رحب عسكريون وسياسيون سوريون، بقرار دولة الإمارات العربية المتحدة، إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق، بعد تجميد للعمل الدبلوماسي دام 7 سنوات، موضحين أنها خطوة على الطريق لإعادة الربط العربي بالدولة السورية، ودعم دمشق في المرحلة المقبلة، بمواجهة الأطماع والمخاطر التركية والإيرانية، والعمل على توسيع العمل العربي المشترك في مكافحة الإرهاب، الذي تُعاني منه سوريا منذ بدء سنوات الحرب، متوقعين أن الخطوة المقبلة ستكون نحو تصويت جماعي عربي لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وإعادة تفعيل الاتفاقيات العربية- السورية، ومباشرة العمل الدبلوماسي بين الدول العربية ودمشق.
وقررت دولة الإمارات العربية المتحدة، إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية، حيث أكد وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، أن الإمارات قررت إعادة فتح سفارتها في دمشق، لبدء مسيرة إعادة سوريا إلى حضنها العربي في ظل زيادة النفوذ التركي والإيراني وغياب الدور العربي، وهو الغياب غير المطلوب وغير المقبول، لافتاً إلى التعاون مع روسيا وآخرين في بحث إعادة سوريا إلى الحضن العربي.
خطوة لمواجهة أطماع إيران وتركيا في سوريا
وأكد سياسيون وعسكريون سوريون، على حكمة القرار الإماراتي في هذا التوقيت، وامتلاك القيادة الإماراتية ودبلوماسيتها نظرة ثاقبة للتهديدات والأطماع المتزايدة تجاه سوريا إقليمياً، والأطماع المتعلقة بتقسيم البلاد، بعد أن نجحت الدولة السورية في مواجهة الإرهاب بشكل قوي، وبدأت في بسط سيطرتها على معظم التراب السوري.
عمل عربي موحد لتجفيف منابع الإمداد للمجموعات الإرهابية
نائب مدير الأكاديمية العسكرية العليا السورية سابقا، اللواء محمد عباس، أكد أهمية عودة السفارة الإماراتية إلى دمشق، وهو قرار ناتج عن إدراك حجم التهديدات التي تتعرض لها المنطقة العربية، متوقعاً أن يأتي مع هذا القرار، مقدمة لعودة الوعي العربي لإيقاف حالة التشرذم، وإيجاد صيغة عمل عربي موحد من أجل تجفيف منابع وخطوط الإمداد للمجموعات الإرهابية المسلحة في دول عربية، مشيراً إلى أن من سوء الطالع أن الجامعة العربية هي من قررت إخراج سوريا، مما نشط دور دول إقليمية تبحث عن مصالحها ولها أجندات ومشاريع، فوجدنا سعى تركيا في مشروعها بأخونة المنطقة، وصنع شرق أوسط كبير بنموذج لإسلام إخواني جديد، تعمل على مده من طنجة إلى إندونيسيا.
قائد عسكري سوري سابق: “إذا كفرنا بالعروبة سنحقق لأعدائنا ما يرغبون”
وقال عباس القائد العسكري السابق في الجيش السوري، خلال تصريحات خاصة لموقع «الغد»، إن عودة السفارة الإماراتية في دمشق، خطوة لدعم تمسك سوريا بعروبتها، لأن البوصلة في سوريا ما زالت عربية بالعمل على تكريس الهوية العربية بعيداً عن أية أطماع إقليمية، وما زالت دمشق تؤمن بأن هوية القومية العربية مسارها، متابعا: “إذا كفرنا بالعروبة سنحقق لأعدائنا ما يرغبون”.
القرار الإماراتي يستقطب سوريا بعيداً عن التوغل التركي والاحتواء الإيراني
بينما أوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طرطوس السورية، ذو الفقار عبود، أن إعادة افتتاح سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في دمشق بعد 7 سنوات من تعليق العمل الدبلوماسي مع سوريا، خطوة في الاتجاه الصحيح، ومسعى سيمهد عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، وهذه التطورات كانت نتيجة أحداث جيوسياسية غيّرت التوازنات على الأرض، وفي ميادين القتال على كامل الجغرافيا السورية، ويأتي كل ذلك في ظل دعوات إماراتية لمنع التوغل التركي في الداخل السوري، وفي محاولة لاستقطاب الدولة السورية واحتوائها، بهدف رسم المستقبل السياسي السوري بعيداً عن الاحتواء الإيراني، كما يرى الجانب الإماراتي.
