الاحتلال يحول الحواجز العسكرية إلى ساحات إعدام للفلسطينيين

آخر تحديث 2019-03-04 00:00:00 - المصدر: قناة الغد

لم تتورع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، كدولة مارقة على القانون الدولي، في تنفيذ أبشع جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، وفي ظل صمت دولي ودعم أمريكي لا محدود، خاصة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

وشكلت جريمة الإعدام البشعة، التي نفذتها قوات الاحتلال، الإثنين، في منطقة كفر نعمة بمدينة رام الله وراح ضحيتها الشابان أمير محمود جمعة دراج، ويوسف رائد محمد سليمان عنقاوي، وإصابة تالث بجراح، حلقة من ضمن مسلسل الإرهاب والإعدام التي ينفذها الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية خاصة على الحواجز، التي تنتشر بالمئات بين المدن الفلسطينية.

وأعادت هذه الجريمة المروعة إلى الأذهان سياسة الإعدامات الميدانية، التي انتهجتها قوات الاحتلال وأجهزته الأمنية منذ عقود طويلة، ظهرت على السطح بشكل جلي مع بدء الانتفاضة الفلسطينية الأولى حيث بدأ الاحتلال بملاحقة ما سماهم المطلوبين وقتلهم رمياً بالرصاص، على يد وحدات القوات الخاصة الإسرائيلية و”المستعربين”.

وكان مركز “بتسيلم” الإسرائيلي لحقوق الإنسان، قد وثق في تقرير له أول جريمة إعدام ميدانية بهدف القتل، بدلاً من السعي لاعتقال المطاردين، بتاريخ 9 أكتوبر/ تشرين الأول 1988، أي بعد نحو سنة من انطلاق الانتفاضة الأولى، عندما قتلت قوات الاحتلال بشكل مقصود ومن دون حصول مواجهات عامة بين الاحتلال وشبان الانتفاضة، الشهيدين كمال الطبيخ وفضل النجار في بلدة يطا جنوبي الخليل، حيث أطلق جنود النار عليهما من مركبة عسكرية بعد تحديد هويتيهما والتأكد منهما، ومن على مسافة قصيرة، فيما ادعى الاحتلال أن الاثنين استشهدا خلال محاولة الجنود الدفاع عن أنفسهم من جمهور فلسطيني غاضب رشقهم بالحجارة.

وقد توالت عمليات الإعدام بدم بارد لنشطاء الانتفاضة، أو من تعرفهم دولة الاحتلال “المطلوبين”، خلال العامين 1989 و1990، حيث أعدم الاحتلال العشرات من النشطاء، خلال وحدات” دوفدوفان” و”المستعربين”، الذين يتنكرون بالزى العربي ومدربين على تنفيذ هذه المهام “القذرة”، خاصة المجموعات التي كانت تعمل أبان الانتفاضة الأولى، ومن بينهم مجموعات “صقور فتح” في قطاع غزة، “الفهد الأسود” التابعتين لحركة (فتح) و”النسر الأحمر” التابعة لـ(الجبهة الشعبية) “كتائب القسام” ومجموعات أخرى تتبع لفصائل فلسطينية.

إعدام على الحواجز

وكثفت قوات الاحتلال من سياسة الإعدامات بحق المواطنين الفلسطينيين على الحواجز العسكرية التي تقيمها بين المدن والقرى الفلسطينية، تحولت هذه الحواجز إلى ساحات إعدام، فكل مواطن يمر عبر هذه الحواجز يكون عرضه للقتل والموت بفعل الأوامر العسكرية بالتعامل الدامي مع الفلسطينيين، وأصبح بإمكان اى جندي إسرائيلي يشعر بالخوف أو الارتباك أو الاشتباه تنفيذ عملية اعدام بحق كل مواطن او مواطنة.

وأفادت دراسة إحصائية أعدها مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني بأن 68% من حالات الإعدام خلال انتفاضة القدس تمت على حواجز الاحتلال، والتي يتراوح عددها ما بين 500 إلى 700 حجز تقريبا بين حاجز ثابت ونقاط طيارة.

