هناك في شمال إيطاليا، تحديدًا خلف جبال الألب في مدينة تورينو، يترقب أصحاب القلوب القوية، ديربي "ديلا مولي"، الذي سيجمع مُمثل المدينة بالاسم بشقيقه الأكبر والأكثر شهرة يوفنتوس على ملعب "أولمبيكو دي تورينو"، ضمن منافسات الجولة الـ16 للدوري الإيطالي، في مباراة نتيجتها ستكون بمثابة الهدية المثالية قبل الاحتفال بأعياد الميلاد بتناول مشروب المدينة الشهير "قهوة البيسرن"، في مطاعم وحانات ساحة "سان كارلو".
الفارق ليس شاسعًا
صحيح العقود الثلاثة الأخيرة بالذات، شهدت تفوقًا كاسحًا للبيانكونيري على غريمه في المدينة، لكن الطبقة الكادحة في تورينو، لا تنس أمجاد الماضي، خاصة في السنوات الأولى بعد حدوث الانفصال، بترتيب من مجموعة من عمال المصانع، تمردوا على الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال، آنذاك حقق تورينو انتصارات للتاريخ، منها فوزين بنتائج وصلت لثمانية أهداف دون رد وثمانية مقابل اثنين عامي 1912 و1913.
أسبوع مميز حقق فيه كوكب الأرض مهمة مستحيلة! ????
ربما صلاح يلعب لعبة الصحافة، لكن هل يُمكن أن تمر حلقة دون أن يظهر فيها مورينيو؟ ???? pic.twitter.com/uG2jYV19nD — جول العربي - Goal (@GoalAR) December 11, 2018
وفي العام التالي، خسر اليوفي الديربي بنتيجة 7-2، لكن مع الوقت، تبدلت الأوضاع تمامًا، إلى أن أن اليوفي ملك تورينو قولاً وفعلاً، بـ103 انتصارًا مقابل 73 هزيمة و62 مباراة انتهت بالتعادل، مع الوضع في الاعتبار، أن الكفة مالت للسيدة العجوز بهذه الطريقة، بداية من فترة الثمانينات، بعدما تّحول الفريق المدعوم من شركة السيارات العالمية، إلى واحد من أندية الصفوة في العالم، وليس في إيطاليا وحسب.
مانشستر الإيطالية
حتى منتصف الستينات، كانت الأفضلية الساحقة لتورينو، وبعد آخر كالتشيو تحقق في موسم 1976-1977، لم يكن أكثر المتشائمين من مشجعي تورينو، أن يتخيلوا أن تتسع الفجوة بين الناديين لهذا الحد، الذي يجعل مدرب اليوفي السابق أنطونيو كونتي، يقول عام 2015، أن مقياس الحُكم على مدى قوة فريقه ليس بالفوز على تورينو وفيورنتينا، بل على الإنتر، نابولي وروما وميلان، لكن الشيء الثابت ولم يتغير حتى الآن، الشعبية الجارفة التي يتمتع بها الفريق الصغير في المدينة الحديدية.
التقارير المؤكدة والتي تحظى بمصداقية لا بأس بها، تُجمع على أن النسبة في المدينة 50% لـ50% في كل بيت، أشبه بوضع مانشستر يونايتد والسيتي في عاصمة إنجلترا الثانية، فبرغم الفارق الهائل في شعبية الفريقين عالميًا، لكن داخل المدينة، تبقى دائمًا الرؤوس متساوية ومتقاربة إلى حد ما.
وهذا ينعكس دائمًا في المباريات التي تُقام على ملعب "المدينة"، تكون مواجهات مُعلقة ومُثيرة، ولعل أكثرها شهرة، تلك التي دفع كونتي ثمنها، حين رد عليه ماتيو دارميان وكوالياريلا بهدفين بعد هدف كارلوس تيفيز، ليُنهي تورينو عقدين من الزمن، لم يعرف خلالهم طعم الفوز على جاره في المدينة.
بذكريات 2015
سيخوض فريق المدرب والتر ماتزاري المباراة، ومعنويات اللاعبين في عنان السماء، وفي أجواء مشابهة لديربي ابريل 2015، حيث كان اليوفي في أفضل حالاته على المستوى المحلي، وأغلب التوقعات كانت تصب في مصلحة أصدقاء بول بوجبا في موسمه الأخير قبل الرحيل، حتى على المستوى القاري، كان البيانكونيري قاب قوسين أو أدنى من التأهل لنهائي دوري الأبطال.
والآن، تورينو، يعيش فترة استثنائية، مع الملاك الجُدد، الذين أعادوا الانضباط والالتزام بمواعيد المستحقات المالية في آخر عامين، لتأتي الثمار، بسلسلة من النتائج المُقنعة، جعلته يحتل المركز السادس في جدول ترتيب أندية جنة كرة القدم، بخسارة واحدة في آخر 10 مباريات، في حين اليوفي، لم يعرف طعم الخسارة بعد على مستوى بطولته المُفضلة محليًا.
وقاريًا. رغم تأهله لدور الـ16 لدوري الأبطال، إلا أنه عائد من سويسرا بهزيمة مُحبطة نفسيًا ومعنويًا أمام يونج بويز، والسؤال الآن.. هل سينجح تورينو في تحقيق ما فشل فيه الآخرون ويكون على موعد مع انتصاره التاريخي الـ74؟ أم لرجال ماسيميليانو أليجري رأي آخر بتحقيق الانتصار الرابع على التوالي دون أن تهتز الشباك والـ104 في تاريخ المواجهات المباشرة؟ دعونا ننتظر.