رووداو - أربيل
كان ولا يزال للناتو دور هام في العراق، حيث وضع أكثر من سبعمئة من مدربيه لتدريب القوات العراقية لكي يتمكنوا من بناء الانضباط المهني في الجيش العراقي، وإحداث تطور عسكري جيد في العراق، وخاصة في مجال محاربة الإرهاب، وتمكين العراقيين من الوقوف على أرجلهم في هذا المجال، وحول هذا الموضوع، أجرت شبكة رووداو الإعلامية هذا اللقاء مع قائد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العراق داني فورتن، بهدف إثارة مجموعة من المواضيع الخاصة بكوردستان والعراق والتي يستطيع الناتو أن يلعب دوراً فيها.
وفيما يلي نص المقابلة التي أجرتها شبكة رووداو الإعلامية:
رووداو: السيد فورتن ما هي آخر مهام الناتو في العراق وكوردستان؟
داني فورتن: شكراً جزيلاً لإتاحة هذه الفرصة للحديث عن مهام الناتو في العراق. تم تحديد هذه المهمة قبل نحو أربعة أشهر من الآن. هدفنا هو تقديم المشورة لوزارة الدفاع العراقية، مكتب مستشار الأمن الوطني، رئيس الوزراء ومركز العمليات العامة. كما نقوم بتدريب مدربي المدارس العسكرية، ونوفر لهم التربية العسكرية المهنية. هذه المهمة تشمل بغداد وعدداً من مناطق العراق الأخرى.
رووداو: تعرض قسم من العراق للتدمير، وهناك ألغام وعبوات في كثير من المناطق خلفتها حرب داعش. هذه الألغام والعبوات تمثل التهديد الرئيس للمواطنين الذين يريدون العودة إلى ديارهم. كيف يساعد الناتو العراقيين على العودة إلى مناطقهم؟
داني فورتن: أنجزت القوات الأمنية العراقية أعمالاً جيدة جداً. من قبيل هزيمة داعش ومحو الخلافة. لكن التهديد مازال قائماً. السبب الرئيس لاندلاع الصراع مازال قائماً، يجب أن نعرف هذا،ما الذي نوفره نحن؟ في الحقيقة، وبفضل تاريخنا المشهود في توفير التخصصات وخبرتنا في مجالات التدريب والتمرين والتأهيل في عدد من الدول، نستطيع مساعدة الجيش العراقي على التطور في عدة مجالات وليصبح قوة مهنية.
رووداو: جيد، قمتم بتدريب أكثر من ألف جندي عراقي ليصبحوا مدربين عسكريين في المدارس العسكرية المختلفة في العراق. كيف تساعدون الجيش العراقي في الاستعداد لمواجهة احتمال ظهور تهديد آخر شبيه بما حدث في حزيران 2014؟ عندما شنت الدولة الإسلامية هجومها.
داني فورتن: بدأنا مؤخراً بتدريب الجنود العراقيين. نحن نعمل مع مختلف فروع وزارة الدفاع. نبدأ من المدارس العسكرية. نقوم بإعداد مدربين عسكريين. مازال عدد هؤلاء قليلاً، لكن لأننا قوة مكملة للجهود الأخرى، نعمل جنباً إلى جنب وزارة الدفاع على إعداد أولئك المدربين الذين سيصبحون مستقبلاً مدربين عسكريين في المدارس. نعمل لكي يبلغ العراق مستوى يقوم فيه عراقيون بتدريب قواتهم بدلاً عن اللجوء إلى أجانب، مثلنا، لتدريب قواتهم. هذا هو الهدف. فمهمتنا ليست خوض المعارك والقتال، وليست التدريب في ميادين المعارك ولا تقديم المشورة الميدانية. إن ما نفعله يقتصر على تقديم التمرين والتدريب في المدارس والكليات العسكرية، لمساعدة الجيش العراقي ليكون أفضل وأكثر مهنية.
رووداو: من هم هؤلاء الذين تقومون بتدريبهم؟ هل هم عراقيو بغداد ومناطق الوسط والجنوب فقط، أم يوجد بينهم مدربون من قوات البيشمركة؟
داني فورتن: صدرت أوامر القيام بعملية التمرين والتدريب هذه من مجلس شمال الأطلسي التابع للناتو، والأوامر تقضي بتدريب المؤسسات والقوات التي تشرف عليها الحكومة العراقية إشرافاً مباشراً. لذا فإننا نقدم التدريب للقوات التابعة لوزارة الدفاع فقط. لدينا تنسيق جيد مع كل تلك الأطراف التي تقوم بتدريب قوات وزارة الداخلية وغيرها من القوات في بغداد. لكن مهمتنا تقتصر على تدريب القوات التابعة لوزارة الدفاع.
