يسير بوروسيا دورتموند بُخطى ثابتة، نحو استعادة لقب البوندسليجا، الغائب عن دولاب بطولات "سيجنال ايدونا بارك"، منذ استحواذ الغريم الأزلي بايرن ميونخ عليه قبل ستة مواسم، وذلك في ظل احتفاظ كتيبة المدرب السويسري "لوسيان فافر" بالصدارة بفارق 5 نقاط عن العملاق البافاري.
ابحث عن السبب
صحيح تعاقب على تدريب الفريق اثنين مدربين بعد رحيل مؤسس النهضة الحديثة يورجن كلوب، وهما توماس توخيل والمدرب الحالي، هناك استقرار فني لا يراه كثير من المشجعين، متمثل في وجود مايكل زورك، في منصب المدير الرياضي منذ سنوات، ومعه كتيبة من أفضل كشافين أوروبا، إن لم يكونوا الأفضل على الإطلاق، وعلى رأسهم الثعلث زفن ميسلنتات.
سياسة حكيمة
يعترف المدير الرياضي لأسود الفيستيفاليا، أن ناديه لا يُّعد من الأغنياء الخمسة ولا حتى العشرة في دوريات أوروبا، وذلك لضعف المُستثمرين الداعمين، مقارنة بمنافسه المباشر في ألمانيا بايرن ميونخ، أو عمالقة البريميرليج أو بطبيعة الحال "إلبي إس جي" أو الريال والبرسا، ولهذا، يعتمد على سياسة استهداف المواهب الخام، والتي جعلته "ملاذًا" لنجوم المستقبل الذين يبحثون عن نادٍ كبير يمنحهم الفرصة.
لماذا يُفضل الشباب بوروسيا على كبار أوروبا
لو نتذكر. اليافع عثمان ديمبلي، كانت أمامه فرصة حقيقية للانتقال لأحد كبار البريميرليج عندما تمرد على ناديه الفرنسي السابق، لكنه فَضل ارتداء القميص الأصفر والأسود، لأنه يعرف جيدًا أنه سيُعطيه فرصة عمره ليُعبر عن نفسه، ومن حُسن حظه، أنه ذهب للبوروسيا في توقيت مثالي، ليعوض رحيل الآرميني هنريخ مخيتريان بعد انتقاله للمان يونايتد.
قبل عثمان ديمبلي بست سنوات، بدأت قصة استكشاف المواهب، عندما جاء شينجي كاجاوا من اليابان مقابل رسوم لم تتخط الـ350.000 يورو، ليتّحول في غضون سنوات لأفضل صانع ألعاب في البوندسليجا، ليتعاقد معه اليونايتد بـ30 مرة ضعف المبلغ الذي أٌنفق عليه، كذلك روبرت ليفاندوفسكي، التقطته كشافة النادي وهو بعمر 22 عامًا.
سيداتي سادتي... لقد انتهي سوق الانتقالات الشتوي????
ما هي الصفقة الأبرز ???? pic.twitter.com/KAZw6gNMDZ
— جول العربي - Goal (@GoalAR) January 31, 2019
مع ديمبلي وبعده. هناك ألكسندر إسحاق، هو الآخر اقترن مستقبله بصفوة الأندية الأوروبية، لكنه فَضل البوروسيا على الجميع، وحتى بعد رحيل ديمبلي، انفجرت موهبة كريستيان بوليسيتش وخليفة الشاب الفرنسي جادون سانشو، الذي يُساهم مع المجموعة الحالية في إنجاز تصدر البوندسليجا مع بداية النصف الثاني، بفريق قوامه من شباب والناشئين باستثناء الخبير ماركو رويس، وآخرون يُعدون على أصابع اليد يُقال عنهم أصحاب خبرات.
جني الثمار
بوروسيا دورتموند، ليس بالنادي القادر على منافسة حتى أحد الفرق المتوسطة في إنجلترا على لاعب قيمته تُقدر بنحو 30 أو 40 مليون، باستثناء المبلغ الذي أنفق على شورله -30 مليون- ومخيتاريان -26 مليون-، القاعدة والأساس لا تزيد عن 10 أو 16 مليون، كما فعل في جُل صفقاته التي اشتراها بأرقام بخس، ثم استثمر فيها بملايين طائلة، لعل آخرهم كان بيير إيمريك أوباميانج، الذي عرف المعنى الحقيقي للنجومية مع دورتموند، بعدما كان لاعب شبه مغمور، وفي الأخير، أنعش الخزينة بأكثر من 60 مليون يورو، بعد بيعه لآرسنال الشتاء الماضي، والشاب الأمريكي بوليسيتش، الذي أتى بمبلغ مماثل بصفقة بيعه لتشيلسي الصيف القادم.
صمود الأبطال
بعيدًا عن الأمور التحليلية والفنية للفريق داخل الملعب، فسياسية بوروسيا دورتموند ونجاحها المُذهل في العقد الحالي، تستحق الدراسة والتأمل، كيف لا وبعض الفرق، تنهار تمامًا بمُجرد أن يرحل عنها لاعب مؤثر، فما بالك بفريق يُغير جلده 180% مرة كل ثلاث أو 4 سنوات بحد أقصى، فريق رحل عنه كل الأسماء التي أشرنا إليها أعلاه، وأكثر لم نتطرق للحديث عنهم، وما زال يُنافس ويفوز بالألقاب، الموسم قبل الماضي، أوقف احتكار البايرن، بالفوز بكأس ألمانيا، وعلى مستوى دوري الأبطال، رسم لنفسه شخصية الكبار، بحفاظه على مكانه في الأدوار الإقصائية ووصله للنهائي عام 2013.
وهذا الموسم، يأكل الأخضر واليابسة محليًا وقاريًا، بتمسكه بالصدارة حتى مواجهة الغد الصعبة ضد فرانكفورت، أيضًا في الكأس، أمامه فرصة مثالية لمواصلة مغامرته، عندما سيستضيف فردر بريمن منتصف الأسبوع الجديد، وسيبقى الاختبار الأهم لمشروع فافر، صدام توتنهام منتصف هذا الشهر في ربع نهائي دوري الأبطال، فهل سيُحافظ على فرصه في كل البطولات في شهر فبراير المُزدحم بالمباريات الفاصلة؟ فلننتظر.