أنشيلوتي × ساري .. بداية متشابهة، وثلاثة اختلافات رئيسية

آخر تحديث 2018-10-31 00:00:00 - المصدر: جول


كتب | تامر أبو سيدو | فيس بوك | تويتر


تولى كارلو أنشيلوتي مهمة تدريب نابولي خلفًا لماوريتسيو ساري الذي شد الرحال إلى لندن لتدريب تشيلسي بعد خلافات مع أوريليو دي لاورينتيس رئيس النادي الإيطالي حول سياسته في استخدام اللاعبين وعدم فوزه بالألقاب.

ولأنه المدرب الذي خلف ساري صاحب الأداء المقنع والممتع مع نابولي خلال السنوات الأخيرة، كان لابد من المقارنة بين الرجلين وعملهما ونتائجهما مع الفريق الجنوبي.

من صاحب البداية الأفضل؟

يتشابه المدربان كثيرًا في بدايتهما مع نابولي، إذ جمع ساري 21 نقطة بعد 10 جولات فيما جمع أنشيلوتي 22 نقطة، لكن الأول نجح بالفوز على يوفنتوس وميلان ولاتسيو وخسر مباراة واحدة أمام ساسولو فيما أنشيلوتي حقق الفوز في 7 مباريات وخسر أمام سامبدوريا ويوفنتوس وتعادل ضد فيورنتينا.

ولم يلعب ساري في موسمه الأول في دوري أبطال أوروبا، بل حقق 3 انتصارات متتالية في الدوري الأوروبي، فيما حقق أنشيلوتي نتيجة مخيبة بالتعادل مع النجم الأحمر في دوري الأبطال لكنه بعدها هزم ليفربول في سان باولو وتعادل مع باريس سان جيرمان في فرنسا بعدما كان على بُعد دقيقة من الفوز.

لكن ما الفوارق بين المدربين؟ نتحدث عن 3 فوارق رئيسية ..

1- المرونة الخططية

اعتاد ساري اللعب مع إمبولي بطريقة لعب 4-3-1-2 واستخدام صانع ألعاب كان ريكاردو سابونارا، لكنه غير طريقة لعبه تلك لتناسب لاعبي نابولي خاصة توفر عدد من الأجنحة، لعب بطريقة 4-3-3 الهجومية وباستخدام جناحين وبينهما مهاجم هو جونزالو هيجواين.

ولم يُغير ساري طريقة لعبه أبدًا مع الفريق، سوى لفترات قصيرة خلال المباريات طبقًا للنتيجة والمعطيات، وليس هذا فحسب بل حتى الجمل الهجومية وتحركات اللاعبين دون كرة كانت تتكرر كل مباراة دون تغيير، وما كان يؤدي لنجاحها هو تنفيذها بجودة عالية يعجز أمامها الدفاع المنافس.

ساري كان يعتمد مثلًا على التمريرات الطولية القطرية بين جناحيه، تكون الكرة لدى إنسيني يتقدم بها للأمام عدة أمتار ليمرر تمريرة طولية قطرية للجناح الآخر كاييخون الذي يتحرك في المساحة الخالية، يستلم الكرة ويتصرف بعدها إما بالتوغل والتسديد أو التمرير عرضيًا للمهاجم هيجواين. تحركات هامسيك من الوسط الأيسر لعمق الملعب أيضًا كانت متكررة، كان يُحول طريقة اللعب إلى 4-2-3-1 بتحركاته ويُعزز من عدد المهاجمين داخل وعلى حدود منطقة جزاء المنافس.

في المقابل، يختلف أنشيلوتي تمامًا هنا .. إذ لعب المدرب حتى الآن وخلال 13 مباراة فقط بكل طريق اللعب المتاحة تقريبًا، لعب بـ4-3-3 و4-2-3-1 و4-3-2-1 و4-4-2 حتى استقر مؤخرًا على 4-4-2 لكنها قابلة للتغيير. تلك المرونة لا تكمن في طريقة اللعب فقط بل في توظيف اللاعبين وتحركاتهم على أرض الملعب، إذ تارة نرى كاييخون جناح أيمن للوسط وتارة مهاجم طرفي، ولعب إنسيني جناح مهاجم ثم مهاجم متحرك، فيما لعب هامسيك كصانع لعب وكلاعب وسط أيسر وكمحور ارتكاز أيضًا.

وقد لخص أوزيبيو دي فرانشيسكو الفارق بين المدربين في تلك النقطة بقوله قبل مباراة نابولي الأخيرة ضد روما "تحركات ساري مع نابولي كانت مكررة، لكنهم الآن مختلفين، لقد أضاف لهم أنشيلوتي بخبرته".

هذا الأمر لا يمنع حقيقة واضحة وهي أن نابولي مازال يلعب كثيرًا بأفكار ساري خاصة هجوميًا، مازالت بصمة المدرب حاضرة وذلك منطقي تمامًا، لكن في المقابل بدأت لمسات أنشيلوتي تظهر عولى الفريق بقوة خاصة في المباريات الأخيرة.

