كتب | تامر أبو سيدو | فيس بوك | تويتر
الوجه الآخر من بول بوجبا ... هكذا يُمكن أن نصف أداء اللاعب الفرنسي خلال المباريات الثلاثة الأخيرة له في البريميرليج مقارنة بالمباريات الـ17 الأولى، وكلمة السر تكمن في أولي جونار سولشار أو جوزيه مورينيو، كلاهما وجهان لعملة واحدة لكن مع فارق هائل.
لعب بوجبا 14 مباراة تحت قيادة مورينيو هذا الموسم في الدوري الإنجليزي، وبعد إقالته وتعيين سولشار لعب 3 مباريات حتى الآن تحت قيادة المدرب النرويجي .. ما الفارق بينهما؟ لنرى
وجه المقارنة | بوجبا مع مورينيو | بوجبا مع سولشار |
مباريات | 14 | 3 |
أهداف | 3 | 4 |
تمريرات حاسمة | 3 | 3 |
فرص مصنوعة | 18 | 8 |
فرص مؤكدة مصنوعة | 2 | 3 |
تسديدات على المرمى | 21 | 9 |
تمريرات في نصف ملعب المنافس (دقة التمرير%) | 548 (80.4%) | 189 (83.6%) |
نلاحظ من الأرقام أعلاه الفارق الهائل في أداء اللاعب خاصة على الصعيد الهجومي، ونرى أن بوجبا في المباريات الثلاثة الأخيرة قدم لنا الكثير من بوجبا يوفنتوس الذي صال وجال في الملاعب الإيطالية وأصبح لهذا اللاعب الأغلى في العالم.
لماذا هذا التطور وما أسباب هذا التغير في الأداء؟
حماس البداية | نعلم جميعًا أن أي تغيير في منصب المدرب ينعكس فورًا وسريعًا وبصورة إيجابية على اللاعبين، هو بالتأكيد أمر ذهني ونفسي ولا علاقة كبيرة له بالجوانب الفنية، إذ تتولد لدى اللاعبين رغبة في تقديم أفضل ما لديهم لمحاولة إقناع المدرب الجديد ربما أو لمحاولة التأكيد أن الخلل لم يكن منهم.
لكن هذا التأثير الإيجابي للتغيير لا يستمر طويلًا إن لم ينتقل اللاعب للمرحلة الثانية وهي التطور الفني مع الحفاظ على تلك الرغبة، فهو تأثير سيزول مع الوقت ويعود اللاعب لوضعه السابق، وهذا الأمر ينطبق على جميع اللاعبين وضمنهم بوجبا.
الثقة | في حالة بوجبا بالتحديد، الأمر يتخطى مرحلة حماس البداية وينتقل للشعور بالثقة. لماذا؟ لأن علاقة الفرنسي مع مدربه السابق كانت متوترة للغاية والأخطر أنها كانت تفتقد للثقة المتبادلة بين الطرفين وهذا ما رأيناه بوضوح من خلال استبعاد اللاعب من آخر مباراتين للفريق.
مورينيو ربما اتبع الأسلوب الخاطئ مع بوجبا، بانتقاده علنًا وتحميله جزء كبير من مسؤولية تراجع مستواه وسوء أداء الفريق، ربما هذا الأسلوب يصلح مع آخرين لكنه لم يكن مناسبًا لبطل العالم، وهذا ربما يؤكده تصريح واين روني أن أسوأ ما كان في مسيرة مورينيو مع اليونايتد هو تواصله مع اللاعبين.
سولشار جاء وغير ذلك الجانب تمامًا، أبدى ثقته الكاملة في اللاعب وأعاده للتشكيل الأساسي ومنحه مسؤولية قيادة المنظومة الهجومية في الفريق، بجانب دفاعه عنه والإشادة به في الإعلام، وهو ما ترك أثره الإيجابي على بوجبا داخل الملعب.
صراع البريميرليج | اللحظات الـ10 الحاسمة في الموسم حتى الآن
لم أكن أنا المخطئ | هذا بالتحديد ما يُريد بوجبا قوله في تلك الفترة للنقاد والجماهير وكل متابعي كرة القدم الذين دار بينهم النقاش الطويل حول من المخطئ في صراع "مورينيو بوجبا".
