تنفس عشاق ريال مدريد الصعداء، بالفوز العريض الذي تحقق مع المدرب المؤقت سانتياجو سولاري، على حساب ميليلة برباعية نظيفة في ذهاب دور الـ32 لبطولة كأس ملك إسبانيا، وفي أول مهمة بعد تسلمه كرة اللهب المُشتعلة بعد إقالة جولين لوبيتيجي، على خلفية سلسلة النتائج الكارثية، التي كان آخرها السقوط المدوي أمام عدو كاتلونيا "برشلونة" بخماسية مع الرأفة في كلاسيكو الأحد الماضي.
تأثير زيدان
واحدة من أبرز الأسباب التي قادت جولين لوبيتيجي للذهاب إلى الهاوية بسرعة البرق، محاولته طمس تأثير زيدان بأثر فوري، أراد فرض أسلوبه القريب من "التيكي تاكا" من أول مباراة، ولم يضع في اعتباره أن هذه المجموعة متمرسة على طريقة ونظام منذ أكثر من عامين ونصف، لم يتعلم من تجربة ماسيميليانو أليجري في بداية رحلته مع يوفنتوس، عندما تعامل بتواضع شديد، بإبقاء نظام وطريقة أنطونيو كونتي بدون تفلسف، إلى أن وضع يده على الفريق، احتاج أكثر من 6 أشهر، لتظهر بصماته وأفكاره بالطريقة التي وصل بها لنهائي دوري أبطال أوروبا عام 2015، بينما لوبيتيجي سارع بعمل النقيض، ربما أخذته الشجاعة بعد نجاحه مع اللا روخا، بتجنب الخسارة في 21 مباراة.
ضريبة الخروج من عباءة زيدان
بدا وكأن لوبيتيجي جّسد في نفسه المقولة الشهيرة "جنت على نفسها براقش"، كان بإمكانه التحلي بالصبر قليلاً ليضع بصمته الخاصة، كما يفعل المدربين الخبثاء "كرويًا"، الذين لا يعبثون مع لاعبين معتادين على فكر مدرب بعينه فترة طويلة، والعناصر المتاحة للوبيتيجي، هي نفسها التي قضت آخر عامين ونصف مع زيزو، باستثناء كريستيانو رونالدو، المشكلة الأكبر، أن مدرب إسبانيا السابق، لا يملك ما يكفي من"الكاريزما" والهيبة ما يكفي لإقناع النجوم المتشبعة بالألقاب بأفكاره في يوم وليلة، في نهاية المطاف، هو مدرب أخذ صيته على المستوى الأكاديمي سواء مع شباب الريال أو شباب إسبانيا، حتى تجربته مع منتخب إسبانيا الأول، أثبتت أنه من النوع الذي يُجيد بعيدًا عن الضغط، والدليل على ذلك كوارثه في تجاربه مع الأندية مع رايو فاييكانو وبورتو وأخيرًا التجربة الأفشل في تاريخه مع أكبر وأشهر نادي كرة قدم في العالم.
ماذا يحتاج الريال؟
يحتاج الريال تأثير زيدان، ليس زيدان بشخصه، لكن يحتاج مدرب بكاريزما زيزو، مدرب بعقلية قادرة على احتواء النجوم الخاملة والمتشبعة بأمجد وأهم البطولات العالمية، وصدق قائد الفريق سيرخيو راموس عندما قال "أحيانًا إدارة غرفة خلع الملابس تكون أهم من الأمور الفنية داخل الملعب"، وهذه المقولة، تعكس صورة وشخصية المدرب المطلوب لإنقاذ موسم الفريق قبل فوات الأوان، وبالطبع سانتياجو سولاري، ليس رجل المرحلة، صحيح هو جاء في ظروف مشابهة لزيدان، بقدومه من فريق الكاستيا، لكنه لم يحظ بفرصة ذهبية، كالتي حصل عليها زيزو، عندما عمل كمساعد كارلو أنشيلوتي في موسم التتويج بالعاشرة، تجربة أثقلته موهبته أكثر من أي وقت مضى، قبل أن يحصل على وقته في حقل التجارب مع فريق الكاسيتا، وجُل الجماهير كانت تعرف أن بيريز يُحضر زيدان ليكون مدرب المستقبل، إلا أن تخبط الأوضاع مع رافا، عجلت بتوليه المهمة قبل الموعد المُحدد بستة أشهر أو سنة على أقصى تقدير.
