المجتمع المدني قلق تجاه محاولات تشريع قانون يسمح لرجال الدين بالتدخل في المحكمة الاتحادية العليا

آخر تحديث 2019-06-26 00:00:00 - المصدر: سكاي عراق

مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي / المنتدى الاجتماعي العراقي

تثير محاولات عدد من اعضاء مجلس النواب العراقي تمرير قانون المحكمة الاتحادية، خلال هذه الايام، قلقا كبيرا عند عدد كبير من نشطاء وفاعلي المجتمع المدني العراقي. حيث تسمح المسودة المطروحة بإضافة فقهاء من رجال الدين الى عضوية المحكمة الاتحادية العليا، مما يثير المخاوف بجعل المحكمة الاتحادية اداة سياسية بين عدد من الاحزاب، الامر الذ يهدد بعودة العراق الى مربع الطائفية.

وتوالت الاعتراضات القانونية و الاجتماعية خصوصا حول الفقرة ٢ من القانون كونها تتضمن مساعي عدد من  النواب إقحام 4 رجال دين في داخل الهيئة القضائية المكونة من ١٣ عشر عضوا ضمنهم الرئيس ونائبه ضمن مشروع  اقرار  قانون المحكمة الاتحادية العليا (اضغط هنا).، بحجة ان الدستور العراقي الزم بذلك.

 وتنصب معظم مخاوف المعترضين على القانون الجديد حول خطر تدخل رجال وفقهاء الدين بقرارات المحكمة الاتحادية بوجود الثقل الذي يمثله فقهاء الدين الأربعة ضمن مجلس يتكون عدد اعضاءه من 13 عضوا. حيث أن نص القانون نفسه يعود للعام ٢٠١٥ وتأخر اقراره بسبب خلافات حوله وخصوصا حول مدى صلاحية وتمثيل رجال الدين في هذه المحكمة.

وعقدت ورشة عمل مخصصة في مقر جمعية الامل العراقية ببغداد، في يوم الاحد 9 حزيران، حضرها عدد من ممثلي المجتمع المدني وقام بتنظيمها مكتب النائب رائد فهمي لمناقشة مسودة القانون. واتفق الحضور على ضرورة ان يتم اخذ وجهة نظر المجتمع المدني ومخاوفهم بشكل جدي قبل اقرار هذا القانون.

واقترح المجتمعون ايجاد صيغة بديلة تضمن مشاركة فقهاء الدين وفقهاء القانون في مجلس مفوضين يقوم بدراسة وتحليل القضايا المطروحة واعطاء وجهات نظرهم للمحكمة، بينما تبقى عضوية المحكمة نفسها للقضاة فقط.  وهو حل يضمن تمثيل رجال الدين واحترام تخصص المحكمة ويعزز من مكانتها. 

كما اقترحوا اضافة فقرة جديدة الى القانون (المادة الثالثة) تؤكد على ضرورة وضع ضوابط ومواصفات لخبراء الفقه الاسلامي وفقهاء القانون الذين يتم ترشيحهم لمجلس المفوضين. واقترحوا ايضا اضافة مواد جديدة للقانون تضمن حق الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات بمطالبة المحكمة بتفسير النصوص الدستورية التي يرونها ضرورية.

(للاطلاع على نص مخرجات ورشة التاسع من حزيران اضغط هنا)

وقد عبر عدد من النواب والسياسيين عن مخاوف مواقف مشابهة لموقف المجتمع المدني، ففي مقابلة مع النائب رائد فهمي عن تحالف سائرون، نشرها موقع ناس (اضغط هنا)،اكد النائب " أن وجود رجال الدين ضمن التشكيلة القضائية للمحكمة أمر مخالف للدستور، ونسعى لمعالجته قبل تشريع القانون"، مشيرا الى وجود مقترح مقدم من بعض البرلمانيين لإبقاء الهيئة القضائية للمحكمة تتكون من رئيس ونائبه وخمسة أعضاء قضاة يتولون إصدار القرارات القضائية.

فيما حذر النائب السابق، والسياسي المسيحي، جوزيف صليوا، في لقاء نشره موقع بغداد اليوم (اضغط هنا) من تشريع قانون المحكمة الاتحادية بوضعه الحالي، ومن ضم رجال دين الى اعضاء المحكمة، مبيننا أن هذا الاجراء سيكون له "اضرار بالمكونات غير المسلمة في العراق". واضاف أن "هذا المساعي ما هي الا محاولات لجعل العراق، نسخة طبق الاصل من النظام الاسلامي في إيران، وهذا ما نرفضه رفضا قاطعا.  

فيما نشرت صحيفة العرب اللندنية عن مراقبين قولهم أن "الصيغة التي يراد استحداثها في العراق مستوردة خصيصا من إيران، إذ يعمل بها "مجلس تشخيص مصلحة النظام" المسؤول عن تعيين المرشد الأعلى، صاحب الصلاحيات المطلقة في الحكم، تجسيدا لنظام "الولي الفقيه"

وأكد ان القانون هذا قديم وان النسخة الأولى من القانون التي قدمت إلى البرلمان العراقي عام 2015، كانت تتضمن فقيهين اثنين فقط ضمن أعضاء المحكمة، وهو امر اثار قلق حينها، فما بالك اليوم بالنسخة الجديدة للقانون والتي رفعت سقف تمثيلهم إلى أربعة!

وقال الخبير القانوني في الشأن الدستوري، محمد الشريف، إن "وصف الدستور العراقي للمحكمة الاتحادية العليا بأنها هيئة قضائية، يمنع باي شكل من الاشكال وجود غير القضاة فيها". ويؤكد ان الخروج من ازمة وجود الخبراء والفقهاء في المحكمة الاتحادية العليا يكون بوضعهم في دائرة مفوضين يقدمون تقارير استشارية ودراسات متخصصة.

ومن جهتهم فان مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي والمنتدى الاجتماعي العراقي، يعربان عن قلقهما الشديد من التسرع بتشريع هكذا قانون، لما يتضمن من إشكالات يمكن أن تثير مخاوف كل المكونات العراقية وتعزز حالة عدم الثقة بالمؤسسات الدستورية والتشريعية العراقية.  إن العراق مشهور بتعدد أديانة وطوائفه وانتماءاته الثقافية، لذلك ندعو أولا المشرع العراقي الى التريث بتشريع هذا القانون بغية التواصل والاستماع لآراء الاطياف المتنوعة من المجتمع العراقي وبهدف تعزيز بناء الدولة العراقية على الأسس الديمقراطية الضامنة للاستقرار والتقدم.

كما انهم يؤكدان التضامن مع مطالب المجتمع المدني العراقي ويدعوان المؤسسات الدولية وعلى وجه الخصوص بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق (UNAMI) وبعثة الاتحاد الاوربي في العراق، وانطلاقاً من دورهم الاساسي في مساعدة المشرع العراقي لإعداد قوانين تعزز السلم الاهلي والفصل بين السلطات واحترام حقوق الاقليات، الى التدخل العاجل، وحث مجلس النواب والحكومة العراقية، على اشراك المجتمع المدني العراقي والاقليات في عملية صياغة قانون المحكمة الاتحادية العليا لما لهذا القانون من اهمية حاسمه في تشكيل مستقبل الدولة العراقية في العقود القادمة.