افاد مصدر عسكري عراقي يوم الاربعاء ان الحكومة الاتحادية اصبحت على قناعة بان انسحاب القوات الامريكية من سوريا سيكون صوب العراق
ونقلت صحيفة "الخليج 365"، عن ذلك المصدر كشف لسر الريبة التي اتسم بها الموقف العراقي من قرار الانسحاب الأمريكي، قائلاً: إن "مجموعة مؤشرات رصدها الجانب العراقي في الأيام الماضية، أوصلت الحكومة إلى قناعة بأن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيكون باتجاه الأراضي العراقية".
وأضاف المصدر من وزارة الدفاع العراقية: إن "جميع المؤشرات تشير إلى أن القوات الأمريكية ستتجه إلى قاعدتين: الأولى في مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان، والثانية في الغرب ستتجه إلى قاعدة عين الأسد بناحية البغدادي القريبة من الحدود العراقية-السورية غرباً".
وأوضح المصدر، مفضِّلاً عدم ذكر اسمه، أن "هذا التخمين بُني على رصد أمرين اثنين عقب إعلان الرئيس الأمريكي: الأول انتشار القوات الأمريكية في صحراء قضاء القائم الحدودي مع سوريا، حيث انتشرت في المنطقة الصحراوية القريبة من الحد الفاصل بين البلدين، منطلقة من قاعدة عين الأسد الواقعة في قضاء البغدادي غربي محافظة الأنبار، دون أن تنسق مع الجانب العراقي، أو وجود سبب لهذه المناورة".
وأضاف: "كما رُصدت استعدادات في قاعدة عسكرية بمنطقة حرير التابعة لمحافظة أربيل، وهي من أحدث القواعد التي أقامتها الولايات المتحدة على الأراضي العراقية"، مشيراً إلى أن "هذه الاستعدادات بدت كأنها لاستقبال قطعات عسكرية، حيث تم تجهيز مساحات على الأرض لاستقبال آليات ثقيلة".
وكانت مصادر إعلامية محلية عراقية ذكرت أن قوات البيشمركة الكردية تستعد لإنشاء غرفة عمليات مشتركة مع القوات الأمريكية على الحدود السورية، إلا أن سلطات إقليم كردستان سارعت إلى نفي الخبر.
وقال الأمين العام لوزارة البيشمركة، جبار الياور ، يوم الأحد (23 ديسمبر 2018): إنه "لا يمكن القبول بدخول القوات الأمريكية القتالية المنسحبة من سوريا، نحو القواعد الأمريكية في أربيل دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد".
وأضاف: إن "ما تداولته وسائل الإعلام حول دخول القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا، باتجاه القواعد الأمريكية في أربيل غير دقيق وعارٍ عن الصحة"، مؤكداً أن "أراضي إقليم كردستان لم تشهد دخول أي قوات أمريكية قتالية إطلاقاً".
واللافت أن الخارجية الأمريكية بادرت إلى بحث مسألة الانسحاب مع العراق، بعد يومين من إعلان ترامب الانسحاب من سوريا.
وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، يوم السبت (22 ديسمبر 2018): إنه "تلقَّى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، شرح خلاله حيثيات الانسحاب".
وأضاف في بيان: إن "بومبيو أكد استمرار أمريكا في التزاماتها لمحاربة تنظيم داعش في العراق وبقية المناطق"، متابعاً أن "الوزير الأمريكي أكد أنَّ تطور الأمن في سوريا والوصول إلى تسوية سياسية لهما علاقة مباشرة بالأمن العراقي واستقرار المنطقة".
إيران في مرمى النار
متابعون للمشهد الإقليمي ربطوا بين خطوة الانسحاب الأمريكي ومجموعة أحداث إقليمية، وتحدثوا عن احتمال توجُّه إدارة ترامب إلى مواجهة عسكرية، مطلع العام القادم، مع إيران، بالتعاون مع السعودية ودولة الاحتلال الإسرائيلي.
