أردوغان: الانسحاب الأمريكي من سوريا خطوة صائبة ومن الضروري تنفيذه بالتعاون مع شركاء حقيقيين

آخر تحديث 2019-01-08 00:00:00 - المصدر: رووداو

رووداو – أربيل 

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن "الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أقدم على خطوة صائبة باتخاذ قرار الانسحاب من سوريا"، مشددًا على ضرورة تنفيذ هذا الانسحاب بعناية مع "شركاء حقيقيين".

جاء ذلك في مقالة للرئيس التركي، نشرت بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، تحت عنوان "لدى تركيا خطة لتحقيق السلام في سوريا".

وأضاف أردوغان قائلًا "من الضروري التخطيط بكل عناية للانسحاب بغية حماية مصالح الولايات المتحدة، والمجتمع الدولي، والشعب السوري، وتنفيذه بالتعاون مع شركاء حقيقيين".

ولفت أن "تركيا صاحبة ثاني أكبر جيش بحلف شمال الأطلسي (ناتو) تعتبر بمثابة الدولة الوحيدة التي لديها القوة والعزيمة للقيام بهذه المهمة". 

وشدد أردوغان على أن بلاده "كانت الدولة الأولى التي أنزلت عناصرها البرية المقاتلة في الميدان من أجل مواجهة خطر وتهديد تنظيم داعش"، مجدداً تأكيده على "تصميم الجمهورية التركية بكل قوة على محاربة داعش، وبقية المنظمات الإرهابية بسوريا؛ وذلك لأن الشعب التركي يعرف جيدًا تهديد التطرف القائم على عنف".

ولفت أنه "من خلال العملية العسكرية (في إشارة لدرع الفرات) التي قمنا بها(في سوريا) منعنا التنظيم (داعش) من الوصول إلى حدود الناتو، وألحقنا أضرارًا كبيرًا بقدرته على شن هجمات إرهابية في تركيا وأوروبا".

واستطرد أردوغان موضحًا أن "التحالف الدولي في عملياته التي شنها على الرقة والموصل(بسوريا والعراق) اتبع أسلوبًا قائمًا على الغارات الجوية التي تجاهلت بشكل كامل أو جزئي الخسائر المدنية".

الرئيس التركي أضاف في ذات السياق قائلا "وعلى العكس من ذلك تمامًا، فإن الجنود الأتراك، وغيرهم من المحاربين المنتمين للجيش السوري الحر فقد نجحوا في إخراج الإرهابيين من مدينة الباب(السورية) إحدى قلاع تنظيم داعش، وذلك من خلال المرور بكافة البيوت وتفتيشها بيتًا بيتًا".

وأشار أنه "بهذه الطريقة قمنا بالحفاظ على البنية التحتية للمدينة بشكل كبير، وجعلنا من الممكن عودة الحياة لطبيعتها بها خلال أيام معدودات، وها هم الأطفال اليوم يذهبون إلى مدارسهم هناك، والمرضى يعالجون في المستشفيات التي أقامتها تركيا".

وأضاف "كما أنه تم تنفيذ العديد من المشروعات الهادفة لزيادة فرص العمل، وإنعاش الاقتصاد المحلي. ولا جرم أن مناخ الاستقرار هذا هو العلاج الفعّال للإرهاب".

في الصدد ذاته أوضح أنه "حينما جئت رئيسًا لوزراء تركيا عام 2003، لقي عدد كبير من المواطنين الأتراك حتفهم جرّاء هجمات لتنظيم القاعدة الإرهابي. وفي الماضي القريب أيضًا أصبح عناصر داعش خطرًا يهدد مواطنينا، وطرق معيشتنا، والرؤية الشاملة للعالم التي تمثلها حضارتنا".

وذكر أنه "قبل سنوات كان يتحدث عني هذا التنظيم (داعش) على أن طاغوت. ولقد شاهدنا نفس الرعب في عيون المسيحيين، والإيزيديين الذين لجئوا إلى تركيا عند استهدافهم من قبل الإرهابيين في سوريا والعراق".

وتابع: "وبهذه المناسبة أود التنويه مجددًا بأن النصر لن يكون حليفًا للإرهابيين على الإطلاق. وستواصل تركيا اتخاذ كافة الخطوات اللازمة من أجل أمنها، وصالح المجتمع الدولي".

