اظهرت نتائج المرحلة الأولى من انتخابات الرئاسة الأوكرانية تفوق الممثل الكوميدي فولوديمير زيلينسكي بفارق كبير على منافسيه، وهو ما اعتبره الرئيس الحالي بيترو بوروشينكو "درسا قاسيا".
وتبين بعد فرز نصف الأصوات حصول زيلينسكي على 30 في المئة من الأصوات، يليه بوروشينكو بـ 16 في المئة، ثم حلت رئيسة الوزراء السابقة، يوليا تيموشينكو، في المركز الثالث بحوالي 13 في المئة من الأصوات.
ويرى مراقبون أن تقدم زيلينسكي، البالغ من العمر 41 عاما، يعكس سخط الأوكرانيين على الساسة والمسؤولين، وعدم رضاهم عن مؤسسات الدولة.
ويشتهر زيلينسكي بتقديمه شخصية رئيس الجمهورية في المسلسل التليفزيوني الكوميدي "خادم الشعب"، إذ يقوم بدور مدرس تاريخ قادته الصدفة ليصبح رئيسا للجمهورية، ويعمل هذا الرئيس على محاربة الفساد وهدم مراكز البيروقراطية ورموز السلطة الفاسدة.
واستغل زيلينسكي هذا القالب في حملته الانتخابية ليعوض غياب الخبرة السياسية، إذ أتت الحملة مشابهة للعروض الكوميدية التي يقدمها إلى حد كبير.
وبدلاً من إقامة مؤتمرات انتخابية ومناقشة القضايا السياسية الهامة، قدم زيلينسكي عروضا كوميدية مجانية سخر فيها من منافسيه. كما تجنب أية حوارات تليفزيونية سياسية، أو أي نقاشات سياسية مع المنافسين. ولجأت الحملة إلى الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أساسي.
وتركز حملة زيلينسكي على الحاجة إلى مرشح من خارج النظام السياسي الحالي، يقود ثورة ضد مؤسسات الدولة والنظام القضائي في البلاد.
ويكرر زيلينسكي في عروضه الكوميدية جملة ساخرة من منافسه الأبرز بوروشينكو، فيقول "لماذا يترشح بوروشينكو لفترة رئاسية ثانية؟ حتى لا يقضي هذه الفترة في السجن".
وتقوم حملة زيلينسكي على تعهدات مستمدة من مطالب احتجاجات عام 2014، على رأسها محاسبة المسؤولين الفاسدين.
وفي هذا الشأن، وعد بتجريد المشرعين والقضاة والعاملين في الرئاسة من حصانتهم.
ولا يختلف زيلينسكي عن منافسيه فيما يخص الميول السياسية نحو أوروبا، إذ طالب الغرب بتكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع مع روسيا. وتعهد برعاية جيل شاب من الساسة الأوكرانيين، والاستمرار في سياسات الاندماج مع الغرب.
لكن هل يمكن حقا اعتبار زيلينسكي مرشحاً ثورياً من خارج النظام السياسي؟ يشير مراقبون إلى العلاقة الوثيقة بين زيلينسكي ورجل الأعمال إيغور كولومويسكي، الذي يمتلك قناة 1+1 التليفزيونية التي تعرض مسلسل "خادم الشعب". كما أنهم شركاء في عدد من المشروعات التجارية.
ويخشى البعض أنه في غياب أي خبرة سياسية لـ زيلينسكي، سيكون كولومويسكي هو المتحكم الفعلي في قراراته السياسية.
وأنكر كولومويسكي تدخله في الانتخابات بأي شكل، أو تمويله لـ زيلينسكي أو تيموشينكو، وإن كان عبر صراحة عن رغبته في خسارة بوروشينكو.
ولد زيلينسكي في بلدة كريفي ريه، قرب مدينة دنيبرو، في وسط أوكرانيا. وينحدر من أسرة يهودية، يعمل أغلب أفرادها في البحث العلمي. لكنه يتجنب التركيز على هذا الأمر في أي حوارات تليفزيونية أو خلال الحملة الانتخابية.
وينتهي المسلسل التليفزيوني "خادم الشعب"، الذي بدأ عرضه في مارس/آذار الماضي، بسجن شخصية الرئيس التي يقدمها زيلينسكي، وسيطرة القوميين المتشددين ورموز النظام القديم على الدولة، التي تنقسم لاحقا إلى 28 ولاية. وهي الخاتمة التي يأمل الكثيرون ألا تصل إليها أوكرانيا.