تنافس شديد بين المستقلين والجمعيات السياسية على الفوز بمقاعد البرلمان البحريني

آخر تحديث 2018-11-16 00:00:00 - المصدر: وكالة الحدث الاخبارية

  تشهد الانتخابات البرلمانية البحرينية تنافساً قوياً جداً بين المستقلين والتكنوقراط، الذين توجهوا بكثافة غير مسبوقة للترشح في الانتخابات البحرينية التي ستجري يوم الرابع والعشرين من الشهر المقبل، وبين الجمعيات السياسية، التي فقد أغلبها ثقة الناخب البحريني، بعد تجربة مريرة مع أدائها، الذي وصفه مراقبون بـ(الفاشل).  ويرى مراقبون ومرشحون مستقلون تحدثوا لـ(الحدث الاخبارية) أن سبب انحسار دور الجمعيات السياسية وبروز المستقلين بوضوح في انتخابات العام الحالي هو ابتعاد الجمعيات السياسية عن العمل السياسي المنظم وتركيزها على التنظير، وعدم تقديمها برامج سياسية تدرس المشكلات وتقدم الحلول لها مما استحقت معه عقابا شعبياً لها. في حين يقول المنتسبون إلى الجمعيات السياسية إن عمل المستقلين مبني على ردود فعل لما يريده الشارع وليست لهم رؤى أو برامج واضحة ولذلك فأنهم لن يستطيعوا تقديم الكثير. يدافع الأمين العام لجمعية الصف الإسلامي مرشح الدائرة الثامنة - مدينة الحد بمحافظة المحرق عبد الله بو غمار عن أداء الجمعيات السياسية ويرد على ما يتم تداوله عن انحسار دور الجمعيات بالقول: "إن الجمعيات السياسية كلها، على وجه التقريب، دخلت إلى السباق الانتخابي هذا العام بمرشحين في أغلب دوائر محافظات البحرين من اجل العمل على تقوية البرلمان بعد ما خيب المستقلون، وبخاصة في برلمان العام 2014 آمال الناخبين، واصفاً البرلمان الحالي بأنه الأسوأ في تاريخ البحرين، وقال: إن جميع أبناء الشعب، اليوم، يؤيدون الجمعيات السياسية لما تمتلكه من تكتيك في العمل السياسي وخبرات واسعة وعناصر عاملة في مختلف المجالات يفتقر إليها المستقلون. وأضاف أن البرلمانات في العالم تشكلها احزاب سياسية اما دور المستقلين فلا ربح فيه ولا طائل من ورائه، لكون المستقل لا يمتلك إلا رأيه ولا يستطيع فعل شيء تحت قبة البرلمان وخير شاهد على ذلك البرلمان الحالي. من جانبها، نفت مرشحة المنطقة الثانية في العاصمة دينا عبدالرحمن اللظي، وهي رئيسة مركز المنامة لحقوق الانسان ما يقال عن انحسار دور الجمعيات السياسية، مؤكدة أن ارتفاع عدد مرشحي الجمعيات أو انخفاضه تقرره الجمعيات نفسها فهي التي قررت طرح أسماء محددة واختارت دوائر انتخابية تملك فيها قبولاً لدى الناخبين، والمجال مفتوح أمامها للتوسع والحصول على مقاعد نيابية وبلدية، خصوصاً وأنها تواجه منافسة كبيرة من المستقلين الذين يراهنون في كثير من الأحيان على نشاطهم في المناطق وعلى تخصصاتهم العلمية، التي تصب في العمل البرلماني والبلدي، في حين كان معيار بعض الجمعيات هو أن يكون مرشحها ذا سمعة طيبة ولا يشترط فيه أحياناً أن يكون لديه أي نوع من الخبرات. وقالت إن الناخب هو الحكم بين المستقلين والجمعيات السياسية عند وصوله إلى صناديق الاقتراع، حيث سينتخب الكفاءات من المستقلين ويبتعد عن المرشحين الخاوين من الخبرات العلمية والعملية والذين يعتمدون على القبلية أو القدرات المالية، مشيرة إلى أن "مجلس النواب يحتاج إلى من يستطيع إدارة دفة التشريع لتصب في صالح المواطن، والعضوية ليست تسابقاً للحصول على أكبر عدد من المقاعد كمكتسب للجمعية السياسية ولا هي للمكانة الاجتماعية بقدر ما هي لخدمة الوطن والمواطن". بالمقابل، رأى مرشح الدائرة الثالثة المحافظة الجنوبية محمد يوسف الحوسني، وهو نائب رئيس تجمع الوحدة الوطنية ومرشح التجمع في انتخابات 2018 أن اخفاق الجمعيات السياسية في الدورات السابقة واداءها الخجول، باستثناء الدورة الثانية في 2006، جاء من أن الشارع يرى أنها أخفقت في مهمتها ولم تلب الطموح لكن هذا ليس حكما قاطعا على فشلها ولا على نجاح المستقلين والتكنوقراط، كما قال، مشيراً إلى أن تجربة المستقلين في العام 2014 كانت فاشلة بالمقاييس كلها، وأن البرلمان الحالي كان الأسوأ في تاريخ البحرين. وعزا المشاركة المحدودة للجمعيات في الانتخابات الحالية إلى أسباب كثيرة منها المادية بالدرجة الاولى فلم تعد الجمعيات اليوم كما كانت في السابق قادرة على الالتزام بالامور الأساسية لتوقف الدعم الحكومي والمادي عنها مما افرز عدداً محدوداً من الاستحقاقات النيابية القادمة.  