2- المداورة بين اللاعبين

أحد الأسباب الرئيسية في خلاف دي لاورينتيس مع ساري هو اعتماده على 13 لاعبًا فقط في نابولي خلال الموسم بالكامل، مما يجعل الفريق يصل مراحل الحسم الأخيرة من الموسم مرهقًا بدرجة كبيرة، سواء بدنيًا أو ذهنيًا، ولذا يتراجع الأداء والنتائج ويخسر الفريق ما فعله طوال الموسم.

ويرى الرئيس أن النادي يضم عددًا من اللاعبين الجيدين جدًا لا يعتمد عليهم ساري أبدًا ويُهملهم تمامًا رغم أن نابولي دفع الملايين مقابل ضمهم مثل لاعب الوسط روج والمدافع ماكسيموفيتش والمهاجم بافوليتي وزميله إنجليزي، بجانب عدد آخر وصل النادي ورحل دون أن يلعب وينال فرصته الكاملة.

لو سألت أي مشجع للكالتشيو عن تشكيل نابولي خلال السنوات الثلاثة الماضية تحت قيادة ساري، لتمكن من سرده بكل سهولة وسرعة، هذا لأنه بالفعل لم يكن يتغير إلا في الحالات الطارئة والإجبارية، فالمدرب لم يكن يثق سوى في 11 لاعبًا أساسيًا وبديلين أو ثلاثة يستخدمهم وقت الحاجة، أما البقية فليس لهم وجود.

أنشيلوتي يسير في الاتجاه المعاكس تمامًا فيما يخص تلك النقطة، حتى أنه بالغ كثيرًا في استخدام اللاعبن حتى أنني قلت في إحدى حلقات مقال "جنة كرة القدم" أن عقده ربما يتضمن بندًا يُجبره على استخدام كل هذا الكم من اللاعبين، والذي تخطى 20 لاعبًا خلال 13 مباراة فقط.

اليوم لا يمكن أبدًا التنبؤ بالتشكيل الأساسي لنابولي، من سيلعب في الهجوم، ميرتينز أم ميليك؟ رويز سيشارك في الوسط أم زيلينسكي؟ هل سيلعب ماكسيموفيتش في الدفاع أو الظهير الأيمن؟ حتى حراسة المرمى لم تفلت من المداورة.

هذا فارق كبير بين المدربين ربما يعمل لصالح نابولي في مراحل الحسم، خاصة أن المدرب سيصل فبراير القادم ولديه عدد كبير من اللاعبين الجاهزين والذين شاهدهم وجربهم ويعرفهم ويعرف قدراتهم تمامًا، بالتالي يُمكنه استخدامهم جيدًا في تلك الزحمة من المباريات، كما أنه سيحافظ على الحالة البدنية والذهنية للمجموعة الأساسية وأهم النجوم لديه.

نشاهد مثلًا الأداء الممتاز من فابيان رويز حاليًا مع نابولي، ربما لم نكن لنشاهد اللاعب يلعب سوى لبضع دقائق لو كان ساري مازال في ملعب سان باولو، وبعد أشهر سيُباع بخسارة كبيرة كما حدث مع عدد من اللاعبين، وباعتقادي أن نابولي خسر مثلًا الثنائي روبيرتو إنجليزي ولورينزو تونيلي.

3- الواقعية في الأداء

نابولي كما قلت مازال متأثرًا بأفكار ساري وهويته الفنية، وهذا ربما لصالح الفريق حاليًا خاصة من ناحية جمال الأداء وجودته الفنية، لكن أفكار أنشيلوتي المتمثلة بالواقعية واللعب المباشر أصبحت حاضرة كذلك في أداء الفريق. نابولي لم يعد يُفضل الاستحواذ دومًا، ولم يعد يمرر الكرة بشكل مبالغ به، بل أصبح يلعب كثيرًا التمريرات الأمامية والمباشرة ويُحاول الوصول للمرمى بأقصر طريق وأقل وقت ممكن وهذا تطور مهم في الجودة الفنية للفريق.

 

لو نظرنا مثلًا لعدد التمريرات في المباريات الـ10 الأولى من الموسمين، الماضي والجاري، لرأينا فارق يزيد عن ألف تمريرة لصالح الموسم الماضي، والمثير أن هذا الفارق يظهر أكثر في نصف ملعب المنافس مما يعني أن نابولي أصبح يلعب كرة قدم مباشرة أكثر دون التمرير العرضي الكثير.

الجميل في هذا الجانب أن يتمسك نابولي بأفكار ساري من حيث الأداء الجميل والتمريرات السريعة والتحركات المنسجمة، لكن من المهم أيضًا أن يمتاز الفريق بشيء من الواقعية ويمتلك ميزة اللعب المباشر والحصول على النتيجة ووضعها الهدف الأهم لأن تراكم النتائج الإيجابية هو ما يصنع الإنجاز وليس كرة القدم الجميلة وآهات الجماهير.