلة جزاء ليفربول، ووضح ذلك من خلال الاستمرار في إشراكه في التشكيلة الأساسية، وكانت أبلغ رسالة لكل من سخر من محرز أو تنبأ بفشله مُبكرًا، وضع الكرة في ملعب النجم العربي ليرد على المُشككين في قدراته وكفاءته بطريقته الخاصة، وقبل ذلك، خفف من عليه الضغوط، بالإصرار على الاعتماد عليه في مركز الجناح الأيمن المهاجم من العمق، وفي بعض الأوقات يتبادل مركز صانع الألعاب الصريح مع دافيد سيلفا.
ليست صدفة
الأهداف وحالة التألق التي يعيشها محرز بعد انفجاره في وجه توتنهام مساء الاثنين، لم تأت من قبل الصدفة أو من فراغ، لو عُدنا بالذاكرة للوراء، وتحديدًا آخر 3 سنوات، سنتذكر لعنة الفوز بالبريميرليج التي أطاحت بكل مدرب عانق اللقب منذ معجزة ليستر سيتي، مرورًا بطرد مورينيو من تشيلسي في منتصف الموسم التالي لفوزه بلقب 2014-2015، والأخير كونتي، الذي لم يشفع له أمام رومان آبراموفيتش فوزه بكأس الاتحاد الإنجليزي في آخر مباراة قبل إقالته، وبالنسبة لبيب، يفهم ويُدرك جيدًا، أن احتفاظ آخر 3 أبطال للدوري بأفكارهم التي قادتهم للفوز بالبطولة، هي نفسها التي عجلت بإقالتهم.
فلسفة جديدة
رغم النجاح غير المسبوق لفلسفته الموسم الماضي، بتحطيم منافسيه، بالهجوم الضاري من على الأطراف، خصوصًا من جهة بنجامين ميندي قبل إصابته وليروي ساني، وبدرجة أقل الجهة اليمنى، التي تّحسنت بعد انخراط بيرناردو سيلفا مع ووكر هناك، إلا أن جوارديولا فَضل تغيير نفسه، حتى لا يكون كتابًا مفتوحًا أمام مدربي البريميرليج، على غرار رانييري، مورينيو (تشيلسي) وكونتي، ولذلك، تعاقد مع رياض محرز، ليُعطي حلول جديدة من العمق، جنبًا إلى جنب مع المُبدع الأشقر كيفن دي بروينه، والأهم، ليتسلم الراية من الأسطورة دافيد سيلفا بعد رحيله شبه المؤكدة الصيف القادم.
بداية الحصاد
هكذا دعم جوارديولا لاعبه الجزائري الجديد، أقنعه أنه عاد لطلبه للمرة الثانية، بعد فشل محاولة الشتاء، لأن السيتي يحتاج إبداعاته ولحظاته الفردية الخاصة، سواء بتمريرة حريرية عبقرية، أو تسديدة R2 على طريقته الخاصة، المهم أن يُعطي حلول جديدة من العمق أو من على الأطراف، هذا في حد ذاته، خلق نوع من أنواع المنافسة الحامية الوطيس بينه وبين دي بروينه، دافيد سيلفا، بيرناردو سيلفا ورحيم ستيرلينج، لأخذ مكان في التشكيلة الأساسية، وبالكاد هذا ما كان يبحث عنه جوارديولا، لينوع أفكاره في الهجوم، وهذا نُشاهده في جُل مباريات السيتي، عندما يشعر بصعوبة الاختراق من العمق، يلجأ لحل الأطراف والعكس صحيح، والمُثير حقًا، أنه يُغامر بتغيير أفكاره مرتين أو ثلاثة في الشوط الواحد، لهذا بدأ يجني ثمار ثقته في محرز، والأهم.. أنه تفادى لعنة الفوز بالبريميرليج، باحتفاظه بالصدارة ولو بفارق الأهداف عن الوصيف في حملة الدفاع عن لقب الـ100 نقطة.