الحرب السورية في الربع ساعة الأخيرة
وأشار عبود، خلال تصريحات خاصة لموقع «الغد»، إلى أن الإمارات، التي تسعى للحفاظ على عروبة سوريا ومواجهة الإرهاب، وجدت أن تحقيق هذه الأهداف لا يمكن أن يتم في ظل المقاطعة الرسمية للدولة السورية، على الأصعدة السياسية والدبلوماسية، لاسيما أن هذه المقاطعة أثرت على المصالح العربية، ودفعت كذلك كل المسارات لصالح التدخل الأجنبي في سوريا، وهذا ما دفع الإمارات للجنوح إلى الواقعية السياسية، بما يعزز ويفعل الدور العربي في دعم وسيادة الجمهورية العربية السورية، ووحدة أراضيها وسلامتها، ودرء مخاطر التدخلات الإقليمية، وعلى ما يبدو فإن هذا الأمر جاء بعد قراءة إماراتية متأنية وعميقة للتطورات، واستشراف مستقبل المنطقة، في ظل التطورات الميدانية العسكرية، الواضح منها صالح الدولة السورية، فكان قراراً حكيماً من دولة الإمارات، لأن الحرب السورية ماضية للنهاية، وفي الربع ساعة الأخيرة، وفي مصلحة الدولة والشعب، ومن الحكمة والبراعة التعامل مع هذه التطورات بمنطقية، وأعتقد أن الخطوة المقبلة ستكون نحو تصويت جماعي عربي لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وإعادة تفعيل الاتفاقيات العربية السورية، ومباشرة العمل الدبلوماسي بين الدول العربية ودمشق.
توسيع لدائرة التعاون السوري مع الحلف المصري الإماراتي السعودي المكافح للإرهاب
وقال المحلل السياسي السوري من دمشق، يعرب خيربك، إن القرار الإماراتي بفتح السفارة في سوريا مهم، لأكثر من مسار، لما للإمارات من وزن ومكانة في العالم العربي والإقليمي على المستوى السياسي والاخلاقي، وعضو مهم في حلف يشمل أيضاً المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، لذلك يعوّل عليها كثيراً، موضحاً أنه كان هناك اعتقاد وانتظار بأن الإمارات ستكون البداية الحقيقية لإعادة ربط العلاقات العربية مع سوريا، لذلك كان هناك تعويل على هذا الأمر.
وأكد “خيربك”،خلال تصريحات خاصة لموقع «الغد»، أهمية التواصل السوري مع الحلف السعودي المصري الإماراتي، الذي يعتبر الأهم في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين، والأطماع التركية في المنطقة العربية، بعد أن أصبح لـ”أنقرة” منصة متقدمة داخل العالم العربي، وهي مشيخة قطر، التي تعتبر منصة إرهابية هدفها دعم الإخوان، وتمزيق العالم العربي، وزيادة التدخل فيه، من خلال سياسات إعلامية وتشويه ثقافي ومجتمعي، مارسه الإعلام القطري، لذلك يجب أن يتوسع حلف مواجهة التوغل التركي والحلم الإخواني في المنطقة، والعنوان الأساسي الذي سيتم من خلاله هذه المواجهة ربط سوريا بالعالم العربي، لمجابهة إحياء الحلم العثماني، تحديداً من خلال محور مصر، السعودية، الإمارات.
دور أقوى في دعم الحل السياسي في سوريا
وتابع: “القرار الإماراتي يمهد ليكون للمحيط العربي دور في دعم وحدة الأراضي السورية، في ظل وجود قوى إقليمية، تحاول تقسيم سوريا، وعلى رأسهم تركيا، وسيكون لذلك دور في دعم الحل السياسي، والمساعدة في تقريب وجهات النظر، والمشاركة برأي أو نصيحة في المفاوضات القادمة المتعلقه بسوريا”.