المخرج المسرحي علي الشيباني:المسرح سبيل حقيقي لخلق حياة سويه

آخر تحديث 2019-02-26 00:00:00 - المصدر: نون

مخرج لا يتوقف عند الصعوبات التي تعترضه، بل يزيح جانباً كل ما من شأن أن يؤدي إلى عرقلة العمل وتواصل رسالته واستمرارها، كما يدفعه إصراره على إنجاز العمل أحياناً إلى التخلّي عما يعتبره آخرون من الضروريات. 

التقينا به وأجرينا معه الحوار التالي الذي يعرّف بتجربته الرائدة ويلقي الضوء على بعض الجوانب الأخرى من الواقع الثقافي والفني:

*كلمات تختصر للقارئ سيرتك الذاتية ؟
•علي عبد الحسين الشيباني من كربلاء مواليد1958
بكالوريوس أكاديمية الفنون الجميلة – جامعة بغداد- قسم الفنون المسرحية / فرع الإخراج،ماجستير فنون مسرحية كلية الفنون الجميلة – جامعة بابل
دكتوراه إخراج مسرحي جامعة بابل – كلية الفنون
حصلت على الكثير من الجوائز منها:
-جائزة أفضل ممثل شاب / المركز العراقي للمسرح. للموسم المسرحي 1982 عن دوره في مسرحية (الزنوج) لجان جينيه اخراج سامي عبد الحميد.
-جائزة الإبداع من أكاديمية الفنون الجميلة.
-شهادة تقدير من نقابة الفنانين العراقيين عن اخراج مسرحية (النمور في اليوم العاشر) عام 1985.
-جائزة الإبداع من مهرجان المسرح العراقي عن اخراج مسرحية (قطعة العملة).
-شهادة الإبداع من دائرة السينما والمسرح في مهرجان المسرح العراقي عن اخراج مسرحية (الملياردير).
-جوائز وشهادات تقدير من وزارات (الثقافة – التربية والتعليم – العمل والشؤون الاجتماعية) في جمهورية اليمن، ومنظمتي (اوكسفام البريطانية، ورادا برانر السويدية) في مجال العمل الفني والأدبي والصحفي مع ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين) للأعوام 1991- ولغاية عام 1998.
-جائزة الإبداع من الاتحاد العام للأدباء والكتاب اليمنيين – صنعاء عن مسرحية (آه أيتها العاصفة)

*العرض المسرحي بين غياب الحس الدرامي وانزلاق الدمى المتحركة ماهو تعليقكم؟
•ان فعالية المسرح تعتمد بالأساس على مفهوم الدراما بمعنى أن ليس هنالك مسرح مالم تتوفر الدراما بوصفها عنصرا أساسيا في تقديم أي عرض مسرحي أو نص مسرحي.
فعند غياب الدراما يعني غياب الصراع وغياب تصادم الرغبات وبالتالي يتحول المسرح بكل عناصره من ممثل وديكور وإضاءة وازياء إلى دمى جامدة.
ولذا فإني أرى بأن المسرحية سوى كانت نصا مكتوبا او عرض يتجسد على خشبة المسرح لابد لها أن لا تقع في هذا الانزلاق بهدف تحقيق الدهشة والإمتاع والفائدة، هذا اذا ان عرفنا المتلقي "المتفرج" هو اهم العناصر التي يعتمد عليها المسرح فبدون الجمهور لا يمكن أن نقدم اي مسرحية،والجمهور بالعادة يسعى إن يرى إحداث ومفاهيم تتحرك بإرادة وعفوية وتجعل من الصراع سبيلا أساسيا ينهض في العمل الادائي إلى ذروته وبخلاف ذلك يكون المنتج المسرحي بلا قيمة تذكر كما هو الحال بالدمى الجامدة التي لا تصنع الحياة. ولا تحفز خيال المتلقي لان يفكر ويتأمل ويتخذ موقفا مما يجري.

*ماذا يعني المسرح لك ؟ وكيف عرف المسرح طريقه اليك؟
•المسرح يعني لي الكثير فأنا شخصيا منذ طفولتي عملت في المسرح وكانت البداية من المدرسة يوم كانت المدارس تعتني بهذه الفعالية إذ كانت معظم مدارسنا فيها قاعات تخصص للمسرح والموسيقى فضلا عن وجود معلمين مختصين يعلمون التلاميذ كافة الفنون وهذا ما جعلني أشعر أن المسرح بيتي ومستقبلي وعلى ذلك صار يعني لي بأنه حياة سوية كاملة.
اما كيف عرف المسرح طريقه الي ان في داخل كل إنسان على وجه الأرض ثمة مسرح هذا اذا عرفنا أن الإنسان محاكي بطبعه والمسرح هو محاكاة على الدوام والفارق هنا ان المحاكاة في المسرح تستند بطبيعتها إلى الجانب الجمالي والمعرفي ومن هذا فإن كل البشر محاكون بطبعهم ومنهم من تتوفر لهم الفرصة لأن يدخل حقل المسرح برغبته وبإرادته ليكون ضمن جوقة المسرحيين.
و بقدرتعلق الأمر بذاتي فأنا منذ طفولتي كانت تستهويني مشاهدة العروض المسرحية ومتابعة ما يجري من أحداث يجسدها بعض الممثلون أثناء شهر محرم وما يحصل من تجسيد لواقعة الطف الأليمة ومن خلال ذلك عرفت المسرح ونجذبت روحي اليه للحد الذي قررت ان أدرس واجتهد في هذا الحقل الإنساني المهم.