رووداو: في تقرير قدمه للكونغرس، بداية الشهر الحالي، تحدث مسؤول من البنتاغون عن أنه بالرغم من تحسن الوضع الأمني في العراق، فإن القوات الأمنية العراقية لا تزال تعاني من الضعف في بعض مفاصلها الهامة، ومنها مجال المعلومات الاستخبارية، ما هو تقييمكم للأجهزة الأمنية العراقية؟
داني فورتن: خوض الحرب في ظروف معقدة، يحتاج إلى قدرات، يحتاج إلى قوة مدربة. أفضل المعلومات المتوفرة هنا، معلومات الناس. معلومات الناس هامة وقيّمة، ونحن نعمل على تقديم المشورة للتأكد من بناء قوة قديرة على أساس تدريباتنا، ولكي نبني قوة عسكرية فاعلة جداً.
رووداو: في آخر تصريح له، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أن: خلايا داعش توفر المال وأسباب البقاء من خلال مجموعة نشاطات إرهابية، مثل إجبار الناس، الخطف واتخاذ الرهائن لكسب المال، إلى جانب أعمال إجرامية أخرى مستمرة إلى الآن. إلى أي حد تساهم تدريباتكم للقوات الأمنية العراقية في مواجهة هذا؟
داني فورتن: سأتحدث عن نقطتين، الأولى هي أننا نقدم المشورة في مجال الإصلاح في القطاع الأمني. هناك مجموعة أمور في الأجهزة الأمنية العراقية يجب تغييرها وتحديثها لتواكب العصر. النقطة الثانية هي أننا نريد الاطمئنان إلى بناء جيش تُمكن مساعدته وتوفير النفقات له، جيشٍ يكون قديراً، أكثر مهنية في تنفيذ عمليات عسكرية مختلفة تماماً، كان عليه أن ينفذها خلال السنوات الأربع الأخيرة، رغم أن خلافة داعش لم تعد قائمة، لكن عناصر داعش مازالوا موجودين، ويعملون على النهوض عسكرياً من جديد، إنهم قادرون على استغلال الفراغات والضعف في القوات الأمنية العراقية بسهولة، ومنها الفراغ المعلوماتي. في المناطق التي تنتهي عندها حدود قوة معينة وتبدأ حدود قوة أخرى. هدفنا هو أن تكون هناك قوة أكثر قدرة تعمل جنباً إلى جنب كل القوات الأمنية العراقية الأخرى، نحن هنا لتحقيق هذا الهدف.
رووداو: بعد سقوط الدولة الإسلامية، ما هو تقييمكم لخطر داعش، وخاصة المسلحين الباقين في عدد من المناطق السورية وفي الأنبار في العراق؟
داني فورتن: كما ذكرت سابقاً، خطر ظهور داعش من جديد مازال قائماً. يتم نشر أرقام مختلفة عن بقايا داعش. أنا أرى أن داعش تنظيم تعلم من أخطائه. إنه متواجد في العراق. ولهذا لا يمكن أن لا نأخذ بهذه الحقيقة، حقيقة كونه مازال يشكل تهديداً لهذا البلد. يستطيع أن ينفذ هجمات في عدد من المناطق. كما يجب أن نعرف أنه ينفذ نشاطات غير قانونية في بعض المناطق لكسب المال والعائدات. أعتقد أنه إن لم يتم حل الأسباب الأساس للصراع، من الممكن أن يظهر داعش من جديد بصورة وصيغة أخرى. إن خطر بروزه المسلح قائم حتى الآن. لهذا فإنني مع رفاقي نحاول نقوم بتمرين وتدريب القوات العراقية لتكون في مستوى جيد، وسنستمر حتى نتمكن من إعداد قوة تكون مستعدة لمواجهة أي حدث طارئ.
رووداو: تتحدث حكومة إقليم كوردستان والحكومة العراقية عن عودة قوات البيشمركة إلى المناطق المتنازع عليها، وخاصة كركوك وأطرافها، هل تجدون هذا فكرة جيدة؟
داني فورتن: حسناً، أنا لا أستطيع التحدث عن هذا الموضوع، لأنه خارج إطار مسؤولياتي، وكما ذكرت من قبل، نحن نركز على بغداد وأطرافها، ونقدم المشورة للمدارس العسكرية في بغداد. لذا، لا أستطيع التحدث عما يجري في المناطق الأخرى.
رووداو: حسناً، كيف هي العلاقة بين الناتو وحكومة إقليم كوردستان وقوات البيشمركة؟
داني فورتن: ليست لدي علاقة بهذا، فواجبي هو في بغداد وأعمل مع وزارة الدفاع. ليست لدي علاقة مع القوات الأمنية العراقية الأخرى.
