بقلم: أياد السماوي
بعد أن صادق رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي على قرار المجلس التحقيقي المكلّف بالتحقيق في فضيحة فساد صفقة سيارات الميتسوبيشي , والذي أثبت بالأدلّة القاطعة وجود هدر كبير في المال العام وشبهات فساد واستغلال للنفوذ والمنصب , كان من المفترض إلغاء هذا العقد وإحالة كافة المتورطين فيه إلى القضاء لمحاكمتهم بتهمة الإهدار في المال العام كما جاء ذلك في توصيات قرار المجلس التحقيقي.
وفي 28 / آذار الماضي أعلن المفتش العام جمال الأسدي أنّ مفتشية الداخلية قد أحالت القضية على الجهات القضائية قبل شهر تقريبا من هذا التاريخ.. إلا أنّ المفاجئة الكبرى التي صدمت الرأي العام العراقي هو ما أعلنه مكتب المفتش العام في بيانه الصادر في 14 / آيار الماضي (أنّ أمر من قضية الميتسوبيشي قد استجدّ حيث قدّمت الشركة المتعاقدة طلبا لجهة الاختصاص ملتمسة موافقتها على تعديل العقد وإنهاء قضية العجلات ودّيا وبالتراضي بين وزارة الداخلية والشركة , حيث تمّ التوجيه للشركة بتقديم طلب لتعديل العقد من الناحية الكمية أو السعرية , وكذلك تشكيل لجنة لدراسة تعديل العقد من جانب الوزارة فيها الجهة الرقابية , وتجميد الإجراءات لحين حسم الملف , والاتفاق الجديد المبرم بين اللجنة الوزارية وشركة المفيد وبعد حصول المصادقات الأصولية يقضي بقيام شركة المفيد بتجهيز ألف سيارة إضافية مجانا وبدون مقابل ليصبح العدد الكلي 7000 آلاف سيارة , وتجهيز الوزارة ب 700 زوج أطارات لنفس العجلة مع ورشة متنقلة وتعديل فقرة الضمان والصيانة لتكون سنتين بدلا من سنة واحدة أو 40 ألف كيلو متر بدلا من 20 ألف كيلو متر , وبيّن البيان أنّ مجموع الإضافات على العقد حسب المتوّقع أضاف مبلغا يقدّر بما لا يقل عن خمسين مليون دولار أو ستين مليار دينار عراقي).
فإذا كان التحقيق في في هذا الملف قد أستكمل من كافة النواحي وتمّ إحالته إلى هيئة النزاهة وبعد ذلك تمّ إحالته إلى القضاء العراقي , وأصبح الملف في عهدة القضاء كما صرّح بذلك السيد جمال الاسدي في 28 / آذار / 2019 , فكيف تحوّل هذا الملف الخطير بالفساد من القضاء إلى الجهة التي أبرمت التسوية مع شركة المفيد ؟ فهل أصدر القضاء العراقي قرارا بتسوية هذا الملف بالتراضي بين وزارة الداخلية وشركة المفيد المجهزة للعجلات ؟ ومن هي هذه الجهة التي أمرت بإجراء هذه التسوية ؟ ومن هو عرّاب وبطل هذه الصفقة الجديدة ؟ وما صحّة الاتهامات المرعبة التي يتمّ تداولها في وسائل الإعلام عن استلام مفتش عام وزارة الداخلية السيد جمال طاهر الأسدي لرشاوى بلغت تسعة ملايين دولار عن دوره بإقناع رئيس الوزراء بتسوية هذا الملف ؟ وما هو موقف الجهات الرقابية الرسمية ومجلس النوّاب والقضاء العراقي من هذه الصفقة الجديدة في هذا الملف الخطير ؟ ولماذا صمتت هذه الجهات عن هذه التسوية المريبة والمثيرة ولم يصدر منها أي موقف حتى هذه اللحظة عدا بيان مكتب المفتش العام في وزارة الداخلية الذي أعلن عن هذه التسوية , وهو المتّهم أصلا بالوقوف وراء هذا الصفقة الجديدة ؟.. وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة ما يتردد ويشاع في الشارع من لغط واتهامات للمفتش العام في وزارة الداخلية ودوره في هذه الصفقة.. فإنّ الرأي العام العراقي يطالب الرئاسات الأربعة والمدّعي العام بالتحرّك فورا لتشكيل لجنة مشتركة من النزاهة والقضاء وديوان الرقابة المالية وبأشراف مباشر من رئيس مجلس القضاء الأعلى للتحقيق في ملابسات صفقة الميتسوبيشي والتحقيق من جديد مع كل الذين وردت أسمائهم في هذا الملف ولا سيّما القائمئين على التحقيق في هذا الملف.. إنّ الرأي العام والشعب العراقي لن يسكت أبدا عن هذه الفضيحة المدوية حتى ينال المتورطين في هذا الملف جزائهم العادل.