هيثم محمد فيسبوك تويتر
في إحدى حلقات المسلسل الديستوبي الشهير "بلاك ميرور" تفقد "مارثا" زوجها في حادثة، ولكن بدلاً من التعايش مع المآساة تلجأ لشركة تتمكن من تصنيع "دُمية" حية تعوض غياب الفقيد. بدا الأمر وكأنه ينجح في البداية، نفس الشكل والملامح، ولكن تبدأ المشاكل في الظهور عندما تكتشف "مارثا" أن زوجها الجديد ما هو إلا نسخة قبيحة من زوجها الراحل.
من تابع نابولي في السنوات الثلاث الأخيرة تحت قيادة ماوريتسيو ساري وشاهد ولو بضع مباريات لتشيلسي تحت قيادته هذا العام سيرى ما يقوم به المدرب الإيطالي بلندن ومدى التشابه بينه وبين "مارثا" التي حكينا قصتها سالفاً.
إذا تحدثت مع أي مشجع لتشيلسي هذا العام لن تسمع منه إلا كلمات المديح بما يقدمه المدير الفني الإيطالي حتى الآن في عاصمة الضباب، نجح ساري في إعادة الحياة مرى أخرى للبلوز في تلك الأشهر القليلة، وأعاد الكرة الهجومية التي كان نسيها الجمهور في حقبة أنطونيو كونتي.
ولكن من يعرف ساري سيلاحظ أن فريق تشيلسي الحالي ما هو إلا إعادة استنساخ لنابولي الخاص به، نفس الرسم التكتيكي 4-3-3، نفس أسلوب اللعب الذي أبهر العالم وعلى رأسه بيب جوارديولا بالاعتماد على الكرات القصيرة والاستحواذ، حتى أنه حاول تطويع بعض من لاعبي البلوز لأداء نفس أدوار نجوم نابولي السابقين.
رأي غير محايد | هل حان وقت المغامرة والاستغناء عن ميسي في الأرجنتين؟
أقنع ساري فريقه الجديد بشراء جورجينيو ليوفر عناء البحث عن لاعب مشابه له، وحاول ساري تحويل نجولو كانتي إلى "ألان الجديد"، وطوع كلاً من روس باركلي وماتيو كوفاسيتش ليصبحا "ماريك هامسيك" تشيلسي، وفشلت محاولته في إيجاد "كوليبالي" جديد في هيئة أنتونيو روديجر.
ولم تتوقف أوجه التشابه بين نابولي وتشيلسي ساري عن اللاعبين وأسلوب اللعب الممتع، فجلب ساري معه نفس العيوب التي عانى منها فريق الجنوب الإيطالي وأولها الجمود الفكري لمدربه. اُنتقد ساري كثيراً مع نابولي بسبب تشبثه بتثبيت التشكيلة في حدود 14-15 لاعباً، كما أن تشبثه بنفس الخطة وعدم وضع خطط بديلة جعله كتاباً مفتوحاً حتى لصغار القوم مع توالي المباريات وأضاع عمل ثلاث سنوات بلا أي ألقاب وخروج أشبه بالمطرود من صفوف الأتزوري الإيطالي.
رغم البداية الإيجابية نسبياً لتشيلسي حتى الآن، ولكن نفس عيوبي نابولي ساري بدأت في الظهور، مجموعة مختارة فقط من اللاعبين هي من تدخل حساباته، والفريق في عدة مباريات بدا عاجزاً مثل مع إيفرتون عندما أجاد الخصم التعامل مع مفاتيح لعبه، وبالأخص إيدن هازارد.
بابلو إسكوبار .. الباترون الذي صنع مجد الكرة الكولومبية
ربما يكون ساري مع نابولي صنع فريقاً يقدم الكرة الأمتع منذ ميلان ساكي، بل وربما كان يستحق حتى التتويج الموسم الماضي لولا ما حدث في ذلك الأسبوع بين ميلانو وفلورنسا، ولكن المؤشرات تشير حتى الآن أن ساري يعيد التجربة في إنجلترا ولا يتطور ويأخذ خطوة للأمام في مشواره كما توقع الكثيرون بانتقاله للبريميرليج.
قد يكون ساري راضياً بمجرد صناعة فريق آخر يُمتع ويقدم كرة جيدة، ولكن الأكيد أن جمهور تشيلسي لن يشاطره الرأي عندما يبدأ سحر كرة ساري بالزوال، وتبدأ في الترحم على أيام الإيطالي الآخر وما جلبته معها كرته العقيمة من بطولات لا تضمنها "متعة" ساري.