رووداو: جيد، لكن ما هي وجهة نظر الناتو تجاه قوات البيشمركة التي قاتلت داعش بضراوة لأكثر من أربع سنوات، في حين تمثل محاربة الإرهاب جزءاً من مهام الناتو؟
داني فورتن: بهذه الصورة سأجيب عن سؤالك. مهمتنا هي تدريب الجيش العراقي وبناء جيش قوي. ما نعلمه إياهم، يمكن أن تنقله الحكومة العراقية إلى القوات الأخرى. أنا أحث الحكومة العراقية على تقاسم ما تعلمته من حرب داعش مع الجيران.
رووداو: أي جيران؟ وماذا تقصد بالجيران؟
داني فورتن: كل الجيران، دول المنطقة التي تريد تلقي الدروس التي تعلمها العراق من حرب داعش، لا تتضمن مهمتي القيام بعرض تقييمي للقوات العراقية الأخرى. ما أستطيع قوله بالتحديد هو أن أفضل شيء يتمثل في أن تكون كافة القوات مستعدة لمواجهة كل نوع من التحديات، من قبيل ظهور مسلحين تابعين لجهة أخرى أو داعش بعد إعادة تنظيم صفوفه.
رووداو: ما هو مستقبل مهمة الناتو، بينما توجد مؤسسات وقوى عراقية تطالب برحيل القوات الأجنبية؟ ومن بين هؤلاء الحشد الشعبي الذي يطالب بهذا؟
داني فورتن: نحن نرتبط بعلاقة جيدة جداً مع وزارة الدفاع والحكومة العراقية. نحن هنا لتقديم المشورة. بدأت فرقنا مؤخراً بإلقاء المحاضرات في المدارس العسكرية وتقديم المشورة لوزارة الدفاع. ما ألمسه في المستقبل القريب هو توفر فرصة لنا لإعداد عدد من المدربين. مدربين للمدارس العسكرية، وعندما تتم هذه المهمة بصورة جيدة، وتؤدي مشوراتنا إلى بناء جيش قوي وموحد، مستعد تماماً، تنتهي مهمتنا، بعد ذلك سنواصل شراكتنا الطويلة الأمد مع العراق، ويمكن أن تتجسد هذه الشراكة في عدة صور، العراق حليف عالمي هام للناتو، كما يستطيع العراق الإفادة من تدريبات ومناهج الناتو في المستقبل أيضاً.
رووداو: هل هناك تهديد للناتو في بغداد؟
داني فورتن: أنا كقائد، أحرص دائماً على سلامة قواتي. مهماتنا تمس المدنيين والعسكريين معاً. في كل دول حلف الناتو. أحرص دائماً على أن جميع المعايير والإجراءات قد اتخذت لحماية قواتنا لكي نتمكن من أداء مهامنا، في المدن وفي القواعد العسكرية.
رووداو: كيف هو الوضع الأمني في العراق، وخاصة في بغداد حيث تعملون؟
داني فورتن: بحسب مصادري، ليس هناك أي تهديد داخل مدينة بغداد، كما أننا نعمل بطريقة، بحيث لا يعرف أحد وجهتنا مسبقاً، وسنعمل بسرية قدر الإمكان. لا أريد الادعاء بأننا قوة كبيرة، لكننا لا نصدر إلا إشارات قليلة تدل على تواجدنا في المدينة. نذهب فقط إلى الأمان التي يجب أن نذهب إليها لغرض إجراء التدريب أو تقديم المشورة.
رووداو: حسناً، أود الانتقال إلى السؤال عن سوريا. الحرب ضد داعش تمضي صوب نهايتها في كثير من أنحاء سوريا، كيف ينظر الناتو إلى الوضع الجديد في سوريا؟
داني فورتن: دعني أخبرك بأن جهودنا مكملة لجهود التحالف المضاد لداعش، ونعمل من خلال التنسيق مع التحالف الدولي، أنا أراقب الوضع في كل العراق وسوريا.
لكن الوضع في سوريا ليس جزءاً من مهمتي، لهذا لا أستطيع التحدث عن موقف الناتو من الوضع في سوريا، سوى الأمور التي تتوفر في المواقع الإلكترونية، والتصريحات التي صدرت عن الناتو في الفترة الأخيرة.
رووداو: حسناً، قاتلت الدولة الإسلامية في كل من العراق وسوريا، ولنحو أربع سنوات، القوات وكذلك المواطنين، ما هو تقييمكم كقائد في الناتو، لعودة ظهور التحركات المسلحة لداعش في المنطقة؟
داني فورتن: هذا لا يدخل ضمن إطار مسؤولياتي، لذلك لا أستطيع التحدث عنه، لكن وكما ذكرت سابقاً، هناك خطر، وكل المؤشرات تقول إن داعش يتحول إلى حركة مسلحة أخرى في حال لم تتخذ الإجراءات اللازمة ولم يتم تحييده/ إذا سمحنا لهم بالتحرك بحرية، فإنهم على ما أرى، ستسببون في مشكلة كبرى لهذا البلد وللمنطقة أيضاً.