ذلك الصراع بين المدرب ولاعبه قسم الجميع ما بين مؤيد للأول ومساند للثاني، وكل طرف كان يدافع عن وجهة نظره جيدًا.
ولم يتوقف ذلك النقاش بعد إقالة المدرب بل قال أنصاره "لنرى الآن ما الذي سيفعله بوجبا" ... هذا الأمر وكل هذا النقاش المثار في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والذي أصبح من السهل جدًا أن يصل للاعبين، استفز بوجبا بالتأكيد وولد لديه دوافع إضافية لبذل قصارى جهده وتقديم أفضل ما لديه لإثبات وجهة نظره وأنه لم يكن المخطئ بل الطرف الآخر.
تحسن أداء الفريق واللاعبين | أحيانًا قد تُمرر تمريرة بينية رائعة جدًا، لكن إن لم يتحرك زميلك ليحصل على الكرة في المساحة المناسبة ستُصبح تمريرة سيئة جدًا! لهذا مستوى اللاعبين الفردي يُؤثر فيهم جميعًا، وتحسنهم يُفيدهم معًا.
هذا الأمر نلحظه الآن في اليونايتد، تطور وتحسن أداء جميع اللاعبين ساعدهم بالتأكيد وضمنهم بوجبا الذي استفاد من تحسن مردود زملائه كما استفادوا هم من تحسن مستواه.
التحرر من الواجبات الدفاعية | كل ما سبق من أسباب مرتبطة بالجوانب الذهنية والنفسية للاعبين، لكننا الآن ندخل في الجوانب الفنية.
مورينيو يلعب بأسلوب دفاعي، يطالب جميع لاعبيه بالتضحية البدنية والفنية لأجل المنظومة الدفاعية وتنفيذها بالشكل المطلوب، لكن هل كل اللاعبين صامويل إيتو الذي وافق على لعب دور جناح مدافع أمام برشلونة؟ لا بالتأكيد، بعضهم لا يمتلك القدرة وبعضهم لا يمتلك الرغبة!
بوجبا مع يوفنتوس كان لاعب وسط بأدوار متوازنة لكن تميل للهجوم قليلًا، خاصة مع تغطيته بعدد جيد من اللاعبين في الوسط ضمن طريقة لعب 3-5-2 أو 3-4-3 التي اتبعها أنتونيو كونتي، لكنه تحت قيادة مورينيو كان مطالبًا بتأدية أدواره الدفاعية بنفس الجودة التي يؤدي بها أدواره الهجومية وهذا قيده تمامًا وأربكه فنيًا لأنه لم يستطع القيام بتلك الوظيفة.
النتيجة كانت أنه لم يقم بالواجب الدفاعي، وكذلك تراجعت جودته الهجومية خاصة مع الانتقادات التي كان يُوجهها له مدربه البرتغالي، حتى أصبح أكثر لاعب وسط خسارة للكرة في الدوري الإنجليزي.
سولشار انتبه لتلك النقطة التي لم تكن مخفية، بل تحدث عنها الإعلام مرارًا وتكرارًا، لذا أول ما فعله المدرب النرويجي أنه حرر بوجبا من واجباته الدفاعية الثقيلة وجعله يتواجد أكثر في نصف ملعب المنافس ويُدير المنظومة الهجومية، ويُمكن القول أن بوجبا أصبح بمثابة صانع لعب الفريق وليس أحد لاعبي وسطه أصحاب الأدوار المتوازنة.
هذا التمركز الجديد للاعب وتخفيف الأعباء الدفاعية عنه جعله يستفيد من قدراته الهجومية، سواء التسديد من بعيد أو التقدم لمنطقة الجزاء واصطياد التمريرات العرضية أو صناعة اللعب بما يمتلك من رؤية ممتازة وتمريرات دقيقة.
السؤال الآن، هل سيستثمر بوجبا هذه الفترة الممتازة له ويؤسس عليها لبناء مسيرة ممتازة مع اليونايتد انتظرتها الجماهير لأكثر من عامين ونصف؟ المباريات القادمة ستجيب عن هذا السؤال.