بقلم : زياد المعروف
بجرأة دخل محمدالحلبوسي المهندس الدليمي الشاب حلبة المنافسة السياسية من اوسع ابوابها. نائب ثم رئيس لجنة فرئيس لمجلس النواب. هذا كله حصل خلال سنوات قلائل في وقت فشلت قيادات كانت مهمة وتنتمي الى نفس المكون الذي ينتمي اليه الحلبوسي في ان تبقى ليس في صدارة المشهد بل حتى في المشهد نفسه. البعض منها انسحبت بهدوء بعد ان وجدت انها لم تعد قادرة على تقديم شي, بينما اجبرت قيادات اخرى للانسحاب رغم انها بقيت تجرب حظها مرة ومرتين وثلاثة على امل البقاء في المشهد. والمشهد لمن لا يعرفه فيه كواليس كثيرة وبالتالي تتطلب المجاهدة في سبيل البقاء طالما ان معظم الامتيازات مرتبطة بالبقاء حتى لو على الهامش.
حتى نبقى في الصورة التي اردناها لهذا المقال فان الحلبوسي الجرئ جدا والذي اقتحم المشهد حتى صار رئيسا للسلطة التشريعية العليا في البلاد اكتشف انه غير قادر على تامين مقر له يستطيع فيه استقبال ضيوفه لا فرق ان يكون الضيف جورج بومبيو وزير الخارجية الاميركي الذي كان الحلبوسي اول من استقبله او جواد ظريف الذي على وشك ان يزور العراق. فرئيس السلطة التشريعية معني مثل غيره من الزعامات في الدولة بان يستقبل كبار الضيوف. لاننسى ان الحلبوسي يحمل صفتين تبرران اللقاءات مع كبار الضيوف الاجانب سواء كانوا تنفيذيين ام تشريعيين.
فهو مثلما ذكرنا رئيس مجلس النواب كما انه ايضا زعيم سني وهو الان ابرز زعيم سني في الواجهة السياسية. والمعروف ان كبار ضيوف العراق حين يحطون رحالهم في بغداد يحرصون على اجراء لقاءات مع رجال الخط الاول من الدولة كرئاسات او وزراء وكذلك يحرصون على الالتقاء بزعماء المكونات. والحلبوسي يحمل الصفتين معا. لكن المشكلة التي تواجه الحلبوسي انه لايملك مكانا لاستقبال هؤلاء الضيوف. السبب في ذلك مثير للسخرية وتتمثل في التوزيع السئ للقصور والمنازل الفخمة التي يجب ان يتم توزيعها بكونها مؤسسات دولة لا قصور خاصة لهذا الزعيم او ذاك.
المعروف في العراق ان أي زعيم سياسي بقطع النظر عن الوظيفة او الموقع الذي شغله يبقى متمسك بالقصر واحيانا اكثر من قصر ولا يسلمه للحكومة لكي تسلمه الى الزعيم التالي. الحلبوسي الجرئ جدا على مستوى العمل السياسي خجول جدا على صعيد مثل هذه الامور, لذلك لم يطالب بان يخصص له قصر او مكان ضيافة لائق يليق بمستواه وبمستوى الدولة التي يمثلها والضيوف الذي يلتقي بهم. القضية تفجرت عندما استقبل وزير الخارجية الاميركي بومبيو حيث ظهر خلف الحلبوسي رموز وتشكيلات مختلفة جعلت جماعة السوشيال ميديا لايقصرون في التغريد شرقا وغربا بشان المنزل او القصر الذي يسكنه الحلبوسي الى ان صدر التوضيح بان الرجل لايملك قصرا بل يجري لقاءاته في دار ضيافة رئاسة الوزراء.
للوهلة الاولى تبدو القصة وكإنها في صالح الحلبوسي باعتباره لايبحث قصور مثل سواه من كبارالمسؤولين.لكن المسالة ابعد من ذلك فمنصب رئيس البرلمان الذي يشغله الحلبوسي الان يمثل كل الشعب, ولذلك اول مايتطلب الامر هو تخطي الجانب الشخصي في مثل هذه القضايا والارتقاء الى مستوى الدولة من حيث التمثيل والاداء.