محمد صلاح - لأن ليس كل الأبطال يرتدون عباءة

آخر تحديث 2019-01-03 00:00:00 - المصدر: جول

على بعد ثلاثة أميال جون "آنفيلج"، في قلب مركز مدينة ليفربول، يتجمع البعض من المؤيدين، على أهبة الاستعداد لالتقاط السيلفي في أي وقت مع صلاح.

هذا شارع "باسينت"، حيث مقر الفنان الرسام المحلي جاي ماكينلي، واضعًا صورة بطول 6 أمتار وعرض 3 أمتار بطلها صلاح.

واقتبس قصيدة كتبها موسى أوكونجا، مُرفقة بصورة صلاح مُبتسمًا ومعها كل عبارات المدح مثل

محمد صلاح ليفربول
المايسترو المُسلم
بطل القاهرة
ابتسامة النيل الذهبية
أسرع شخص مصري في العالم
نظرته ... ستشتاق إليها
معدل تسجيله هدف في كل مباراة
لذلك مرة واحدة في كل مباراة
يصبح أنفيلد سجادة الصلاة

هي إذن إشادة تكاد لا تٌصدق، للاعب يُكمل لتوه أول عام ونصف بين جدران "أنفيلد روود"، بعد هذه الفترة، لم يحصل ستيفن جيرارد على نفس هذه الإشادة ولا جيمي كارجر.

الأساطير إيان راش، جون بارنز، رودي فولر .. لم يَحدث معهم هذا.

في يوليو الماضي، نشر صلاح عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، صورته الشهيرة في ميدان "تايمز سكوير" في نيويورك، والأمر ذاته حدث في وطنه مصر والعديد من دول العالم، وهو ما ساعده ليكون علامة تجارية باهظة الثمن في ظرف 12 شهرًا.

بالعودة إلى ليفربول, وعلى بعد أميال قليلة من شارع "باسينت"، هناك يلعبون الأطفال الأقل من 8 سنوات، مباريات مُثيرة للإعجاب، ويُشاهدها حشود بالعشرات، للاستمتاع بالمواهب الهاوية.

عندما يُسجل الطفل هدفًا بشكل جميل، يُعبر عن فرحته وسروره بالركض نحو علم الزاوية، ثم يسجد على ركبتيه، ليُحاكي أسلوب صلاح في احتفاله بهدفه، على طريقة الصلاة في الدين الإسلامي.

هؤلاء الأطفال لا يعرفون ولا يُدركون ما يفعل ذلك، على الأقل في الوقت الحالي "لكن في المستقبل غير البعيد سيسأل أحدهم نفسه"، هكذا يقول مدرب شاهد ابنه أكثر من مرة يُقلد احتفال صلاح، وأضاف "عندما سيسأل الطفل، سيُحاول معرفة ثقافة ودين صلاح، هذا هو التأثير الذي تلعبه كرة القدم على الأطفال، يُمكن أن يفتحوا أعينهم على أشياء لم يلاحظوها على الإطلاق".

بالطبع. الدين جزء كبير من حياة محمد صلاح، في كل أسبوع يزور هو وزميله السنغالي المُسلم مسجدًا محليًا لتأدية صلاح الجمعة، هناك يختلط اللاعبان بالجماهير، ويلتقون الصور مع المشجعين، وهذا أمرًا طبيعيًا وقانونيًا لأن لا صلاح ولا ماني من النوع الذي يبحث عن شهرة إعلامية".

داخل المجتمع المُسلم الآن، الأمل في هؤلاء اللاعبين وإنجازاتهم في كرة القدم، لتكسر الحواجز المتعلقة بالدين والثقافة والتعددية وغيرها من هذه الأشياء، وفي الوقت ذاته، يعمل لاعب الكرة المُحترف على التصدي للأجندات المعادية للدين الإسلامي، بسلوكه وتأثيره في المجتمع الأجنبي، ليكون نموذج بارز يُشار إليه بالبنان للمسلمين البارزين.

يونس لونات، وهو حقوقي قانوني ومستشار للرياضة والمساواة، أمضى بعض الوقت في رئاسة مجموعة استشارية تابعة للاتحاد للمساواة بين الجنسين، الآن يتغنى بتأثير صلاح في الشارع الكروي في ليفربول.

وقال يونس لـGoal "الآن جُل التركيز على المهاجرين، خاصة المُسلمين، نتذكر قبل سنتين أو ثلاثة في أنفيلد، كان هناك مسلمان يحرصان على تأدية الصلاة في الملعب، وهناك شخص ما قام بنشر الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي قائلاً مُثير للاشمئزاز؟ حسنًا ماذا نرى الآن؟ صلاح يفعلها بعد تسجيله كل هدف والجميع يُحبه".