وشدد على أن تنظيم "داعش" قد تعرض للهزيمة عسكريًا، مضيفًا "لكننا نشعر بقلق بالغ حيال احتمالية تدخل بعض القوى الخارجية في الشؤون الداخلية السورية تحت ذريعة محاربة فلول التنظيم". 

الحاجة لاستيراتيجية شاملة لمحاربة الراديكالية

وفي سياق مواجهة الراديكالية قال الرئيس أردوغان "نريد تنفيذ استراتيجية شاملة من شأنها القضاء على الأسباب الكامنة وراء الراديكالية". 

في السياق ذاته أضاف أردوغان قائلًا "لدينا رغبة في أن يكون لدى الشعب السوري ثقة في المستقبل، وألا يشعر بانقطاع بينه وبين من يترأسوه، وألا تستغل التنظيمات الإرهابية ما يتعرض له السكان المحليون من مظالم".

وأوضح أن "الخطوة الأولى التي ينبغي اتخاذها في هذا الصدد، هو تأسيس قوة استقرار تضم محاربين من كافة أطياف المجتمع السوري".

وتابع "هذا الكيان الذي سيجمع بين كافة الأطياف، يمكنه تحقيق الأمن والنظام من خلال تقديم خدماته لكافة المواطنين السوريين. ومن ثم أقول إنه لا توجد لدينا أية مشكلة مع أكراد سوريا".

وأضاف "نعرف أن بعض الشباب السوريين، ممن لا يملكون أية خيارات في ظروف الحرب قد انضموا لصفوف تنظيم (ب ي د/ي ب ك) الامتداد السوري لمنظمة (بي كا كا) المدرجة على قوائم الإرهاب من قبل تركيا والولايات المتحدة".

ولفت أنه "بحسب منظمة (هيومن رايتس ووتش) لحقوق الإنسان، يقوم تنظيم (ي ب ك) بتجنيد الأطفال بشكل ينتهك القانون الدولي".

وأضاف: "وفي هذا الصدد سنقوم بإجراء تحقيقات معمقة بعد الانسحاب الأمريكي، وسنعيد الأطفال المحاربين لذويهم، وسنلحق بقوة الاستقرار المزمع إنشاؤها، كافة المحاربين ممن ليست لهم أية صلات بالتنظيمات الإرهابية".

وأشار إلى أن هناك أولوية أخرى لتركيا في سوريا، تتمثل في تحقيق التمثيل السياسي الكافي لكل الأطياف.

واستطرد: "كافة الأراضي السورية الواقعة تحت سيطرة تنظيم (ي ب ك) أو داعش، ستتم إدارتها -وبرقابة تركية - من قبل المجالس المحلية المعينة بانتخابات، كما أن لأي شخص ليست له صلة بأية تنظيمات إرهابية، الحق في تمثيل مجتمعه داخل الإدارات المحلية".

وتابع "وفي المجالس التي ستؤسس بالمناطق ذات الأغلبية الكردية شمالي سوريا، ستكون الأغلبية لممثلي المجتمع الكردي، لكن ستعطي الأطياف الأخرى فرصة الاستفادة من حق التمثيل السياسي بشكل عادل".

وأوضح أن "المسؤولين الأتراك من ذوي الخبرة، سيقدمون الاستشارات اللازمة لهذه المجالس في العديد من المجالات مثل شؤون البلديات، والتعليم، والصحة، وخدمات الطوارئ".

كما وأعرب أردوغان عن رغبة تركيا في أن تتخذ جميع الخطوات في هذه العملية من خلال التعاون والتنسيق مع الدول الصديقة والحليفة.

وتابع "وفي ظل هذه الشركات سنقوم بحل الأزمة السورية، فقد حان الوقت لتتضافر قوى جميع الأطراف من أجل القضاء على داعش والحفاظ على وحدة أراضي سوريا".

ونوه الرئيس أردوغان أن "تركيا تتحمل مسؤولياتها في هذه الفترة الأكثر حرجا من التاريخ، ونحن واثقون من دعم المجتمع الدولي لنا في هذه المرحلة". 

والإثنين، قال ترمب، في تغريدة على "تويتر"، إن انسحاب قوات بلاده من سوريا سيتم بـ"حذر ووتيرة مناسبة".

وفي نهاية الشهر الماضي، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن مسؤولين إن ترمب "وافق" على إعطاء جيشه فترة 4 أشهر لسحب قوات بلاده من سوريا، متراجعا عن أمره قبل أسبوعين "بسحب" القوات البالغ عددها ألفي عسكري "خلال 30 يوما".