الضابط في الجيش العراقي السابق والمحلل العسكري أسعد إسماعيل شهاب إن "الرئيس الأمريكي ترامب يسعى لمواجهة عسكرية عاجلة مع إيران مطلع العام القادم، لذلك فإن الانسحاب من سوريا يسعى لتقوية القواعد الأمريكية الثماني في العراق، التي أسستها واشنطن خلال دعمها الحرب على داعش على مدار الأعوام الثلاثة الماضية. وفضلاً عن إرباك المشهد السوري وخلط الأوراق، تريد أمريكا أن تكون قواعدها محورية في المواجهة".
وأضاف شهاب، وهو مدرس سابق في كلية الأركان العراقية: إن "مواجهة عسكرية مع إيران أصبحت حاجة مُلحّة، لإعادة ترتيب ملفات الشرق الأوسط حسب رؤية صفقة القرن، بعد أن خلطت عملية مقتل خاشقجي الأوراق ووضعت ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في قفص الإدانة الدولية، والمطالبة بإزاحته كشرط لعودة المياه إلى مجاريها مع السعودية".
وتابع: "إدارة ترامب التي تمثل اليمين المتصهين في أمريكا وتدعم إسرائيل بلا حدود، تدرك أن لا بديل لمحمد بن سلمان يمضي بعجلة التطبيع وفق رؤيتها، وأن ذهابه يعني تأخير تنفيذ صفقة القرن إلى أجل بعيد، لذلك لا ينقذ ولي العهد السعودي إلا مواجهة إقليمية بشراكة معلنة بين تل أبيب والرياض وواشنطن، تزيل الخطر الإيراني وتُسرع عملية التطبيع في المنطقة".
وأشار المسؤول العسكري العراقي إلى أن "محاولة إشعال مواجهة في غزة دون وجود مبرر لذلك، وبعدها مباشرة إثارة أزمة مع لبنان بخصوص الأنفاق على الحدود، كانت محاولة لإبعاد الأضواء عن عملية مقتل جمال خاشقجي، وقد نجح الأمر، إذ إنّ تراجع الاهتمام بالموضوع أصبح واضحاً لا تخطئه العين، وستكون المواجهة مع إيران بداية جديدة لعلاقات سعودية-إسرائيلية معلنة، تُدخل صفقة القرن حيز التنفيذ".
تجدر الإشارة إلى أن حاملة الطائرات الأمريكية "جون ستينيس" عادت إلى مياه الخليج العربي جنوبي إيران بالتزامن مع إعلان الانسحاب من سوريا، ومع إجراء قوات "الحرس الثوري" المرحلة الأخيرة من مناورات "الرسول الأعظم 12"، وتكتسب هذه المناورات أهمية بالغة، لعدة أسباب، أهمها أن "الحرس الثوري" وصفها بأنها هجومية، وأنها الأولى من نوعها على هذا الصعيد. وثانيها أنها تزامنت مع زيادة مستوى العقوبات الأمريكية على طهران، التي لوّحت باحتمال إغلاق مضيق هرمز إذا مُنعت من تصدير نفطها.
قائد القوات البرية التابعة لـ"الحرس الثوري"، محمد باكبور، وهي القوات التي أجرت المناورات إلى جانب وحدات من القوات الخاصة والمغاوير، أعلن أن الاستراتيجية العسكرية الإيرانية ككلٍّ "دفاعية"، لكن تكتيك هذه المناورات بالذات "هجومي"، فبلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي ولن تجلس خلف السواتر إذا تعرضت لهجوم، بل ستهاجم الأعداء دون تردد"، بحسب وصفه.
من جهته، وجّه قائد قاعدة "خاتم الأنبياء"، غلام علي رشيد، من أرض المناورات، تحذيراً شديد اللهجة إلى السعودية والإمارات، وقال في تصريحات صحفية: إن "إيران تسعى لعلاقات أخوية مع جيرانها، لكنها تحذر الأطراف التي تهيئ أرضيات لتدخُّل قوى الاستكبار، مِن دفع ثمن كبير"، محذراً من "فوضى عارمة في المنطقة، إذا ما قررت واشنطن اتخاذ قرار هذه المغامرة الجريئة للغاية".