القاضي كاظم عباس
عضو محكمة التمييز الاتحادية
نصت المادة (3) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 على تشكيلة المحكمة من رئيس وثمان اعضاء بقولها ( تتكون المحكمة الاتحادية العليا من رئيس وثمانية اعضاء ... الخ) . واوجبت المادة (7) من القانون اعلاه على اداء رئيس المحكمة الاتحادية العليا والاعضاء اليمين القانونية المنصوص عليها بذات المادة امام مجلس الرئاسة قبل المباشرة بمهامهم وبالصيغة التالية ( اقسم بالله العظيم ان اودي وظيفتي بصدق وامانة واقضي بين الخصوم بالحق والعدل واطبق القوانين بامانة ونزاهة وحياد ، واحافظ على استقلال القضاء وكرامته ونزاهته والله على ما اقول شهيد). ونحن هنا وان نتحدث عن العضوية الاصلية للمحكمة الاتحادية العليا والتي في تشكيلها خلل قانوني واضح منذ سنة 2007 في احد اعضائها الا ان ما يهمنا اكثر هو الاعضاء الاحتياط للمحكمة الاتحادية العليا وكيفية تم ترشيحهم ومباشرتهم واداء مهامهم فيها .
ولا نحتج ببيان المخالفات التي صدرت من رئيس المحكمة الاتحادية العليا بخصوص تشكيلة المحكمة الاتحادية العليا باشراك السادة الاعضاء الاحتياط الا بما تمسك هو شخصياً به والذي قدم ابلغ دليل ضد نفسه بمخالفته للدستور والقانون . اذ اورد في كتاب (القضاء في العراق) لمؤلفه ((القاضي)) مدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية العليا الطبعة الرابعة / مكتبة السنهوري بغداد / شارع المتنبي / الصفحة 84 ما نصه حرفياً ( كما صدر القرار الجمهوري رقم (2) في 1/6/2005 بتصديق قرار تعيين رئيس واعضاء المحكمة الاتحادية العليا الواردة اسمائهم في المرسوم الجمهوري رقم (67) لسنة 30/3/2005 . وبعد تشكيل الحكومة الوطنية ..... وبعد احالة احد اعضاء المحكمة الاتحادية العليا على التقاعد لاسباب صحية فقد صدر المرسوم الجمهوري رقم (3) في 19/2/2007 بتعيين القاضي حسين ابو التمن بديلاً عنه ... ولتأمين سير العمل في المحكمة وعدم تعطيل اعمالها عند غياب احد اعضائها او عند وجود سبب قانوني يحول دون اشتراكه في نظر دعوى معينة فقد صدر الامر الجمهوري رقم (61) في 26/5/2009 بتسمية اثنين من قضاة محكمة التمييز الاتحادية وهما القاضي خليل ابراهيم خليفة ( أحيل على التقاعد) والقاضي سامي حسين المعموري ( أحيل على التقاعد) وبعد احالتهما على التقاعد تم تسمية قضاة من محكمة التمييز الاتحادية وهم السادة القضاة ( محمد رجب الكبيسي وعاد هاتف وسليمان عبدالله عبدالصمد) وقد ارتكب رئيس المحكمة الاتحادية العليا العديد من المخالفات القانونية الجسيمة يعرفها القاصي والداني من المهتمين بالشأن القضائي بموضوع عضوية المحكمة الاتحادية العليا وهذه المخالفات هي :-
اولاً :- لم يقم العضو الاصلي القاضي السيد حسين ابو التمن بعد صدور المرسوم الجمهوري سنة 2007 بتعيينه عضواً اصلياً في المحكمة الاتحادية العليا بحلف اليمين القانونية امام السيد رئيس جمهورية العراق . والذي حل حلولاً دستورياً وقانونياً محل مجلس الرئاسة المشكل بموجب قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية .... ورغم هذا الخطأ الجسيم الذي يجعل من عضويته هي والعدم سواء فقد اشترك في اصدار القرارات والاحكام التي اصدرتها المحكمة الاتحادية العليا منذ سنة 2007 ولحد الان !!!.