وقال: "نحن امام رهان حقيقي وهو ادراك الناخب البحريني دور الجمعيات السياسية، التي تمتلك الرؤية العلمية والخطط والمستشارين وبين المستقل  الذي لا يمتلك رؤية ولا خططا ويعمل باجتهادات شخصية ومحدودة غير قادر على تلبية طموحاته ولا طموحات الناخب"، نافياً أن يكون هناك عقاباً شعبياً للجمعيات السياسية، ولكنه استدرك: "إن أبناء الشعب عاقبوا الجمعيات في الدورات السابقة لأنها انشغلت بأمور اخرى مثل صراعها الطائفي وتركت مصالح الناخب، فكانت الاغلبية في الدورة السابقة للمستقلين، حيث كان فيها 37 نائباً مستقلاً". لا يتوقع الحوسني ان يقدم المستقلون اي شيء لوجود تحديات كبيرة لا تعتمد على الأمزجة والخواطر والأفكار غير الناضجة وغير المدروسة في مقابل خطط حكومية كبرى تحتاج الى رؤية سديدة وبرامج مدروسة، مشيراً إلى أن هناك جمعيات ايديولوجية واخرى عقائدية ليس لديها الرؤية والبرامج والمقترحات، التي تواجه بها تلك التحديات وتضع العلاجات  للمشكلات القائمة، باستثناء جمعيات قليلة منها جمعية الوحدة الوطنية، التي لا تملك فكراً ايديولوجياً على حساب الاخر وتمتلك من الرؤى ما لا تمتلكه الكثير من الجمعيات العقائدية والايديولوجية، التي تدغدغ مشاعر الناخب بمشاريع وهمية. بينما لا يجد مرشح المنطقة السابعة في محافظة العاصمة فاضل حبيب، وهو أكاديمي بحريني، أن هناك مشكلة مع المستقلين التكنوقراط الذين قد يشكلون لأنفسهم كتلة موحدة داخل البرلمان في حال فوزهم، ولكنه يرى أن المشكلة "في المترشحين الذين لا يعرفهم أحد ويخرجون من القمقم كل 4 سنوات ويدّعون الاستقلالية"، وقال: "إن جميع الكتل السياسية التي دخلت مجلس النواب ومنذ العام 2002 كانت تمثل الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي، ولم تفرز كتلة وطنية تضم الشعب البحريني كافة بمختلف مكوناته ومذاهبه وطوائفه وأعراقه". يستبعد حبيب أن يكون بإمكان المستقلين التأثير كثيرا في العملية السياسية، لأن المرجو منهم ومن عموم النواب تحقيق المطالب المعيشية للمواطنين أو في أقل تقدير المحافظة على المكتسبات وتالياً يتم صرف النظر عن أهم المسائل وهي (التشريع والرقابة). وانتقد النائب المستقل عن الدائرة الثامنة الشمالية خالد عبدالله عبدالعزيز المناصير أداء المجلس النيابي لعدم تلبيته طموحات شريحة كبيرة من أبناء الوطن، بسبب التزام نواب الجمعيات بأوامر جمعياتهم الحزبية وعدم ملامسة احتياجات الشعب التشريعية مما ولد ردة فعل عكسية تجاه الجمعيات السياسية بعد الثقة التي منحها لها الشعب، فضلاً عن إرتفاع مستوى الوعي الديمقراطي. ويتوقع أن ينجح المستقلون في الدورة المقبلة بتقديم تشريعات جوهرية وواقعية تلامس مكونات الشعب كافة من دون اي تفرقة، ملمحاً إلى أن أخطاء الجمعيات كانت عدم تواصلها وملامستها لتطلعات المواطنين الحقيقية، لتشبثها بالأجندة الحزبية الضيقة. لكن المستشار السياسي أحمد الخزاعي عزا ظهور المستقلين بهذا القدر الكثيف إلى تراجع فاعلية الجمعيات السياسية وعدم امتلاكها برامج وانحصار عملها بردود الفعل، واصفاً الأغلبية الساحقة من المستقلين بأنها لا تملك اَي فكر سياسي وليس لها اَي خبرة سياسية أو تفاعل سياسي سابق، وأن ظهورهم جاء نتيجة لخلو الساحة السياسية من شخصيات حزبية تقود الساحة الشعبية. وشدد على أن خطأ الجمعيات الأساسي هو الابتعاد عن العمل السياسي المنظم والتركيز على التنظير، من دون تقديم برامج سياسية تدرس المشكلات وتقدم الحلول، "فلم نسمع لحد الان عن جمعية سياسية تقدمت بمشروع اقتصادي يدرس الوضع ويسهب في تقديم حلول علمية وتفصيلية كما ينبغي، بل كانت تخاطب الحكومة لتقوم هي بحل تلك المشكلات وكأنها لا تعلم ماهي وظيفتها تحت قبة البرلمان".