المطلوب من سولاري
ريال مدريد الجريح يعود للطريق الصحيح بفوز معنوي 4-0 على ميليا في كأس ملك إسبانيا ⚪️???? pic.twitter.com/5eUWJvQzUh — جول العربي - Goal (@GoalAR) October 31, 2018
استكمال مهمته على أكمل وجه، بعد البداية الموفقة أمام مليلية، بتحقيق أفضل نتائج ممكنة أمام بلد الوليد وسيلتا فيجو وفيكتوريا بلزن، منها سيُسلم المدرب الجديد مفاتيح "البيرنابيو" في وضع وظروف هادئة، بعيدًا عن الأجواء غير الصحية التي على الورق، ما زال يعيشها الفريق بعد سلسلة الهزائم الأخيرة في الليجا، وأيضًا سيُعطي الجماهير إشارات لقدرته على تَحمل المسؤولية في المستقبل.
الاختيار الأنسب؟
ويبقى والسؤال الأهم.. من الاختيار الأفضل للمرحلة القادمة؟ من سيقع اختيار بيريز عليه في موعد أقصاه عطلة نوفمبر الدولية؟ قبل أن يتحول سولاري من مُجرد مدرب مؤقت، لبديل دائم بصلاحيات وامتيازات مدرب بعقد طويل الأجل –وفقًا للمادة 60 للقانون الإسباني-، التي تنص على هذا التحول بعد 14 يومًا من تعيينه في مهمته المؤقتة، والأفضل والأنسب لهذه المرحلة، يبقى أنطونيو كونتي، حتى بعد ما قيل عن تعثر المفاوضات لعدم توصل وكيل أعماله إلى اتفاق مع فلورنتينو بيريز، في بنود تتعلق بمدة العقد وصلاحيات المدرب في البيع والشراء وأشياء أخرى من هذا القبيل.
بدرجة أقل، يأتي الإسباني روبيرتو مارتينيز مدرب المنتخب الإسباني، يتحدث الإسبانية وأثبت أنه قادر على احتواء غرفة خلع ملابس مدججة بالنجوم، على غرار ما فعله مع المنتخب البلجيكي في مونديال روسيا، الاختيار الثالث، يبقى الفرنسي آرسن فينجر، لعدم ارتباطه بنادي، وأيضًا لسهولة التفاوض معه بدون تعقيدات مثل كونتي، أما مورينيو، فيبقى الاحتمال الأضعف رغم أنه مطلب من قبل بعض الجماهير، بعيدًا عن انحصار تركيزه مع مانشستر يونايتد، فهو سيأتي بشروطه التي لا تختلف كثيرًا عن كونتي، بل ربما يفوقه في الطلبات، وهناك أسماء أخرى مُرشحة لكنها مرتبطة بعقود ومشاريع، في مقدمتهم ماوريسيو بوتشينيو، ماسيميليانو أليجري.
تأثير رونالدو
نيمار أم مهاجم صريح | من الأفضل لحل معضلة هجوم الريال بعد رونالدو؟
أفضل من علق على تأثير رونالدو على ريال مدريد، هو المدير الرياضي السابق لليوفي مودجي، بقوله "اليوفي إشترى ريال مدريد بـ100 مليون يورو"، مقولة تُلخص كلمات كثيرة وقصص عريضة، فقط أقل ما يُمكن قوله، أن بيريز ارتكب أكبر خطأ في تاريخه الإداري، بالتخلي عن كريستيانو دون أن يجلب ولو بديل قادر على تسجيل نصف الأهداف التي كان يُسجلها الهداف الأسطوري كل موسم، خطأ يدفع ثمنه خط الهجوم، الذي غاب عنه متحدثه الأول والرسمي في آخر 9 سنوات، والحل الوحيد؟ ضم رأس حربة من الطراز العالمي عاجلاً وليس آجلاً.