حسين عمران
وقبل ان نجيب ، لابد من التعريف بـ " الدولة العميقة " ومَن هم هؤلاء الـ 4000 موظف الذين كما يبدو (على رأسهم ريشة)!. فهم أيضا يشكلون عماد الدولة العميقة!. لا بل أن بعض النواب قالها صراحة أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إذا لم يقضِ على الدولة العميقة فإنها ستقضي عليه!.
الدولة العميقة هذه هي من تحكم فعليا، وقد نشأت وترعرت في ظل خيمة الأحزاب المتنفذة، وهذا يعني لا أحد يستطيع ان يحاسب أو يراقب ما يفعله شخوص هذه الدولة، التي تعدادها كما كشف بعض النواب نحو 4000 موظف ينتشرون في كل مؤسسات ووزارات وهيئات الدولة العراقية!.
نعم 4000 موظف بدرجة وكيل وزارة ومدير عام ورؤساء هيئات، منها مستقلة،ومنها غير مستقلة، هؤلاء هم من يتحكمون بكل صغيرة وكبيرة في الدائرة الموجدين فيها ، لا يخضعون للقوانين فبيدهم القانون،لأنهم تابعون الى الأحزاب المتنفذة التي تحميهم من اية مساءلة أو محاسبة أو مراقبة ، لذا فكل الموظفين حتى ولو كانوا اعلى درجة وظيفية فهم يخضعون أيضا لتعليمات وشروط الـ 4000 هؤلاء!.
الأحزاب المتنفذة، خاصة تلك التي تسنمت حكم العراق بعد العام 2003، هي من اوجدت هذه الدولة العميقة ، فهي من وزعت عناصرها "وعملاءها" في كل مؤسسات الدولة لكي تنقل لها كل شاردة وواردة في المؤسسة التي يوجدون فيها، ولأجل معرفة ما يدور في كل مؤسسات الدولة فقد منحت الأحزاب المتنفذة هؤلاء الـ 4000 موظف درجات وظيفية سميت بـ "الدرجات الخاصة" وهي تشمل وكلاء وزارات ومديرين عامين ورؤساء هيئات ومستشارين!.
والمشكلة الأكبر ان هؤلاء الـ 4000 موظف ربما لا يحملون شهادات عليا، وهم بلا اختصاص وبلا اية خبرة ، إلا انهم وضعوا بنفوذ احزابهم في أماكن حساسة تمر من خلالهم الصفقات والتعاقدات والمشتريات، كما ان بعضهم تخطى الحد القانوني لسن التقاعد 63 عاما إلا انهم باقون في مناصبهم ما داموا ينفذون أوامر وتعليمات مسؤوليهم في الأحزاب التي ينتمون اليها!.
والمفارقة الأخرى هي ان القانون العراقي ينص على ان أي مدير عام أو وكيل وزارة أو رئيس هيئة مستقلة لا يجوز تعيينه الا بموافقة البرلمان، لكن ومنذ العام 2008 (بداية تأسيس الدولة العميقة) بات تعيين الدرجات الخاصة ووكلاء الوزارات والمديرين العامين لا يمر من خلال البرلمان، بل يتم التعيين بالتوافق بين الأحزاب المتنفذة!.
ومن هنا، ولخطورة هذه الدولة العميقة فقد دعا عدد من رؤساء الكتل النواب الى ضرورة الغاء هذه الدولة العميقة ليتم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، حيث دعا هؤلاء رئيس الوزراء الى انهاء مهمات هذه الدولة التي تعشعش داخل كل مؤسسات الدولة.
نعم، هو تحد كبير أمام السيد رئيس الوزراء بضرورة القضاء على هذه الدولة المؤلفة من نحو 4000 موظف، لكن السؤال هل سيتمكن عبدالمهدي من ذلك، وينهي وجود هذه الدولة التي تحميها الأحزاب المتنفذة؟، وهل سيتمكن عبدالمهدي من الصمود امام الأحزاب المتنفذة، وهو لم يزل في شهره الأول؟.
ومهما يكن الجواب فنعيد الى الاذهان قول احد البرلمانيين الذي قالها صراحة: إذا لم يقض عبدالمهدي على الدولة العميقة فهي التي ستقضي عليه!.