أحمد أباظة فيسبوك تويتر
كما كان متوقعاً ومنطقياً وعادلاً.. خسر مانشستر يونايتد مرة أخرى، تلك المرة أمام الغريم ليفربول الذي يواصل المضي قدماً نحو كسر دوامة العقود الثلاثة بلا دوري، ولكننا نعرف من المخطئ بلا شك.. أليس كذلك؟
إنهم هؤلاء الخونة الذين لا يقدمون كل ما لديهم، تاركين مدربهم يُصاب بالإرهاق من مشاهدة أندرو روبرتسون. مهلاً لا تُبالغ، هم ليسوا خونة بل عديمي الجودة، هؤلاء اللاعبين لا يصلحون للعب في فريق بين الأربعة الكبار، هذا ليس خطأهم هم فقط ليسوا جيدين بما فيه الكفاية.
هل سنُلقي اللوم على اللاعبين وجودتهم كل يوم؟ أليس من عمل المدرب أن يوجد منظومة تضمن الاستغلال الأمثل لهؤلاء اللاعبين لتنتج فريقاً أعلى من مجموع أفراده؟ شششش لا تقل هذا، على الأقل ليس قبل أن يأتي له هؤلاء الأوغاد بالمدافع الذي طلبه، هنا فقط يمكنك لوم الرجل، فيما عدا ذلك هو يعيش ظروف استثنائية قاسية ومضطر للعمل بما يملك.
أنا جوزيه مورينيو.. أنا آتي بعيوبي فقط! (1)
شيئان لا أفهمهما حقاً، الأول هو دوافعي لكتابة تلك الكلمات، والثاني هو دوافعك لقراءتها. الرهان هنا على من سيُصاب منَّا بالملل أولاً، لذا إذا كنت تشجع مانشستر يونايتد رجاء أخبرنا عبر التعليقات متى قررت الاستسلام بالضبط.. أما إذا كنت من مناصري الاستثنائي العظيم الذين يرددون كلماته المقدسة، أرجوك أن تبقى فتلك الكلمات قد كُتبت خصيصاً لك.
للأسف بعض الأشياء لم يعُد من الممكن أن تُقال بالشكل اللائق بعد اليوم، ليس لأن مانشستر يونايتد قد خسر مجدداً، لا يوجد من يفوز طوال الوقت حتى وإن كان في حالتنا تلك لا يفوز أصلاً، ولا هذه ليست صيغة مبالغة، يونايتد حقق فوزاً وحيداً في آخر 6 مباريات بالبريميرليج، أمام فولهام متذيل الجدول ولكنه يظل فوزاً على الأقل.
اسمحوا لي بمخاطبتكم بشكل ذاتي بعض الشيء، أنا أكره جوزيه مورينيو، أمر لم ولن أبذل جهداً في محاولة إخفائه، ولكن إن كان هناك شيء أحبه بشأن هذا الرجل فهي حقيقة أنه أكثر من سمح لي باستعمال جملتي المفضلة:"لا يوجد ما هو أسوأ مما هو سيئ بالفعل سوى تبريره".
يخرج البرتغالي بعد المباراة ليلخص الأمر كله:"ليفربول كان أفضل وأقوى وأسرع". لماذا؟ لنستمع إليه..
"اللاعبين قدموا كل ما لديهم، وحين يقدم اللاعبين كل ما لديهم لا أكون غاضباً تجاههم. لقد لعبوا وفقاً لجودتهم. ليفربول فريق سريع وشرس وبدني، إنهم يلعبون لـ200 ميل في الساعة بالكرة وبدونها. لدينا العديد من المشاكل مع البدنيات، لدينا لاعبين أعتبرهم عرضة للإصابات وهذا ليس معي، بل كان هنا مع السيد فان خال وقبله ديفيد (مويس)".
"إذا نظرت لتلك الفترة ستجد لدينا الكثير من اللاعبين المصابين دائماً، وإذا كنت مصاباً بشكل دائم، من الصعب اكتساب الجانب البدني. روبرتسون وماني وصلاح وفينالدوم وكيتا وفابينيو: إنهم لاعبون بدنيون وأيضاً لديهم الجودة الفنية، لدي الكثير من اللاعبين الجيدين فنياً ولكن لا يوجد الكثير ممن يملكون تلك الشراسة والبدنية، لذلك حين يرتفع نسق المباراة تُصبح الأمور صعبة لنا".
نعم، البدنيات مجدداً، إنه يذكرني بتلك الليلة أمام تشيلسي حين قال أن فريقه كان بلا حضور بدني بغياب لوكاكو وفيلايني، وأنا أكره تلك الليلة، وفيلايني أيضاً. من الممتع مشاهدة مورينيو وهو يتحدث عن الكرة كواحدة من الألعاب القتالية، وإذا انزلقت للحديث عن تلك الفرق التي حكمت بلدانها بل والعالم أحياناً دون أن تملك لاعبين بحجم التنانين، حينها سأكون الأحمق هنا.
