النور نيوز/ بغداد
أثارت بعض المسلسلات والبرامج التي تعرض على شاشة القنوات العراقية غضباً واسعاً في الأوساط الشعبية، بسبب المشاهد “الفاضحة” التي تضمنتها، وهو ما استدعى تدخل مجلس النواب، وهيئات عليا معنية بمراقبة المحتوى الإعلامي مثل هيئة الإعلام والاتصالات.
وتخللت مسلسل “الفندق” الذي تدور أحداثه في فندق ببغداد، مشاهد وصفت بالجريئة، بالنظر للمستوى المحافظ الذي يهيمن على الأعمال التلفزيونية العراقية.
وظهرت في “الفندق”، الذي كتبه حامد المالكي وأخرجه الفنان حسن حسني، ولعب أدوار البطولة فيه حشد من نجوم الشاشة العراقية، يتقدمهم محمود أبوالعباس وعزيز خيون وسناء عبدالرحمن وعزيز كريم وإيناس طالب، مشاهد لفتيات يرقصن في ملاه ليلية، وأخرى لرجال أعمال وصحافيين ومتسولين يحتسون الخمر، فيما كانت الذروة في مشهد تظهر فيه فتاة وهي تقوم بالتدليك لرجل نصف عار.
واعتبر عراقيون تلك المشاهد متعمدة، وتهدف إلى تشويه صورة الشعب العراقي، خصوصًا أن بعض القنوات العراقية، والدراما العراقية، تكون لها متابعة من قبل الجمهور العربي والإسلامي.
وقال المواطن عبدالله الأعرجي إن” هذا الموسم خارج السياق لعدة مواسم رمضانية سابقة، فلم تشهد الدراما العراقية خلال الحقب الماضية مثل تلك المشاهد وحتى الأفكار، بما فيها من إسفاف وتدني في عرض القضايا”.
وأضاف في حديث لـ”النور نيوز”: “لا يمكن حالياً ترك العائلة وهي تشاهد مسلسل تُعرض فيها مثل تلك اللقطات الخادشة للحياء، ولا بد من رقابة صارمة تمنع كل من تسول له نفسه العبث بأفكار الناس”.
من جهتها أعلنت لجنة الثقافة في البرلمان العراقي أن “البرامج التي تعرض على القنوات الفضائية مخالفة للذوق العام والقيم والأعراف التي يتصف بها المجتمع العراقي” مطالبة بـ”إيقافها، لأنها تنافي “حرمة الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك”.
ودعت اللجنة، في بيان تلقى “النور نيوز” نسخة منه هيئة الإعلام والاتصالات، إلى “رصد جميع البرامج المعروضة على شاشات التلفزة وعرضها على لجان متخصصة وإشعار لجنتنا بالإجراءات المتخذة بالسرعة الممكنة”.
ولم يتأخر تعليق هيئة الإعلام والاتصالات التي قالت إنها تراقب محتوى بعض المواد المتلفزة، مهددة باتخاذ إجراءات ضد بعض منها.
وقالت الهيئة في بيان تلقى “النور نيوز” نسخة منه إنها رصدت “بعض التجاوزات في محتوى برامج عدد من الفضائيات والتي خرجت عن سياق حرمة شهر رمضان”، مطالبة “وسائل الإعلام برفع المشاهد التي تخرج عن سياق الحياء والأعراف”.
وهددت الهيئة بـ”اتخاذ الإجراءات القانونية في حال عدم تصحيح الموقف”، فيما تلقى المتابعون هذا الموقف على أنه مقدمة لمنع مسلسل “الفندق”.
المالكي يدافع عن المسلسل
ولم يغب مؤلف مسلسل الفندق، حامد المالكي، عن الجدل الذي أحاط بعرض العمل، وخاض سجالات طويلة خلال الأيام الماضية.
وقال في تعليق إن “بعض الاعمال المعروضة صُنعت لتكون صدمة للشباب وصممت لتجلبهم نحوها في وسط الانغمار بالاعمال الدرامية والسينمائية العالمية, أي كانت بمثابة التحدي”, إلا أن المالكي أكد “وجود سوء في تنفيذ هذه الاعمال وإخراجها والتي تقع مسؤوليتها على الممثل والمخرج”.
وشخّص المالكي سوء التنفيذ هذا بأنه “نتيجة فرضها الواقع الاكاديمي, عازياً ذلك إلى فترة تأسيس الفنانين أكاديمياً، حيث يتم تلقينهم بالتمثيل المسرحي, وستستمر مشكلة التنفيذ هذه حتى تستحدث كلية الفنون درس التمثيل السينمائي في قسم السينما والتلفزيون.
