نشر موقع مجلة "فورين بوليسي" مقالا للكاتبة أنشالا فوهرا، تحت عنوان "حزب الله لم يعد الجماعة الوكيلة المفضلة لدى إيران".
وتقول فوهرا في مقالها، إن سبب ذلك أن الحزب أثبت أنه ليس القوة القادرة على القيام بأعمال نيابة عنها في ظل التوتر الحالي بينها وبين الولايات المتحدة.
وتبدأ الكاتبة مقالتها بالحديث عن تهديدات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي قال إن حربا إقليمية ستندلع لو تم ضرب إيران، "لكن ما لم تتم ملاحظته قوله مباشرة إنه يجب عدم الخوف من زيادة التصعيد إلى حد الوصول لحالة الحرب، وكان ذلك على ما يبدو تحذيرا لواشنطن، ومحاولة لطمأنة قاعدة الحزب".
وتشير فوهرا إلى أن "حزب الله كان أهم مليشيا تابعة لإيران وأكثرها فاعلية، وكان من المتوقع في هذه الحالة مشاركته في حروبها كلها، لكن الضغوط على لبنان عقدت من مهمة هذه المشاركة، ما أجبر إيران على حرف سياستها الخارجية بناء على هذا".
وتلفت الكاتبة إلى أن "هناك إشارات عن اعتقاد إيران وبشكل متزايد أن المتمردين الحوثيين في اليمن يجب أن يكونوا المليشيا الوكيلة المفضلة على حزب الله، خاصة في حال اندلعت حرب مع الولايات المتحدة، ففي منتصف أيار/ مايو، وبعد أن إرسال الولايات المتحدة بارجة وجنودا ومقاتلات خاصة إلى الخليج؛ تخوفا من هجوم إيراني محتوم، لم يرد حزب الله ولا الجماعات الشيعية الأخرى، والجماعة التي ضربت هي جماعة الحوثيين الذين اعترفوا بضرب أنابيب النفط السعودية باستخدام طائرات مسيرة، وأعلنوا مسؤوليتهم عن ضرب مخازن أسلحة سعودية في مدينة نجران، القريبة من الحدود اليمنية".
وتنوه فوهرا إلى أن "الهجمات جاءت قبل أيام من نهاية الموعد الزمني الذي حددته إيران لأوروبا من أجل تقديم آلية بديلة تستطيع من خلالها بيع نفطها الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات، وألغت الإعفاءات التي منحتها لعدة دول، وكانت محاولة لإظهار جدية إيران- رسالة واضحة لأعداء إيران، لكنها لم تكن واسعة لدرجة تثير ردا عسكريا شاملا".
وترى الكاتبة أن "التحول الإيراني عن حزب الله إلى الحوثيين ليس مفاجئا، لأن طهران كان حذرة في الطريقة التي تفعل فيها المليشيا التابعة لها لمواجهة هذا النزاع أو ذاك، وفي ظل المواجهة الحالية مع الغربية تركز إيران كما يبدو على إظهار جديتها ورفع رهانات النزاع بطريقة تجعل أعداءها يفكرون في عواقب تصعيدهم، والهدف من هذا كله هو التسبب بالمعاناة لإعدائها دون اندلاع حرب".
وتجد فوهرا أن "الحوثيين الذين يخوضون حربا ضد السعودية، التي تدعم حكومة عبد ربه منصور هادي، يقدمون لطهران الذريعة لضرب أعدائها دون أن تتحمل المسؤولية، ووجه الحوثيون في الماضي ضربات صاروخية للسعودية، إلا أن زيادتها في الوقت الحالي هي رسالة للسعودية بأنها لن تكون في مأمن من ضرباتها، وفي الوقت ذاته، يشير توقيت الهجمات إلى أنها جاءت بناء على توصية إيرانية".
وتورد المجلة نقلا عن الأكاديمي الأمريكي الإيراني سيد محمد مراندي، قوله إنه لن يفاجأ من اندفاع الحوثيين لمساعدة إيران، وأضاف: "هناك احتمال أن الحوثيين لم يرضوا عن العقوبات المفروضة على طهران.. لم تطلب منهم إيران عمل أي شيء، لكنني أعتقد أنه مثلما تضرب السعودية والإمارات الاقتصاد الإيراني فإنها إيران ستستخدم الوسائل كلها للرد".