لا عيب حقاً بأن تخسر أمام ليفربول، العيب أن تخسر بكل هذا العجز، أن تخسر وكأنك بورنموث! ما دمت قد اخترت الطريق الدفاعي لمجاراة خصم أفضل منك فهذا ليس عيباً بحد ذاته، ولكن على الأقل افعل شيئاً وأنت تخسر! ويفضل ألا يتضمن هذا الشيء أن يملك خصمك 6 أضعاف محاولاتك في نفس المباراة!
هل قُلت بورنموث؟ هذا اليونايتد لا يرقى لذلك القدر حتى! آخر 3 خصوم فاز عليهم الريدز في البريميرليج هم بورنموث (8 تسديدات) وبيرنلي (10) وإيفرتون (9)، بينما يأتي الشياطين الحمر بـ6.
بالمناسبة أيضاً، أعلى رقم حققه ليفربول من التسديدات أمام هؤلاء الخصوم كان 18 محاولة أمام بيرنلي، بعملية حسابية بدائية نكتشف أن السيد المدرب الدفاعي قد تلقى ضعف هذا الرقم بالضبط. 36 تسديدة، ذاكرتي لا تسعفني لتذكر رقم مشابه في مباراة يفترض أنها بين فريقين كبيرين، سوى مانشستر مورينيو من جديد أمام آرسنال، ولكن لحسن الحظ تلك المرة فاز 3-1 بعد تلقيه 33 تسديدة فقط.
"اللعنة على أم من اخترع كرة القدم" - كريستوبال سوريا
هيا، أخبرونا الآن أنه ليس خطأه مجدداً، أخبرونا أن بيرنلي وبورنموث وإيفرتون أو حتى النجم الأحمر لديهم لاعبين أفضل من مانشستر يونايتد، حدثونا عن الجودة مجدداً تماماً كما قال رمزكم المتوج بدوري الأبطال اللعين مع بورتو قبل 14 عاماً فهذه هي كل المشكلة..
من يشكو من قلة الجودة عليه أن يستخدم كل الجودة التي يملكها أولاً قبل أن يملأ هذا الكوكب بصياحه المعتاد، من يشكو من الجودة لا يكون فيلايني بديله الأول بين الشوطين لأننا هنا نتحدث عن الجودة، وما دام السيد جوزيه لا ينوي إخبارنا ماذا يدور بينه وبين البلجيكي بالضبط، فعلى الأقل من يشكو من الجودة لا يترك مارسيال وبوجبا خارج التشكيل، ولا يترك الأخير يؤنس وحدته على دكة البدلاء طيلة المباراة.
الإدارة بالطبع ليست بريئة في هذا الوضع المأساوي، بل هي الفاعل الرئيسي بشكل أو بآخر: أولاً هي من اختارته، ثانياً هي من جددت تعاقده، ثالثاً هي من قررت ألا تمنحه ما يريد في الموسم الثالث لتهديه ذريعته الأكبر، حتى وإن كان بحجة أن صفقاته لم تقدم المرجو منها، امنحوه ما يريد أو امنحوه شرطه الجزائي وارحموا الجميع من هذا الهراء.
نعم الواقع يقول أن ليفربول لم يسحق يونايتد -بكل ما تعنيه كلمة سحق من معاني- فقط لأن الإدارة لم تتعاقد له مع كوليبالي أو فيرتونخن أو ألديرفايرلد، الواقع ذاته يؤكد أن مورينيو لم يعُد يؤتمن على الإنفاق، فهو من أتى ببايلي أفضل مدافع في صفوف الفريق باللحظة الحالية، وهو من قرر استبعاده لأنه يرتكب بعض الأخطاء، وأرجوك لا تقفز الآن وتخبرني أن "بايلي قد لعب المباراة بالفعل فما الذي تغير"؟ لأنك تعرف وأنا أعرف والكل يعرف أنه لولا إصابة سمولينج خلال الإحماء لما رأيناه أصلاً.
الرجل الذي يعتبر بايلي خياراً ثانياً بأهم مباراة في الدور الأول من الناحية التاريخية لأنه "يخطئ"، هو نفسه الذي لا يبخل بالفرص على كارثة سويدية متحركة لا تزِده التجارب إلا سوءاً، رغم أنه هو نفسه من تعاقد مع الاثنين، وهو نفسه من تعاقد مع بوجبا، ومع لوكاكو الذي لم يكن يلعب مؤخراً، الرجل لديه مشاكل واضحة مع صفقاته، ولكنه سيُلقي بكل شيء على تركة مويس وفان خال حين تدعو الضرورة.