رووداو: هل ستستمرون في البقاء في بغداد وأطرافها أم ستنتقلون إلى أجزاء أخرى من العراق لتدريب المزيد من القوات الأمنية؟
داني فورتن: لا، فمهمتي تقتصر على تدريب قوات الجيش العراقي داخل بغداد وفي أطرافها، كذلك فإن الفرصة متاحة للضباط وذوي الرتب العسكرية العراقيين للمشاركة في دورات تدريبية خارج العراق، في المؤسسات والمدارس العسكرية التابعة للناتو أو للدول الأعضاء في حلف الناتو، هناك عدد من التدريبات التي لا نستطيع تقديمها هنا، لذا من الأفضل أن يسافر أشخاص محددون إلى خارج العراق لفترة ما، والانضمام إلى دورات تستمر ستة أشهر أو سنة، وبعد التخصص، يعود هؤلاء إلى العراق ويقومون بترجمة المعلومات التي حصلوا عليها إلى أفعال في وزارة الدفاع والقوات الأمنية العراقية.
رووداو: لكن الحرب الكبرى ضد داعش جرت في كوردستان، وكان للبيشمركة الدور الرئيس في هزيمة داعش. ماذا ستفعلون لتدريب قوات البيشمركة ودعمهم ليحاربوا الإرهاب؟ بينما أنتم الآن ملتصقون ببغداد وحدها؟
داني فورتن: يواصل عدد من أعضاء التحالف الدولي المضاد لداعش، تدريب قوات البيشمركة، وهذا لا يدخل ضمن مهام الناتو في العراق، لذا لا أقوم بتقديم التدريب لقوات البيشمركة أو أية قوة لا تخضع لإشراف مباشر من وزارة الدفاع العراقية.
رووداو: إذن فعملكم منحصر على بغداد وحدها؟
داني فورتن: هذا صحيح. نحن قوة صغيرة، يقل عددنا عن خمسمئة جندي. نحن نركز الآن على المناطق التي ذكرتها.
إذا أرادت الحكومة العراقية مستقبلاً، قيام الناتو بتقديم التدريب خارج المناطق التي نستقر فيها حالياً، سنقوم بتقييم ذلك الطلب، والأمر متوقف على الدعم والمشاركة الفاعلة للحكومة العراقية، كما ينبغي أن أشير إلى أن الأمن ومسائل أخرى ضرورية لنتمكن من العمل بصورة جيدة. أعود لأقول إننا قوة صغيرة وإن مهمتنا ليست قتالية بل تنحصر في التربية والتدريب فقط. فنحن لا نأتي إلى العراق ومعنا أسلحة ثقيلة ومعدات كثيرة.
رووداو: خلال تواجدكم في العراق، منذ 2017، ما عدد الذين قمتم بتدريبهم؟
داني فورتن: العدد صغير. لأن المهمة الأولى أسندت إلينا في تشرين الأول 2018، في العام 2017 كان يوجد سبعة عناصر فقط من ناتو في العراق، كانوا جزءاً من فريق لتدريب الجنود العراقيين، كان فريقاً مختلطاً من عناصر عسكرية ومدنية، كانوا يعدون تقارير عن النشاطات المرتبطة بتدريب الجيش العراقي وتقديم المشورة أو اقتراح صيغ استشارية لقيادة الناتو، بخصوص الأمور التي يمكن أن يقوم بها الناتو في العراق، لهذا فإننا لم نقم قبل تشرين الأول 2018 بتدريب عدد كبير من الجنود العراقيين.
رووداو: كيف تتعامل القوات العراقية مع قادة الناتو الذين يقومون بتدريبهم في المعسكرات؟
داني فورتن: ما لمسته أنا، وما لمسه فريقي، هو أن القيادة العراقية موافقة على أن مهمتنا تختلف عن عمل الحلفاء، نحن لسنا قوة تقاتل إلى جانب القوات العراقية في جبهات الحرب أو توفر لها السلاح، نحن نقوم فقط بنقل خبراتنا وتجاربنا للجيش العراقي، ونأتي بخبراء من دول مختلفة لتدريب الجنود العراقيين، لهذا كانت أمامنا حتى الآن فرصة كبيرة للعمل، والجنرالات الذين نتحدث إليهم باستمرار، يستحسنون أعمالنا ويدعمون ويؤيدون ما نقدمه لهم.
رووداو: شكراً جزيلاً لقائد الناتو في بغداد، داني فورتن...
داني فورتن: شكراً لكم أيضاً.