باسم السالمي
لطالما كانت كرة القدم في تعريفها الأصلي فسحة للمتعة ومجالاً لنشوة خاصة لا يعرفها إلاّ المتيمون بالجلد المدوّر، وفي تعريفها الإنساني هي جسر للتقارب بين الشعوب، ولكن أحياناً تخترق هذا المشهد الكروي أخطاء تغيّر من مفهوم اللعبة.
الحكم الجزائري مهدي عبيد شارف (37 سنة دولي منذ سنة 2011) الذي أشرف على إخراج مشهد مظلم لشوط أول من نهائي أفريقي في الاسكندرية، كان من المفترض أن يكون وجهاً مشرقاً للقارة السمراء بين كبيرين من أكبر أقطابها الكروية.
برغم حضور الـ"VAR".. عبيد لا يصيب القرار
موعد برج العرب، لم يمتلك من شعارات القمة غير الاسم، لأنّ الفحوى كان عبارة عن مجموعة أخطاء تحكيمية فادحة "ذبحت" الترجي وفق وصف طارق ذياب (شاهد الفيديو أعلاه)، وهو ما أقرّه أيضاً الخبير التحكيمي لـ"beIN SPORTS" الحكم المونديالي السوري القدير، جمال الشريف، الذي أسهب في شرح حالتي ركلتي الجزاء اللتين مُنحتا للدولي المغربي وليد أزارو، الذي كان يستحق الطرد بالبطاقة الحمراء قبل عملية ركلة الجزاء الثانية.
ما هو أسوء من الفشل في اتخاذ القرار الصائب، هو تسجيل تقنية الـ"VAR" حضورها للمرة الأولى في أفريقيا، وهو حدث كان من المنطقي أن يساعد الحكم على إدارة المباراة لا إخراجها بصورة قاتمة.
وما يزيد من التساؤلات هو أنّ الحكم الجزائري دخل في نقاشات محتدمة دامت لدقائق مع حكام الـ"VAR"، بل وعارضهم في القرار، وهو ما يكشف جانباً آخر له علاقة وطيدة بالاتحاد الأفريقي لكرة القدم "CAF" الذي لم يختبر هذه التقنية قبل الزج بها مباشرة في امتحان النهائي، وهو ما يبرر الارتباك وعدم التناغم بين حكم الساحة وحكام الـ"VAR" الذي وُجدوا لمساعدة الحكم لا لإرباكه، ولكن معارضة عبيد لقرارات زملائه كانت نقطة استفهام كبيرة، استعصى فهمها على الكثيرين، ومنهم محلل "beIN SPORTS" طارق ذياب، وهو أحد الذين تساءلوا السؤال التالي. لماذا يعارض عبيد حكام الـ"VAR" ويستأثر بمسؤولية القرار؟
وفي السياق ذاته، ذكر محلل "beIN SPORTS" والمدرب المغربي المحنك حسين عموتة أنّ الحكم أثر على نتيجة المواجهة بشكل واضح، ووصف المباراة بأنها "فقيرة" فنياً (شاهد الفيديو أعلاه).
في "غياب" ابن قسنطينة.. "دهاء" الأهلي يحضر
في ظل أخطاء مهدي عبيد، كان لا بد على الأهلي أن يستثمر خبرته ويوظّف دهاءه، والاستفادة لأقصى حد ممكن من الصافرة غير الصائبة، التي منحت ركلتي جزاء وتغاضت عن طرد المغربي أزارو بعد صفعه بوضوح بالغ لمدافع الترجي، شمس الدين الذوادي، قبل مشهد مخالفة المسك التي قام بها الأخير في منطقة الجزاء.
أزارو، الذي كان الفاعل الرئيسي، في ليلة برج العرب، أثبت بالدليل القطعي، أنّ استثمار أخطاء الحكم الجزائري في ذهاب النهائي كان "خبثاً كروياً" جاء موظفاً في سياق أحداث المباراة المتسارعة، وهو ما تفسّره لقطة تقطيع قميصه بنفسه محاولة منه لإيهام الحكم بأنّ مدافع الترجي هو من جذبه وارتكب الخطأ بحقه، وهو خداع كشفته عدسات الكاميرا ولكنه انطلى على الحكم (شاهد الفيديو).
"احترافية" جمعة
استحق وائل جمعة، محلل "beIN SPORTS"، والنجم السابق للأهلي المصري، تحية تقدير واحترام، لموقفه الأخلاقي الرفيع من مجموعة الأخطاء التي ارتكبها الحكم الجزائري، ورغم أنّ النتيجة صبّت في مصلحة فريقه الأم، لم يخف جمعة أنّ الحكم لم يكن في مستوى حدث قاري كبير بقيمة نهائي دوري أبطال أفريقيا (شاهد الفيديو أعلاه).
وبرغم الإقرار بالمردود المهزوز الحكم، أكّد جمعة على جدارة الأهلي بالفوز، وأثنى إلى جانب طارق ذياب على الدور الكبير للمايسترو وليد سليمان في فوز الأهلي (سجل ضربتي جزاء وأهدى تمريرة حاسمة).
خلاصة "برج العرب"
ما حدث في برج العرب كان الجميع بغنى عنه لأنّ الأهلي كبير أفريقيا دون "مساعدة" عبيد شارف، الذي كان صاحب المسؤولية الأولى في إفساد حفل النهائي كما ذكر طارق ذياب (شاهد الفيديو أعلاه). وما هو مؤسف حقاً أنّ جميع أضلاع هذا النهائي الأول كانت هويتها عربية، وهي صورة يجب استدراك إصلاحها بعد أسبوع في موقعة الإياب برادس، التي نتمنى أن تكون أقل قتامة حتى لا نقول أكثر إشراقاً.