د. سعدي الابراهيم
تمر الدول والمدن بظروف استثنائية، لكنها تنهض وتتعافى من جديد، وتتجاوز نقاط ضعفها عبر استغلال نقاط قوتها. والامثلة التاريخية كثيرة، كما هو حال المدن اليابانية التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، فسرعان ما نفضت عنها غبار اسلحة الدمار الشامل واتجهت نحو التقدم والتطوير الى ان صارت نموذج للرخاء والاستقرار في العالم.
نينوى تلك المحافظة العريقة المعروف عنها التنظيم، ودقة العمل، والنزاهة وشغف العلم وحب المعرفة . مرت بأزمة كبيرة جدا، عندما وقعت تحت سيطرة الجماعات المسلحة، فأصبحت ارضها ساحة للحرب ، فهجر اهلها ودمرت بناها التحتية، وصارت مشاهد الخراب والمدار تملأ شاشات التلفاز و وسائل التواصل الاجتماعي.
لكن حالة الضعف التي تعيشها نينوى، لا ينبغي لها ان تستمر، ولابد من القيام بعدة اليات، ومن اهمها الآتي:
1 – ان يتكاتف المجتمع الموصلي لإعادة بناء المدينة: التفرقة كان احد اسباب احداث عام 2014، والوحدة كانت احد اسباب التحرير الذي تم ‘ بمعنى لابد ان يكون هناك تكاتف وتعاون ما بين جميع شرائج المجتمع الموصلي، وبمنهم سكان الارياف والاقضية والنواحي، في سبيل تحقيق مصلحة المجموع، فليس من الصحيح انتظار العون من خارج المدينة، سيما وان لكل محافظة مشاكل تعاني منها فضلا عن المشاكل التي تمر بها الحكومة الاتحادية .
2 – ان تعطي الدولة للسكان الفرصة لبناء المدينة : كما اشرنا اعلاه، يتميز اهالي نينوى عن غيرهم، من حيث المقدرة على التنظيم والترتيب، وتدبير الأمور، فهم مضرب الامثال في ذلك، وبالتالي فلابد للحكومة من ان تعطيهم الفرصة لبناء المدينة، عبر توفير الدعم المادي والحماية، فضلا عن اعطاء القروض الميسرة والمساعدات . والوقوف من بعيد كشرفة على العمل الذي ينبغي ان تحدد له فترة زمنية معينة .
3 – ان تتشكل هيئة لإعادة الاعمار من ابناء المدينة : وبإمكان الحكومة ان تتعاون مع الاهالي بشكل اكبرن عبر تشكيل هيئة من السكان مهمتها الاشراف على اعادة اعمار المدينة . تضم مختلف الشرائح، العلماء واساتذة الجامعات والشباب الطموح، الراغب بتقديم شيء للمدينة . هذه الهيئة تكون خارج اطار المحافظة والدوائر الحالية، لكنها تراقب بالوسائل القانونية المتعارف عليها .
4 – اشراك اهل المدينة بالملف الأمني : لن تكتمل عملية الاعمار ن مالم يستقر الامن بشكل كامل. ولن يستقر الأمن مالم تكن هناك مشاركة حقيقية من قبل اهالي نينوى، عبر زجهم في الجيش والشرطة والحشد الشعبي . فمن جهة ستمتص البطالة ويقل الفقر، ومن جهة سيتولى السكان حماية مدينتهم التي يقومون ببنائها في الوقت نفسه.
هذه النقاط، ينبغي ان يتم الاسراع بالأخذ بها، كي لا ترجع الامور الى الوراء، او تستمر معاناة البعض من الفئات المتضررة.
*نقلاً عن صحيفة المشرق