ثانياً :- وكذلك لم يقم العضوان الاحتياط القاضيان سامي حسين المعموري وخليل ابراهيم خليفة بحلف اليمين القانونية بعد صدور المرسوم الجمهوري بتعينهم اعضاء احتياط في المحكمة الاتحادية العليا امام السيد رئيس الجمهورية ورغم ذلك اشتركا في العديد من القرارات والاحكام بل اشترك القاضي سامي المعموري بأخطر واهم الاحكام التي اصدرتها المحكمة الاتحادية العليا ومنها القرار الصادر من المحكمة الاتحادية العليا رقم (87/ اتحادية/2013 في 16/9/2013 والذي قضى بعدم دستورية قانون مجلس القضاء الاعلى رقم (112) لسنة 2012 . وذلك لوجود سبب قانوني وشخصي قائم آنذاك ولحد الان حال دون اشتراك رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي مدحت المحمود في اصدار القرار آنذاك.
ثالثاً : - وعلى المنوال والنهج الخاطئ وبعد احالة القاضيين خليل ابراهيم خليفة ومن ثم سامي المعموري الى التقاعد لبلوغهم السن القانوني وانتفاء صفتهم القضائية ولتامين سير العمل صدر المرسوم الجمهوري بتعيين السادة القضاة ( عاد هاتف جبار ومحمد رجب الكبيسي وسليمان عبدالله عبدالصمد) . اعضاء احتياط في المحكمة الاتحادية العليا وهؤلاء لم يؤدوا اليمين القانونية امام السيد رئيس الجمهورية وفقاً لما يقتضيه الالزام الدستوري والقانوني ورغم ذلك اشتركا بالعديد من القرارات والاحكام التي اصدرتها المحكمة الاتحادية العليا.
رابعاً :- ولم تقتصر مخالفة رئيس المحكمة الاتحادية العليا على عدم اداء اليمين القانونية امام رئيس الجمهورية . بل أقدم وبمخالفة صريحة لترشيح القاضي (محمد قاسم الجنابي) كعضو احتياط للمحكمة الاتحادية العليا وذلك سنة 2017 رغم ان صلاحية ترشيح رئيس واعضاء المحكمة الاتحادية العليا هي صلاحية حصرية لمجلس القضاء الاعلى في حينه استناداً لصراحة نص المادة (3) من قانون المحكمة الاتحادية العليا. ولا علاقة لرئيس المحكمة الاتحادية العليا بالترشيح لا من بعيد ولا من قريب .
وبناء على هذا التضليل لرئاسة الجمهورية صدر المرسوم الجمهوري بتعيين القاضي (محمد قاسم الجنابي) عضواً احتياط وكالعادة لم يحلف اليمين القانونية امام السيد رئيس الجمهورية وباشر مهامه واشترك باصدار العديد من القرارات والاحكام !!!
خامساً : - ولان العضو الاحتياط في المحكمة الاتحادية العليا باعتباره قاضياً يستمد هذه الصفة بمباشرة عمله فيها من بقاء هذه الصفة في المحكمة الاصلية(محكمة التمييز الاتحادية) التي يعمل وينتسب لها وجميع الاعضاء الاحتياط هم قضاة في محكمة التمييز الاتحادية تنتهي صفتهم القضائية بعد احالتهم الى التقاعد ولايجوز اشتراكهم في اي هيئة قضائية بعد صدور الامر الاداري باحالتهم الى التقاعد وانتهاء صفتهم القضائية في العمل . وقد اكد ذلك رئيس المحكمة الاتحادية العليا في الملاحظات المذكورة سلفاً في كتابه الا انه قد ناقض نفسه وارنا العجب العجاب. ووقعت الطامة الكبرى في القضاء الدستوري العراقي وبفضيحة من العيار الثقيل اذ اقدم على اشراك القاضي محمد رجب الكبيسي في المحكمة الاتحادية العليا بعد احالته الى التقاعد بتاريخ 31/6/2018 رغم انتفاء الصفة القضائية عنه وانتهاء صفته القضائية والوظيفية في الدولة لاسيما وان صفة الديمومة والاستمرارية تنحصر لرئيس واعضاء المحكمة الاصليين فقط استناداً لصراحة نص المادة (6/ثالثاً) من قانون المحكمة الاتحادية رقم (30) لسنة 2005 دون الاعضاء الاحتياط لاسيما وقد جرى العمل على تعيين قضاة جدد عندما يتم احالة القضاة الاحتياط السابقين على التقاعد من محكمة التمييز الاتحادية وانتهاء صفتهم القضائية.
