تشق حمير ضالة، خلفها التطور التكنولوجي وراءه وشردتها الحرب، طريقها إلى شبه جزيرة نائية في شمال شرق قبرص في زحف لا تخطئه العين.
فتنتشر الحمير على التلال والكثبان الرملية وتقطع الطرق في منطقة كارباس ذات الكثافة السكانية المنخفضة. وتكاثرت الحمير على مدى أربعة عقود منذ تقسيم الجزيرة القبرصية إلى شطرين، مما أجبر السكان على الانتقال وترك الحمير هائمة في المنطقة تعول نفسها بنفسها.
ويقدر الخبراء عددها حاليا بنحو ألفين من ما بين 800 و900 في الإحصاء السابق عام 2003، وقالوا، إنها تنتشر على مساحة 132 كيلومتر مربع.
وقال تاجبيرك أمير زاد عالم الأحياء والحياة البرية الذي شارك في أحدث إحصاء، «كانت حمير مدجنة لكن أصحابها تخلوا عنها».
وهذه النقطة في أقصى شرق الجزيرة نقطة محورية لمسيرة الزوار من شطري الجزيرة لدير أندراوس أحد حواري المسيح.
وينتظر الحمير الزوار بفارغ الصبر. فظهور السيارات يعني وجود بشر ووجود البشر يعني توافر الغذاء للحمير.
وكثيرا ما يجد السائقون قطعانا من الحمير تتجول في الشوارع الضيقة، وترفض الابتعاد عن الطريق حتى تفتح السيارة نوافذها فترفع الحمير آذانها للوراء وتدس أنوفها بحثا عن مكافأة.
وبعد أن كانت الحمير تعمل لدى الأسر في الحمل والنقل حلت محلها الجرارات بين ستينيات وسبعينيات القرن الماضي فهامت على وجهها في ملل.
وعندما أجبر ملاكها من القبارصة اليونانيين على الفرار أثناء الغزو التركي عام 1974، الذي أثاره انقلاب قصير بإيعاز من اليونان تركت الحمير هائمة على وجهها في الخلاء.
وقال أمير زاد، إن هناك مخاوف من أثر وجود هذا العدد الكبير من الحمير في المنطقة، لأن مخلفاتها تزيد من خصوبة الأرض، مما قد يراكم العديد من فصائل النباتات النادرة التي تعيش في التربة الرملية الفقيرة.
ويشكو السكان المحليون من إفساد محاصيلهم وتسببت هذه الحيوانات الضالة كذلك في حوادث طرق.
وقال عالم الأحياء، إن هناك حاجة للمزيد من العمل والأبحاث ربما فيما يتعلق بإخصاء الحمير أو إرسالها للمزارع أو استخدامها في التوعية البيئية والسياحة.
وقال، «هناك حاجة لإدارة للحد من الآثار السلبية لوجود الحمير».