وتنقل الكاتبة عن مايكل نايتس من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قوله إن اختيار إيران للحوثيين ذكي؛ لأن أي رد انتقامي سيكون مكانه في اليمن، وليس في أراضيها، ويضيف أن الهدف هو ضرب السعودية؛ لأن أي استهداف للمصالح الأمريكية يعني ردا قاسيا، و"من الواضح أن المصالح السعودية ستكون عرضة للتهديد الإيراني.. السؤال هو كيف وإلى أي مدى ستتسامح الولايات المتحدة مع هذا الأمر؟".
وتقول فوهرا: "تعلم إيران مخاطر استخدام كل جماعة من جماعاتها الوكيلة، فمشاركة حزب الله في المواجهة مع إيران تعني دخول إسرائيل، وبالتالي ستندلع حرب إقليمية واسعة لا تريدها طهران ولا الحزب اللبناني".
وتنقل المجلة عن عدد من المحللين اللبنانيين، بينهم المقربون من الحزب والناقدين له، قولهم إن الحزب وإن قدم مقاتلين ملتزمين أيديولوجيا ومتمرسين، إلا أن قرار عدم إشراكه في المواجهة الحالية مع أمريكا يتسم بالحكمة، مشيرة إلى أن حزب الله لن يكون مفيدا لإيران في المواجهة التي تتطور ببطء مع الولايات المتحدة.
وتورد الكاتبة نقلا عن المحلل سامي نادر، قوله إن الحزب لا يحظى بدعم شعبي ليخوض حربا جديدة نيابة عن إيران، خاصة أن البلاد تعاني من وضع اقتصادي مترد، وأضاف: "وضعنا الاقتصادي في حالة خطيرة.. لو فاقم حزب الله الوضع بالتدخل في النزاع الأمريكي الإيراني فلن يقبل الشعب اللبناني هذا الأمر".
وتنقل المجلة عن المحلل المعروف بقربه من حزب الله غسان جواد، قوله إن هناك تفاهما غير مكتوب بين الولايات المتحدة وإيران وحزب الله على ضرورة الحفاظ على لبنان ليبقى دولة فاعلة وسط منطقة تعيش نزاعات مختلفة، مؤكدا أنه ليس هناك أي طرف من هذه الأطراف لا يرغب بانتشار الفوضى في لبنان.
وترى فوهرا أن "سبب جلوس الحزب في المقعد الخلفي وسط المواجهة الحالية هو غياب الاستفزاز من إسرائيل، فقد انتعش ليس لأنه حركة مقاومة ضد إسرائيل، بل للدفاع عن لبنان، ومنذ الحرب الأخيرة عام 2006 اتسمت تصرفات الحزب بالحذر، ومن المنظور الإيراني فإن حزب الله لم يعد ضروريا في المواجهة البطيئة مع أمريكا، فلدى إيران الحركة الحوثية والمليشيات الشيعية في العراق، وسيكون الحزب مفيدا لو تطورت المواجهة لحرب شاملة، أو لو قررت سوريا الرد على احتلال إسرائيل للجولان أو غاراتها المتكررة على سوريا، فلدى الحزب قوات وأسلحة في الجنوب السوري".
وتورد المجلة نقلا عن المحلل السياسي كامل الوزان، قوله إن الحزب لم يقرر بعد التصعيد في سوريا، التي تشهد حربا مفتوحة يقف على طرف فيها الإسرائيليون من جهة وحزب الله وإيران من جهة أخرى، مستدركا بأنه رغم ما وعدت به سوريا من رد انتقامي على الهجمات الإسرائيلية إلا أنه لم تفعل".
وتجد الكاتبة أن "الخطوة الإيرانية تعتمد على مقدار الضغط الأمريكي، فهي في وضع سيئ مع إغلاق الأبواب كلها أمامها لبيع نفطها بسبب العقوبات، ولو صعدت واشنطن من ضغوطها، من خلال اعتراض القوارب الإيرانية، وفرض عقوبات على الشركات التي تتعامل معها، فإنها فقد تفعل مليشياتها العراقية القريبة من الأرصدة الأمريكية".
وتورد المجلة نقلا عن الأكاديمي مراندي، قوله إن إيران قد ترد بالإجراءات ذاتها، من خلال الخروج من الاتفاقية النووية، كما فعلت إدارة دونالد ترامب، وحرب وإجراءات اقتصادية مؤلمة مماثلة.
وتختم فوخرا مقالها بالقول إنه "في ظل إصرار الصقور في واشنطن على أن إرسال البارجة يو أس أس أبرام لينكولن هو محاولة للردع، إلا أنه إشارة على التحرك التدريجي داخل النظام الإيراني للخروج من الاتفاقية النووية، وتبني سياسة أكثر عدوانية في المنطقة".