*هل لنا أن نعرف كيف يحدد علي الشيباني تقنيته في الإخراج ؟
•المسرح كما ذكرت هو مجموعة عناصر منها (الديكور،الازياء،الإضاءة،النص والجمهور والممثل)انا أرى أن اهم هذه العناصر هو الممثل لأن جميع هذه العناصر تسعى لخدمة الممثل وجعله اكثر قيمة جمالية ادائية،هذا إذا عرفنا أن الممثل هو بحد ذاته يعد تقنية مهمة جدا بما يملكه من تقنيات صوتية وحركية وعلى المخرج ان يستثمر هذه التقنيات في الممثل.
اما باقي التقنيات التي هي في الغالب مواد مصنوعة فإن أهميتها بالنسبة لي شخصيا تساعد على خلق الأجواء المناخية للعرض المسرحي بمعنى خلق المناخ عبر اللون والملمس والمؤثر الصوتي وتحديد المكان والزمان المناسبين للمشهد المسرحي.

*ماذا عن مرحلة البدايات ؟ وماهي اخر نشاطاتك المسرحية؟
•البدايات من المدرسة في ظل الفعاليات التي تقدمها المدرسة في الخطابة والمسرح والمشاركة في معظم المهرجانات التي تقام على مدار السنة وصولا إلى دخولي إلى دراسة المسرح بشكل علمي ومنهجي في أكاديمية الفنون الجميلة.
اخر نشاط مسرحي قدمته هو مسرحية (اوفر بروفه) للمكفوفين والآن أعد لمشروع مسرحي يتخذ من المذهب الصوفي أساسا عمليا على مستوى النص والعرض.

*عراق مشتت، ماهي مساهمة المسرحيين لانقاذه ثقافيا؟
•أرى أن المسرح سبيلا حقيقيا لخلق حياة سويه اقول هذا وأمامي صورة تواجد الجمهور داخل قاعات المسرح وهم يشاهدون عرضا مسرحيا ويتبادر إلى ذهني ان هناك ثمة حميمية مثالية بين الجمهور و خشبة المسرح وبين الجمهور أنفسهم، شريطة يقدم المسرح مواضيع إنسانية تلامس حياة الناس وترصد مشاكلهم وتلامس طموحاتهم واحلامهم وتدحض السوء والباطل وتدعو إلى المحبة والسلام. وعلى وفق هذا الحال سيكون المسرح سبيلا حقيقيا لان يدحض التشتت والتناحر والكراهية وهذه غاية إنسانية دائما ما يسعى المسرح لتحقيقها ونحن بهذا الصدد بأشد الحاجة ترسيخ فعالية المسرح.

•هل قدمت أعمالا رصدت سلبية الواقع السابق باعتباره مرحلة اجهضت احلام العراقيين ؟
•اظن ان ذلك هو الهدف الأساسي لأي فنان مسرحي وخلال مسيرتي كنت دائما ارصد سلبيات الماضي عبر السخرية والتهكم كما اني أسعى إلى التذكير بما جرى من مآسي خلفتها الحروب وحماقات السياسين الذين جعلوا العباد والبلاد في حالة عوز و جوع وموت يومي وفي ذات الوقت لا أزعم أن حاضرنا وردي وايجابي بكامله وكان لزاما علي ان ارصد كل الحالات واصفها في قالب مسرحي يرسخ المحبة والسلام ويذكر دوما بالماضي الأليم بغية تطهير النفوس من البغضاء والكراهية التي اجهضت احلام أبناء بلادي.

*الا ترى ان الفضاء الاعلامي قد حجم الإقبال الجماهيري على المسرح؟
•يعد الاعلام بكل وسائله طاقة جبارة تغير الرأي العام بأي لحظة ولذا أرى أن للاعلام دور كبير بأن يساهم على إقبال الناس إلى المسرح والعكس صحيح.

*ما هي الأعمال التي جسدتها وتعتبرها تركت بصمة لدى المشاهد؟
•كثيرة هي الأعمال التي سجلت معروفا في ذاكرة الناس، وانا دائما ما كنت أسعى إلى تقديم عروض مسرحية تقرب من وجدان الناس وتلامس همومهم ومتطلباتهم، ولأن التراجيديا اكثر صدقا فإن معظم اشتغالاتي كانت بهذه الاتجاه ومن الأعمال المسرحية التي نالت استحسان الجمهور أذكر منها مسرحية ظلال الطف و الملياردير وسفير النور وعملي الأخير للمكفوفين اوفر بروفه.
حاوره:منار قاسم