ويضرب المثل بالغرفة التي خصصها النادي للمصليين المُسلمين في أيام المباريات "كمية لا تُصدق من الحركة كدليل على تغير عقلية المشجعين".

وأضاف "إن ما أشاهده في أنفيلد يفوق ذلك، الآن الرجال والنساء المُسلمون يشعرون بارتياح عندما يحضرون المباراة، هم الآن مرتاحون ومريحون للجميع".

وتابع "من بين القصص النادرة التي أعرفها عن أحد الأطفال الذين قُمت بتدريبهم. طفل ترتدي أمه حجاب الوجه الكامل، كان من الصعب أن تذهب إلى ملعب أنفيلد لمشاهدة المباريات، لكن الآن اختلف الوضع، وهذا لأن لديهم الثقة للقيام بذلك، ولا شك أبدًا أن الطريقة التي تعامل بها صلاح وماني، ساهمت في تحسين العلاقة داخل وخارج مدرجات أنفيلد".

أما رئيس بلدية ليفربول ستيف روثرام، فيرى أن تأثير صلاح يُشبه تأثير جون بارنز في أواخر الثمانيات، لكنه أشار إلى أن "إرثه سيكون أكثر بكثير بسبب ما قام به خارج الملعب".

وأضاف "إن تفكك شعور الخوف من الإسلام بسبب شخص واحد، يُعّد إنجازًا استثنائيًا، وحطم كذلك كل الحواجز".

لكن بارنز نفسه يبدو على خلاف مع وجهة نظر رئيس بلدية ليفربول، هو الآن يُصنف على أنه معلق ذكي وعلى اضطلاع بقضايا العرق والدين والمساواة، وفي اعتقاده أن كرة القدم يُمكن أو ربما تكون مسؤولة عن مواقف على نطاق محلي أو عالمي.

وقال لـGoal "انظروا إلى مو صلاح وماني، لا يستطيعان فعل أي شيء جول تغيير مفاهيم المُسلمين، يُمكن أن يُغيروا تصورات الناس عن المسلمين الذين يلعبون في ليفربول، لكن المسلم العادي سيسير في نفس الطريق؟ لا".

وتابع "نفس الشيء بالنسبة لي. لم أستطيع تغيير طريقة أو نظرة أو تفكير الناس تجاه الشخص الأسود العادي، كل ما استطعت القيام به، هو جعل الناس يقبلون شخصًا ذو بشرة سوداء مُميز في فريقه. هل الناس يقبلون أصحاب البشرة السوداء كما كان الوضع قبل 30 عامًا. لا لكننا نُحب هذه الفكرة عندما يكون هناك نجم، نقول أنه سيُغير الأشياء".

واستشهد بالرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما "انظر إلى أوباما. هل تغيرت الأمور لصالح أمريكا لأن أوباما كان رئيسًا؟ لا ليسو كذلك، الفكرة كلها هراء. طالما لا نتقل الشخص الأسود العادل أو المسلم العادي على قدم المساواة، فلن يتغير أي شيء".

يُضيف بارنز "واحدة من أكبر المشاكل التي أواجهها في استخدامي لكرة القدم لتغيير المفاهيم، مثلاً ماذا لو تبين أن صلاح لاعب سيء أو ماني سيء؟ إذا كانوا لاعبين جيدين فهذا أكثر من رائع، لكن دعنا نرى كيف سيُفكر الناس إذا لم يُسجل صلاح وماني لمدة 5 سنوات، هل سيُغير هذا من تصور المُسلمين بعد ذلك؟".

وواصل حديثه "لاعبو كرة القدم يحصلون على الإعجاب والإشادة بفضل قدراتهم وموهبتهم، لكن لا تتوقع منهم تغيير العالم، إذا كنت تُريد قدوة، أبحث عن والديك لا تنظر إلى بول جاسكوين، جون بارنز أو مو صلاح، ثم تُلقي اللوم عليهم في نهاية المطاف".

"كبشر، عليك مسؤولية. بعض الأشخاص قد ينظرون إليها بشكل مُختلف، لكنني لا أعتقد أن لاعبي الكرة، أو المُمثلين أو الملاكمين أو المُطربين يجب أن ينظر إليهم على أنهم قادة العالم، إلى أن نتغير في المجتمع، كرة القدم لن تتغير، يعتقد الناس أن الكرة يُمكن أن تغير الأشياء، لكنها يُمكن أن تهزم المُجتمع، ولا يُمكن أن يكون المجتمع هو الزعيم والسائق من أجل التغيير، يجب أن يكون هناك ضغطًا على المجتمع من أجل التغيير، ليست كرة القدم أو لاعبي كرة القدم أو المُطربين أو الرياضيين، ليس لهم الحق في تغيير العالم".