استمرار التباين في المواقف السياسية العراقية بشأن بقاء القوات الأميركية

آخر تحديث 2019-02-15 00:00:00 - المصدر: سكاي عراق

رغم أن عدد القوات الأميركية في العراق غير معروف بدقة، إلا أنها باتت تشكل مصدر قلق لأطراف محلية عديدة، لاسيما مع تصاعد تصريحات واشنطن بشأن تلك القوات.

فحديث الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، مؤخرا، عن أن واشنطن ستبقى على جنودها في العراق لمراقبة جارته إيران، أثار استياء مسؤولين في بغداد، وأفرز مواقف متباينة من شخصيات وكتل سياسية ومسؤولين، فضلا عن جدل قانوني متواصل.

 فصائل شيعية تتوعد

رغبة واشنطن المعلنة في بقاء قواتها قوبلت بردود أفعال حادة أطلقتها فصائل شيعية، بعضها مقرب من إيران، متوعدة باستعدادها لمواجهة لتلك القوات.

وقال هاشم الموسوي، المتحدث باسم حركة النجباء، (ضمن الحشد الشعبي)، إن "خيار المقاومة سيأتي بعد استنفاد كل الجهود السياسية والبرلمانية، إذ تستعد بعض القوى لإصدار قانون يتم بموجبه إخراج كافة القوات الأجنبية من العراق"، مضيف: "كلا للأتاوات ولي الأذرع".

وتابع: "سيكون هناك تكتيك وتخطيط، وإذا تم استنفاد جميع المحاولات الحكومية والنيابية لن يبقى أمامنا إلا الحفاظ على السيادة، ونقول الكلمة الأخيرة، وسنختار التوقيت (للمواجهة)".

كما أعلنت فصائل أخرى من الحشد الشعبي رفضها بقاء القوات الأميركية، واستهدافها لإيران انطلاقا من العراق.

وقالت حركة "عصائب أهل الحق"، مقربة من إيران، إن التواجد الأميركي في العراق "لا يهدف إلى مساعدة البلد"، وإنما لـ"تأمين إسرائيل".

فيما اعتبر المتحدث باسم "كتائب حزب الله" العراقي، محمد محيي، أن تصريح ترمب هو "إعلان صريح لاحتلال العراق ومرحلة جديدة من المواجهة".

وأردف بالقول إنه "لا يمكن لترمب أن يفكر بالاعتداء على إيران من أراضينا.. إذا قررت واشنطن الاعتداء على سوريا وإيران من العراق سنقطع يدها".

 كتل برلمانية رافضة

ملف القوات الأجنبية كان موضوع اجتماع عقد مؤخرا بين أكبر كتلتين في البرلمان العراقي، وهما تحالف "سائرون"، الذي يرعاه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وتحالف "الفتح"، بزعامة هادي العامري.

واتفقت الكتلتان على رفض وجود أي قوات أجنبية في العراق، وأن بقاء القوات الأميركية يحتاج إلى اتفاقية جديدة.

ويترأس العامري "ائتلاف البناء"، وهو مقرب من إيران، ويضم تحالف "الفتح"، ائتلاف "دولة القانون"، حركة "عصائب أهل الحق" وفصائل مسلحة وقوى سنية.

كما أعلن رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، ورئيس تحالف "الإصلاح والإعمار"، عمار الحكيم، خلال اجتماع، رفضهما لتواجد القوات الأجنبية والقواعد العسكرية في العراق، وضرورة دعم موقف الحكومة تجاه الحاجة لهذا التواجد (لمكافحة الإرهاب وتدريب القوات العراقية).

الموقف الرسمي

رسميا، أعلن رئيس الجمهورية، برهم صالح، أن القوات الأميركية المتواجدة في العراق لا يحق لها مراقبة إيران، داعيا واشنطن إلى توضيح مهام تلك القوات.

وزاد بأن "القوات الأميركية موجودة في العراق بموجب اتفاقية بين البلدين، وبمهمة محددة، وهي مكافحة الإرهاب".

وأعلن النائب الأول لرئيس البرلمان، حسن الكعبي، أن البرلمان "سيعمل على تشريع قانون يتضمن إنهاء العمل بالاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة".

وأعرب عن رفضه لتصريحات ترمب، متهما إياه بأنه "تجاوز مرة أخرى العرف القانوني والدستوري للدولة العراقية، بعد زيارته السابقة لقاعدة عين الأسد".

 العراق في مواجهة الإرهاب

ألمح عضو اللجنة الأمنية في البرلمان، محمد الكربولي، إلى عدم وجود إجماع على إخراج القوات الأجنبية من العراق، في ظل استمرار الحرب على داعش والإرهاب عامة.

وقال الكربولي: "صحيح توجد حملة تواقيع من قرابة 52 نائبا لسن قانون لإخراج القوات الأجنبية من العراق، لكن الأمر لا يتعلق بمزاجيات نواب أو كتل تتبع إيران أو غيرها، بل يتعلق بمصير العراق الأمني".

وتساءل مستنكرا: "هل يستطيع العراق لوحده، بعد إخراج القوات الأجنبية، مواجهة الإرهاب، خاصة في المناطق الصحراوية غربي البلد، وبعض المدن التي ما تزال تعاني من الإرهاب؟".

 الاتفاقية الأمنية

يستبعد خبراء أمنيون وسياسيون إمكانية سن قانون لإخراج القوات الأجنبية من العراق، على الأقل حاليا.

وقال رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، واثق الهاشمي: "أعتقد أن مشروع القانون سيصطدم بعقبات موجودة في الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن".

وتابع: "تنص المادة 30 -فقرة ب من الاتفاقية على أنه لا يحق لطرف إنهاء الاتفاقية دون اتفاق الطرفين، كما يجب على كل طرف إبلاغ الآخر برغبته في الإلغاء قبل عام من الطلب، ومن يحق له طلب الإلغاء هو القائد العام للقوات المسلحة".

واستطرد الهاشمي: "قاعدة عين الأسد هي عراقية، وفيها مستشارون ومدربون، ولا توجد قواعد أميركية صرفة في العراق".

وأردف: "يوجد تهويل في الأخبار، ولم تدخل قوات أميركية العراق حديثا، بل يوجد مستشارون ومدربون، وتحديدا من الجانب الأميركي بقرابة خمسة آلاف عنصر".

بينما قال الخبير العراقي بالقانون المحلي الدولي، طارق حرب، إن "الاتفاقية الأمنية الموقعة في 2008 (خلال رئاسة نوري المالكي للحكومة)، انتهت في 2011، بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق".

وتواجدت قوات أميركية في العراق منذ أن قادت واشنطن تحالفا دوليا أسقط نظام حكم رئيس النظام السابق (1979: 2003)؛ بزعم علاقته بالإرهاب، وامتلاكه أسلحة دمار شامل.

وتابع حرب أن "الوجود العسكري الأميركي الحالي في العراق جاء بعد انضمام الأخير إلى اتفاقية التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب".

وينتشر نحو خمسة آلاف جندي أميركي في العراق منذ تشكيل التحالف، بقيادة واشنطن، عام 2014، لمحاربة داعش، عقب استيلائه على مساحة واسعة من أراضي الجارتين العراق وسوريا.

ورأى حرب أن "إخراج القوات الأميركية من العراق يتطلب انسحاب بغداد من اتفاقية التحالف".