بعد أن واجهت منطقة تراثية في مدينة البصرة تراجعاً خدمياً بسبب الإهمال، وتحول نهرها الذي كان سر جمالها الى مكب للنفايات ومجرى للمياه القذرة، بادر شاب من أبناء المنطقة بحملة للحفاظ على نظافتها وإظهارها بشكل لائق.
وقال الشاب مصطفى سالم ، إن "محلة الباشا التي تضم أكثر ما تبقى من بيوت الشناشيل التراثية لا تحظى باهتمام الدوائر الخدمية، بحيث تكثر في شوارعها النفايات، والنهر القديم الذي يخترق المنطقة متفرعاً من نهر العشار تحول بمرور الزمن الى قناة للمجاري ومكب لمختلف النفايات، بما في ذلك اطارات السيارات المستهلكة والثلاجات العاطلة"، مبيناً أن "كمحاولة لتغيير هذا الوضع نفذت مبادرة متواضعة وغير مكلفة بالتعاون مع بعض الأصدقاء للحفاظ على نظافة المنطقة على أمل استعادة بعض جماليتها المفقودة بسبب الإهمال".ولفت سالم، وهو حاصل على شهادة جامعية ويعمل في محل تجاري، الى أن "المبادرة تضمنت انشاء موضع لتجميع النفايات تلافياً لتبعثرها على الأرض، فضلاً عن وضع لافتات تحث المارة على عدم رمي النفايات في النهر، وعند مشاهدة أشخاص يتخلصون من نفايات في النهر نطلب منهم بلطف عدم تكرار هذا التصرف غير اللائق"، مضيفاً أن "أهالي المنطقة يتفاعلون بشكل ايجابي مع الحملة، وقد أبدوا تأييدهم وتشجيعهم".
من جانبه، قال مدير القصر الثقافي في البصرة عبد الحق المظفر ، إن "المبادرة التي يتبناها الشاب مصطفى تعبر عن شعور عالٍ بالمسؤولية، وتعكس مدى حبه لمدينته ووطنه"، مضيفاً أن "القطع التي وضعها لدعوة الناس الى عدم رمي النفايات مكتوبة بخط اليد، وتشجيعاً له وعدته بدعم الحملة من خلال طباعة لافتات".
يذكر أن محلة الباشا تكتسب أهمية تراثية وقيمة ثقافية، إذ يوجد فيها الكثير من بيوت الشناشيل المهددة بالاندثار، كما تضم مقار هيئة الآثار والتراث، والقصر الثقافي، وجمعية الفنانين التشكيليين، واتحاد الأدباء والكتاب، وفي كتابه (لوحات من البصرة) ذكر الأديب إحسان وفيق السامرائي أن "محلة الباشا كانت مركزاً لأشهر الأسر البصرية وأكثرها نفوذاً، ومنها أسر عبد اللطيف باشا المنديل، يوسف باشا الزهير، صالح بك عبد الواحد، حامد بك النقيب، حسين خلف الشيخ خزعل الكعبي، عبد القادر السياب، داود سليمان البريكان، سليمان فيضي، ونجم فالح السعدون، ومن أبرز الأحداث التي شهدتها محلة الباشا اغتيال حاكم مشيخة الزبير خالد باشا العون عام 1907.