وبشأن المشاهد “الفاضحة” التي تضمنها مسلسل الفندق اتهم المالكي بعض الممثلين في مسلسله “الفندق” بخيانة العمل، فيما أكد انه لا يكتب “الكلمات الرخيصة” حيث قال: “يخرج الممثل عن النص لاسباب.. أهمها كسله أو عدم اهتمامه وانشغاله بأعمال أخرى”.
وأضاف عبر منشور في فيس بوك: “وهنالك سبب آخر، قد يكون لتمرير هدف فكري يخصه هو شخصياً، المهم.. السينارست يسلم النص للمخرج أمانة، حيث يمكن تغيير الحوارات قبل التصوير بين الممثل والمخرج والكاتب بعد المناقشة، لكن إن يتم استغفال الكاتب فهذه خيانة.
إهمال قصص واقعية
ويتساءل عراقيون عن أن بلادهم شهدت مختلف أنواع الأحداث الاجتماعية والحروب والنزوح والقتال ضد تنظيم داعش، ومآسي الأقليات مثل الإيزيديين، والنماذج الحية للتعايش السلمي بين الأديان في نينوى على سبيل المثال، فضلًا عن عمليات التهجير القسري واختفاء الكثير من أبناء بعض المحافظات أثناء الحرب على تنظيم داعش، وما ينتج عن تلك الوقائع من قصص تجسد واقعًا عراقيًا، حقيقيًا، يستحق المتابعة وإنتاج أفلام ومسلسلات وبرامج تقدم للعالم العربي.
بدوره يرى الناقد الدكتور سمير الخليل أن “الدراما دخلت المنازل وأصبح يشاهدها الصغير والكبير، فلا بد أن يؤخذ بنظر الاعتبار سمو الناس، وسمو القيم التي تعالجها، وإن كان هناك واقع مختلف، لكن يمكن اعتبار أنه دخول للقاع، وفي النهاية ينبغي تسليط الضوء على القيم النبيلة في المجتمع والقضايا التي تهم الناس جميعاً، وإن كان هناك خللاً كبيراً وسلبيات كبيرة”.
وأضاف الخليلي في تصريح لـ”النور نيوز” أنه “يمكن معالجة تلك السلبيات والنتوءات لكن بلغة فيها نوع من التسامي، ولائقة، لكن ما يحصل هو استخدام مفردات غير لائقة، وتهدف إلى الضحك والتهريج”.
ولفت إلى أن “الأسرة العراقية بحاجة إلى دراما تعلمها كيف تتذوق النص، وتعزيز القيم لديها، وتشدد على القيم المشتركة بين الناس، بعيداً عن الخلافات والاقصاء، وبعيداً عن إذلال الآخر وتهميشه”.
على الجانب الآخر لم تكن كل آراء المواطنين بهذا الاتجاه الرافض لتلك الأعمال، فهناك من يطالب بتهذيبها وعرضها، وهناك من يرى أهمية عرضها بشكلها الحالي، طالما هي تعبر عن واقع ملموس، وإن كان وفق نطاق ضيق، لكنها تعبر عن نتوءات في المجتمع العراقي ظهرت ما بعد عام 2003، وخلال حقبة ظهور تنظيم داعش.
الشرقية تعترف بخطأها
وقدمت مؤسسة الشرقية، الاثنين، اعتذارها من ظهور بعض اللقطات غير المناسبة في أحد المسلسلات الرمضانية التي تعرض على شاشتها.
وأكدت الشرقية في بيان تلقى “النور نيوز” نسخة منه “التزامها بمعايير السلوك المهني للمؤسسات الإعلامية، ومدونات ممارسة المهنة الصادرة من هيئة الإعلام والاتصالات”، مشيرة في كتابها إلى أن “دائرة الإنتاج قامت على الفور بحذف تلك اللقطات، وتعهدت بمنع تكرار عرضها”.
ويرى المواطن محمد الصالحي أن ” ما يحصل في الدراما العراقية يمثل واقعاً عراقياً موجوداً ولا يمكن التغاضي عنه وإهماله أو تنبيه الناس بشأنه، وعرض تلك المسلسلات والبرامج يمثل رسالة تحذيرية”.
وأضاف في تصريح لـ”النور نيوز” إنني “اعتقد أن الدراما والمسرح لا بد أن يكشف الواقع كما هو، بلا رتوش، لكن في المجمل لا مهرب من مراعاة الضوابط الدينية والاجتماعية”.
Post Views: 26