المشكلة لم تعُد في هذا الكم من السلبيات، ولا في كونه رجل متناقض ومتلون فهو شيء يعلمه هو جيداً قبل أن نخبره به أصلاً، بل هي تكمن حقاً في حسنته الأهم وربما الوحيدة.. مورينيو رجل يجيد إدارة توقعات الجماهير، يجيد نقل الإحساس لديك بأنه يعمل في ظروف مريعة تجعل انتصاره يبدو أضخم كثيراً مما عليه بينما تُخفي وزن خسارته تماماً، ولكن الميزة هنا هو نجاحه الكامل في كشف مستوى الطموح الحقيقي الذي تتمتع به إدارة النادي..
نعم، حين تكون نادي بحجم مانشستر يونايتد، ويخرج مدربك ليبرر خروجه المقرف أمام إشبيلية بـ"الإرث الكروي للنادي"، فهذا الرجل يجب أن يتلقى خبر إقالته قبل أن ينتهي المؤتمر أصلاً.. إلا إذا كنت توافقه، إلا إذا كنت لا يعنيك أكثر من التأهل لدوري الأبطال، إلا إذا كنت لم تظهر أي نية للإنفاق أصلاً حتى انتهى بك موسم مويس الكارثي في المركز السابع..
مورينيو أنهى موسمه الأول في المركز السادس، لا بأس على الإطلاق المهم هو التأهل لدوري الأبطال، وطالما أنه نجح بهذا الهدف المرحلي فلا توجد أي مشكلة. الموسم الثاني شهد إخفاقاً كارثياً على صعيد الأبطال ولكنه أنهى البريميرليج في المركز الثاني، صحيح أنه بفارق 19 نقطة عن البطل وهذا رقم سيئ بحد ذاته ولكن لا مشكلة أيضاً، مانشستر سيتي كان خارقاً في هذا الموسم ومن الجيد أنك تفوقت على البقية، ماذا الآن؟
فارق الـ19 نقطة لا يزال موجوداً، الفارق أنه ليس في نهاية الموسم بعد مرور 17 أسبوعاً منه، وأن يونايتد في المركز السادس وليس الثاني، وأن المتصدر الآن هو ليفربول وليس سيتي. ليفربول أنفق كثيراً الصيف الماضي أليس كذلك؟ أليس هذا هو السبب؟ إذاً ماذا كان يفعل ليفربول في نهائي الأبطال بالموسم الماضي قبل أن ينفق؟ هل تود التعرف على إرث ليفربول الكروي في تلك المسابقة قبل هذا النهائي؟ لا أنصحك جدياً..
إذاً سيتي عملاق بالفعل وأنفق المزيد، وليفربول بات عملاقاً بعد إنفاقه، وتشيلسي أيضاً صار عملاقاً بفضل الإنفاق رغم أن كل ما جد على قائمته هو جورجينيو وكيبا علماً بأنه كان يملك كورتوا أصلاً، ماذا عن آرسنال؟ أخبرني الآن أن اوروبا كلها باتت ترتعد من سوكراتيس وبقايال ليتشاينر وهذا الواعد جيندوزي الذي لم تكن تعرفه قبل أغسطس الماضي، هيا..
حدثني عن توتنهام الأٌقل إنفاقاً بين الكبار منذ وصول ماوريسيو بوتشيتينو إلى قيادته، أخبرني ماذا يفعل في المركز الثالث ولماذا يسبقك بـ13 نقطة وهو الوحيد الذي لم يبرم أي صفقات أصلاً طوال الصيف؟ ليفربول اشترى فريقاً كاملاً بينما هو يخوض الموسم الجديد بنفس القائمة، وهناك من يدعوه بالفاشل والمفلس بالفعل، رغم أن كل ذنبه حقاً هو أنه وضع هذا الفريق على خريطة المنافسة الإنجليزية حين لم يكن مرشحاً لأي شيء على الإطلاق..
أعتذر على ترككم هنا فجأة، فقد تخيلت مورينيو مدرباً لتوتنهام في تلك الوضعية ولا أجد المزيد لقوله، ربما لأني كنت سأستمتع كثيراً طالما هو بعيد عما أحب، أو ربما لأنه لا حاجة للمزيد من الحديث عن ديربي كاونتي أو ماذا يجب أن تفعل كمدرب حين تمتلك لاعباً طوله 2 متر أو كل تلك الأمثلة المتكررة..
الأكيد أن كل من يكره يونايتد سيكون مستمتعاً الآن، خاصةً لو أمهلنا القدر وصمد هذا الشخص في منصبه حتى يلاقي باريس سان جيرمان في فبراير، حتى ذلك الوقت أتعهد بعدم الحديث عنه مجدداً.. إذا كنت تشجع مانشستر يونايتد، أهنئك على الوصول إلى هنا فلقد خسرت أنا الرهان، وإلى اللقاء في إرث كروي جديد.