ورغم هذه المخالفة الصريحة فقط صدرت العديد من القرارات والاحكام من المحكمة الاتحادية العليا بعضوية القاضي محمد رجب الكبيسي رغم تقاعده ومنها القرار المرقم (176/اتحادية/2018) في 21/11/2018 والقرار المرقم (136/اتحادية/2018) في 19/11/2018 والعديد من القرارات الاخرى التي اشترك القاضي الكبيسي بها بناءً على دعوى شخصية من رئيس المحكمة الاتحادية العليا وليس بالاستناد على اي نص قانوني او دستوري يبيح له ذلك.
واذا كان في ذهن رئيس المحكمة الاتحادية العليا بجواز ذلك فماذا يجيب على ماتمسك به وتبناه بترشيح اعضاء احتياط جدد بعد احالة القاضيين سامي المعموري وخليل ابراهيم خليفة الى التقاعد بدلاً عنهما وذلك لانتفاء الصفة القضائية عنهما؟فما عدا مما بدا ولماذا هذا التناقض... هذا غيض من فيض من المخالفات والتجاوزات على القانون في تشكيلة المحكمة الاتحادية العليا سواء بعضويتها الاصلية ام بعضوية السادة القضاة الاحتياط ناتجة عن امرين اما مصلحة شخصية ضيقة من رئيس المحكمة او جهله بالمبادئ الاولية باحكام القانون وتطبيقه بتشكيلة المحكمة الاتحادية العليا وعضويتها.
ان هذه التجاوزات والمخالفات لها اثار سلبية وخطيرة على وضع القضاء الدستوري في العراق يجعل العديد من الاحكام والقرارات التي اصدرتها المحكمة الاتحادية العليا معدومة وذلك لاختلال الركن الشخصي في الحكم القضائي المتمثل بأشخاص القضاة الذي اصدروه. لعدم حلفهم اليمين القانونية من جهة او انتفاء الصفة القضائية بعد احالتهم الى التقاعد من جهة اخرى او عدم ترشيحهم من الجهة المختصة بالترشيح وصفة الحكم المعدوم عيب كارثي عند صدوره من محاكم عادية فما بالك اذا صدر الحكم المعدوم من المحكمة الاتحادية العليا اذ ان الحكم المعدوم هو الحكم الذي يشوبه عيب جوهري جسيم يصيب كيانه برمته واركان انعقاده يفقده صفة الحكم القضائي ويكون والعدم سواء ولا ينتج اي اثر دستوري او قانوني لانه غير موجود من الناحية القانونية . بل موجود فقط من الناحية الواقعية.
