حسين فرحان
لغياب العقل عواقب وخيمة ، يكون صاحبها غير ناظر فيها غير آبه بها بحكم تخليه عن تلك الجوهرة الثمينة فلا يصبح بأمكانه الفصل بين المعقول وغيره ، ولاتتضح الرؤية لديه ولا يرقى الى مستوى معتد به من التحضر أوالنضج بل يقف عند حد معين من الإدراك حتى يدخل الى مرحلة التسافل نحو البهيمية فلا يدري أناطق هو أم ناهق .
ولا يحتاج البحث عن مثل هذه النماذج جهودا مضنية في كشفها وتعريتها فمنصات الإعلام ومواقع التواصل والمقاهي والمجالس الخاصة والعامة تكتظ بهم وهم يرددون كلام بعضهم البعض حيث تضيق فضاءات العقل والمنطق عن أن يلجوا فيها أو يقفوا ببابها حتى .
وتبقى الظاهرة الببغاوية هي الغالبة على هؤلاء ليرتفع صوتها معلنا أنها باقية وتتمدد كأي ظاهرة تتغذى وتنتعش وسط خواء فكري مريب .
جمهور هذه الظاهرة يرددون مايقال ، يستهدفون المقدسات ، يزرعون حالة اليأس ، يحرفون الكلم ، يشوهون الحقائق ، يكذبون بأعلى أصواتهم ويصدقون كذبتهم دون نظر في الحقائق أو حتى محاولة إعادة النظر في شأن ما كذبوا به .
العتبات المقدسة لم تسلم من أكاذيبهم وخزعبلاتهم فهي الأخرى نالها ما نالها من وابل حقدهم وجهلهم عندما ظهروا للملأ بأسطوانة بالية مشروخة تم انتاجها بعد عام ٢٠٠٣ تردد بصوت رتيب كئيب عبارة : ( أين تذهب أموال العتبات المقدسة وأنها تكفي لبناء العراق وأن أموال الشباك في مراقد الأئمة عليهم السلام كفيلة بأعادة إعمار البلد .. ولا أدري فلربما سنشهد تحديثا لهذه الاسطوانة يقول بأن العتبات يمكن أن تقرض الدول النامية ، فقائمة الافتراضات طويلة وقد اعتدنا سماعها من الكثير من الحمقى وهم يتبجحون ويفترضون ويملون على مقام المرجعية ماينبغي ومالاينبغي القيام به وهذا مما يضحك الثكلى .
وإن كانت لغة الارقام والمنطق لاتنفع مع هذا الصنف البائس من البشر لكنه سيكون نافعا لمن يرد عليهم ليلجم أفواههم مااستطاع ذلك .
وبعبارة واحدة هي :
أن العتبة العباسية - كمثال حي - وبعد زوال النظام البائد بدأت تدريجيا باستثمار عائداتها من تبرعات وهدايا ونذور وواردات الشباك الشريف في مشاريع خدمية يتم الانتفاع بريعها لتوسعة الحرم ورواتب للعاملين ووقود وتقديم خدمات للزائرين .. فكم هي قيمة هذه الاموال هذا ما سنراه في تصريح السيد احمد الصافي حيث قال : ( "منذ ان تشرفنا بخدمة العتبة العباسية المقدسة في عام 2003م وخلال 13 عاماً (بين 1/1/2004م ولغاية 1/1/2017م) أنجزنا أكثر من 150مشروعاً، عمرانياً وخدمياً، بمليار دولار فقط". وأضاف " وهذا يعني أن صرفيات انجاز المشاريع كمعدل سنوي خلال هذه الفترة حوالي 76 مليون دولاراً سنويا"!!. وكان السيد الصافي قد بين في وقت لاحق لوحدة الأخبار في شعبة الانترنت "إن هذه الكلفة شاملة للكلف التشغيلية (كالرواتب، الوقود، الصيانة،...وغيرها) والكلف الاستثمارية (تنفيذ المشاريع)، وبمصاريف هي مجموع موازنة العتبة من الوقف الشيعي كقسم أكبر، وواردات الشباك الشريف والهدايا والنذور") .
الخلاصة هي أن العتبة العباسية بلغت وارداتها خلال ١٥ عاما مليار دولار فقط أنجزت بها ١٥٠ مائة وخمسون مشروعا .. فهل أن هذا المليار الذي حصلت عليه العتبة خلال ١٥ عاما هو المعول عليه في بناء البلد وتزويج الشباب وحل أزمة السكن والاعمار وخدمات الكهرباء والماء والمجاري والصحة والتعليم ؟؟؟ .
هل أن هذا المليار أكبر من مليارات واردات النفط التي بلغت خلال ١٥ عاما ترليون دولار يعني ١٠٠٠ مليار دولار ؟
تتركون الألف مليار دولار التي خطفها الغراب دون أن تبحثوا عن مصيرها وهي الاموال التي يفترض أن يبنى بها البلد وتركضون وتهرولون نحو أضرحة الأئمة عليهم السلام - لا إلى زيارتها - ولكن الى النظر في ما يلقيه بداخلها الزوار من أموال لا يمكن أن تقاس قيمتها بموارد البلد الأخرى فالمليار شيء والترليون شيء آخر إن كنتم تعقلون .
قد لايستسيغ البعض مثل هذه التوضيحات والأمثلة وقد يسعى الى تكذيبها اعتزازا بحماقته وجهله لكنها تبقى حقائق واضحة لمن وفقه الله ورزقه عقلا راجحا .
( لـو أن شعـري شعـير لاستطيبتـه الحمير ..
.. لكن شعري شعــــور هل للحمير شعور؟ ) .