وذكرت الإحصائية، أن معظم حالات الإعدام تمت على حواجز: بيت عينون بالخليل، وحوارة وزعترة بنالس، وحواجز مدينة القدس، وبيت إيل وعتصيون.

وأشارت إلى أن الإعدام المباشر والإفراط في استخدام القوة شكلت النسبة الأكبر في ارتقاء الشهداء، حيث تم رصد ما نسبته 84% تم استشهادهم بهذه الطريقة.

كما بينت الإحصائية أن محافظة الخليل تصدرت قائمة المحافظات، التي قدمت شهداء خلال الانتفاضة، حيث ارتقى منها 50 شهيدًا.

وكان من أشهر عمليات الإعدام التي نفذتها قوات الاحتلال في مدينة الخليل المحتلة، حين أقدم الجندي الإسرائيلي “أليئور أزاريا” على إعدام الشهيد عبد الرحمن الشريف ، في (مارس/ آذار عام 2016)، حيث أطلق النار عليه من مسافة قريبة في حى تل الرميدة في مدينة الخليل، بينما كان الشريف مصاباً على الأرض ولا يقوى على الحراك أو الدفاع عن نفسه.

وقد أثارت الجريمة ضجة كبيرة في وسائل الإعلام، وقد أطلق سراح الجندي فيما بعد قضاء محكومية التي لم تتعد الثلاثة أشهر، في الوقت الذي كشفت به منظمة بيت سيلم الحقوقية عن مقتل 290 فلسطينيا عام 2018 من بينهم 55 قاصراً، نتيجة لانفلات سياسة إطلاق النار التي تطبقها إسرائيل بمصادقة كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين وبدعم من الجهاز القضائي، حيث تحول جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى جيش للقتل، ولا احد يحاسب القتلة على هذه الجرائم المتواصلة والمنظمة،والتي كان آخرها جريمة إعدام الشهيدة القاصر سماح مبارك 16 سنة على احد الحواجز الإسرائيلية القريبة من القدس المحتلة.

جرائم حرب

ويقول مدير مؤسسة الحق لحقوق الإنسان شعوان جبارين، إنَّ الإعدامات بحق أبناء الشعب الفلسطيني ، تعد خارج نطاق القانون وتعتبر جرائم حرب.

وقال: “بحسب القانون فإنَّ أيّ استهداف لمدني دون ضرورة قاطعة أمنياً والتي تتضمن حياة الشخص يعتبر قتل عمد”، موضّحاً أنَّ إدعاءات سلطات الاحتلال “نيّة الطعن” لم تصمد حتى الآن أمام عمليات التحقيق والتوثيق.

وأضاف: “ولو كان الشخص يحمل سكيناً أو شيء آخر من الممكن التعامل معه والسيطرة عليه بطرق أخرى بكلِّ سهولة، كأن يصيب الأجزاء السفلية من الجسد، إذا كانوا يشكلون كما يدعي خطرًا عليه، وعلى مستوطنيه، فنحن نتحدث عن جنود مدججين ومتدربين على إطلاق النار”.

وأشار جبارين إلى أنَّ الاحتلال يتعامل بنواياهم وليس على قاعدة الوقائع على الأرض، فلو اعتدى مستوطن على فلسطينيين وقتل أحدهم، جنود الاحتلال لا يحركون ساكناً، منوّهًا إلى أنَّ القضية تحكمها خلفية سياسية عنصرية يسهل فيها استباحة دماء الفلسطينيين.

وتابع: “عملية الإعدام أصبحت سياسة تمارس بشكل مستمر وعلى نطاق واسع، استشهد على إثرها مئات الفلسطينيين، خصوصًا منذ عام (2015)، وذلك تحت حجج واهية”.

وشدَّد جبارين على أن سلطات الاحتلال تفضل عمليات الإعدام تحت مظلة هدف واضح يتعلق في رغبتها في كسر إرادة الشعب الفلسطيني وإخضاعه.