ولم يكتف رئيس المحكمة الاتحادية العليا بهذه المخالفات الدستورية والقانونية بل بدء ممارسة دوراً سلبياً يمس المؤسسة القضائية بعد ان شعر ان ايامه في رئاسة المحكمة الاتحادية اصبحت معدودة وذلك بعد مباشرة مجلس النواب بالشروع بتشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا او تعديل الامر (3) لسنة 2005 فبدأ ومع ابراق مأجورة بالترويج الى اكاذيب ما انزل الله بها من سلطان غايته عرقلة تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا الذي بتشريعه ينتهي حلمه بالبقاء الى الابد على كرسي الجاه والسلطة فتارة نسمع الى اكذوبة رغبة مجلس القضاء الاعلى بالسيطرة على المحكمة الاتحادية العليا وضمها للمجلس تحت رئاسة واحدة وهذا كذب في وضح النهار ونتحدى امام الرأي العام ان يقدم دليلا واحدا معتبراً على صحة ذلك لاسيما وان مجلس القضاء الاعلى هو الذي يتبنى موضوع فصل المحكمة الاتحادية العليا عن مجلس القضاء الاعلى. وتارة اخرى يمني النفس بحلم العودة الى رئاسة مجلس القضاء الاعلى عن طريق الغاء قانون مجلس القضاء الاعلى رقم (45) لسنة 2017 والذي تم تجنيد اشخاص لا علاقة لهم بالمؤسسة القضائية برمتها باقامة دعوى بهذا الشأن امام المحكمة الاتحادية العليا ضاربين عرض الحائط الارادة الشعبية المتمثلة بمجلس النواب التي شرعت هذا القانون بحجة نفاذ الامر الصادر من سلطة الائتلاف المنحلة بالعدد (12) لسنة 2004 رغم ان قانون مجلس القضاء الاعلى رقم (45) لسنة 2007 قد نص صراحةً على الغاء الامر (35) لسنة 2003 فقط باعتباره التشريع الوحيد الذي يعالج ادارة شؤون مجلس القضاء الاعلى والذ ي بموجبه رئيس محكمة التمييز الاتحادية هو رئيس مجلس القضاء الاعلى وجاء الامر (12) لسنة 2004 يكرس ما جاء بالامر (35) لسنة 2003. وعلى هذا الاساس فأن ما جاء بمقررات مجلس القضاء الاعلى في جلسته المنعقدة بتاريخ 13/1/2019 باعتبار رئيس محكمة التمييز الاتحادية هو رئيس مجلس القضاء الاعلى في حالة الغاء القانون رقم (45) لسنة 2017 اذا اتجهت رغبة رئيس المحكمة الاتحادية العليا لذلك فأن قرار مجلس القضاء الاعلى المسؤول قد جاء متفقاً والالزام الوارد في الامر رقم (35) لسنة 2003 الذي بمجرد الغاء القانون (45) لسنة 2007 يصبح نافذاً والمقترن بالغاء قانون الدولة للمرحلة الانتقالية الذي لم يعد له وجود قانوني بنفاذ الدستور لسنة 2005.
وانطلاقاً من المسؤولية التاريخية الملقاة على السيد رئيس الجمهورية المحترم باعتباره راعياً للدستور العراقي ندعوه للتدخل وبقوة لوقف التجاوزات على الدستور والقانون بأحكام تصدر من القضاء الدستوري في العراق اصابت الدستور العراقي في الصميم ونسخة من هذه الدعوة الى رئاسة مجلس النواب لغرض شحذ الهمم وسرعة تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا وبالالية التي رسمها الدستور من خلال مظلة مجلس القضاء الاعلى لا بالكيفية التي ترسمها المصالح الشخصية الضيقة التي همها البقاء على كرسي السلطة فقط ولاتهمها مصلحة البلاد او استقلال القضاء وقد اعتدنا على ذلك من هؤلاء الذين يفصلون البدلة (القاط) عاى اساس حيازتهم للدكمة وليس العكس لمصالح شخصية بحتة.
واخيراً فاننا في الوقت الذي نحمل به رئيس المحكمة الاتحادية العليا مسؤولية هذه الفوضى والاخطاء في تشكيلة المحكمة وعضويتها فاننا في ذات الوقت نبرئ السادة القضاة الافاضل اعضاء المحكمة الاتحادية العليا الاصليين الثمانية والاعضاء الاحتياط بانهم السابقين من التسبب بهذه الفوضى وعدم مسؤوليتهم او علاقتهم بها لا من قريب ولا من بعيد لاسيما ان جميع المقربين من الاعضاء الاصليين الثمانية يعلمون علم اليقين بانهم يمنون النفس باحالتهم الى التقاعد من المحكمة الاتحادية العليا الحالية اليوم قبل الغد فلهم منا كل التقدير والاحترام.