تؤكد الدوائر السياسية المقربة من قصر بعبدا الرئاسي في بيروت، أن الكلمة العليا كانت للسياسة في القمة العربية الاقتصادية.
وبعد أن هيمنت السياسة على القمة التي عقدت في بيروت، أمس الإثنين، اكتشف لبنان، خلال القمة، أن الاقتصاد لا يستطيع أن يحل الأزمات الناجمة عن النزاعات السياسية، التي جعلت القادة العرب يغيبون عن القمة باستثناء رئيس موريتانيا وأمير قطر، والذي غادر القمة قبل إلقاء كلمته، وبعد اعتذار الرئيس الصومالي عن الحضور بسبب وفاة حماته.
القمة الـ«مأزومة».. القمة «المنقوصة»
الدوائر السياسية في بيروت وصفت القمة العربية الاقتصادية بالقمة المأزومة والمنقوصة، في إشارات واضحة لتدخل السياسة في فعاليات القمة العربية الاقتصادية منذ بدايات التحضير للقمة، وجعلت كل الآمال التي علقها لبنان على أن يشكل انعقاد القمة التنموية الاقتصادية العربية في بيروت محطة مفصلية على طريق تثبيت عودة لبنان -وليس سوريا- إلى الحضن العربي، أحبطها اعتذار القادة والملوك والرؤساء عن الحضور.
ويعتبر أكثر من مصدر سياسي لبناني، أن مشاركة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، لساعات قليلة في القمة التنموية، التي عقدت في بيروت شكلت رافعة معنوية كان يحتاج إليها لبنان الرسمي بقوة بعدما شكلت اعتذارات الملوك والرؤساء عن القمة إحراجا للبنان.
وتحتاج القراءة التقييميّة الدقيقة لنتائج قمّة بيروت العربية الاقتصادية، إلى الفصل بين التحديات التي هدّدت إمكان انعقادها، وبين مناقشات جدول أعمالها التي هيمنت عليها السياسة، ورغم أن حضور الزعماء العرب كان سيكسب القمة الاقتصادية أبعادا سياسية ويوجه رسالة دعم عربي أقوى للبنان، فقد حرص رؤساء الوفود على أبرازأهمية انعقاد القمة بذاته كمساحة للعمل العربي الجماعي، وأشادوا بالتنظيم الذي قامت به السلطات اللبنانية.
إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية
ودعا وزير الخارجية اللبنانية، جبران باسيل، خلال بدء فعاليات القمة، لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، معتبرا أن غيابها يشكل «الفجوة الأكبر» في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي تستضيفها بيروت.
وأضاف أن “سوريا يجب أن تكون في حضننا بدلا أن نرميها في أحضان الإرهاب، دون أن ننتظر إذنا أو سماحا بعودتها، كي لا نسجّل على أنفسنا عارا تاريخيا بتعليق عضويتها بأمرٍ خارجي وبإعادتها بإذنٍ خارجي”.
بينما ركزت كلمة رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، في افتتاح القمة على العديد من النقاط المتعلقة بالشؤون العربية والإقليمية، وأهم ما تضمنته هذه الكلمة إطلاق الرئيس عون مبادرة جديدة لمواجهة التحديات في العالم العربي، وخاصة في يتعلق بإعادة إعمار ما دمرته الحرب والصراعات منذ العام 2011 وتغطية تكاليف تداعيات هذه الصراعات.
مقاطعة منظومة الاحتلال الإسرائيلي
وتصدر البيان الختامي للقمة الاقتصادية، التأكيد على أن مقاطعة منظومة الاحتلال الإسرائيلى هي إحدى الوسائل الناجحة والمشروعة لمقاومته وإنهائه، ودعوة جميع الدول والمؤسسات والشركات والأفراد إلى الالتزام بوقف جميع أشكال التعامل مع منظومة الاحتلال الاستعمارى الإسرائيلى ومستوطناته المخالفة للقانون الدولي، ودعوة المفوض السامى لحقوق الإنسان إلى إصدار قاعدة البيانات للشركات التي تتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية وفقا لقرارات مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة.
المسؤولية العربية تجاه القدس
وأكد البيان على المسؤولية العربية والإسلامية الجماعية تجاه القدس، ودعوة جميع الدول والمنظمات العربية والإسلامية، والصناديق العربية ومنظمات المجتمع المدنى والقطاع الخاص، إلى توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات الواردة فى الخطة الإستراتيجية للتنمية القطاعية فى القدس الشرقية بالتنسيق مع دولة فلسطين.
وتضمن القرار الإدانة الشديدة للخطط والسياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تقويض الاقتصاد الفلسطينى وحرمان الفلسطينيين من حقهم فى التنمية، بما فى ذلك السياسة الاستيطانية التوسعية الاستعمارية، بمختلف مظاهرها على كامل أرض فلسطين المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية.