بقلم: أياد السماوي
صرّح القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي لوكالة أخبار المعلومة (أنّ المفاوضات بين الكتل السياسية والحكومة حسمت حصة كلّ مكوّن وكتلة سياسية من الدرجات الخاصة والمناصب بالوكالة , وأضاف أنّ حصة الكرد ستكون 400 منصب بدرجة مدير عام ومستشار ووكيل وزير ورئيس هيئة ومناصب أخرى).. المثير في هذا التصريح ليس لكون توزيع هذه المناصب يجري وفق قاعدة توزيع الكعكة , فهذه حقيقة يعلمها الشعب العراقي , ويعلم أيضا أنّ ما تدّعيه الأحزاب والكتل السياسية برفضها لمبدأ تقاسم الكعكة , ما هو إلا كذب فاضح وسرسرة سياسية تمارسها الأحزاب والكتل السياسية لاستمرار بقاء وديمومة هذا النظام الذي يضمن بقائها واستمرارها بنهب ثروات هذا البلد.. وإنّما المثير والمحيّر في هذا الموضوع هو العلاقة الغريبة القائمة بين المركز والإقليم في ظل حكومة السيد عادل عبد المهدي الذي جاء به للحكم كتلتي الفتح وسائرون بدعم من المرجعية الدينية العليا والأشقاء الإيرانيون.. فالعلاقة بين المركز والإقليم في عهد السيد عبد المهدي قائمة على قاعدة كلّ شيء للإقليم مقابل لا شيء للمركز.. فجيراننا في الإقليم موجودون في كلّ مؤسساتنا الاتحادية ويستحوذون على أكثر من عشرين بالمئة من مناصب دولتنا العليا.
فالكرد موجودون في الحكومة والبرلمان والقضاء وموجودون في كلّ المؤسسات الأمنية والعسكرية ومناصب الدولة العليا من مدراء عاميين ووكلاء وزارة ومستشارين ورؤوساء هيئات مستقلّة وسفراء , والمصيبة أنّ الغالبية العظمى منهم هم موظفون فاسدون لا ولاء لهم للمركز , ويعتبرون علاقتهم بالمركز علاقة زواج قسرّية رغما عنهم , ومع كلّ هذا يأخذون حصتهم كاملة من موازنة المركز من دون أن يسلّموا برميلا واحدا من النفط أو دينارا واحدا من موارد الضرائب والرسوم وواردات المنافذ الحدودية والمطارات.. بالمقابل مذا يجني المركز من الإقليم ؟ هل يوجد عربي واحد ممثلا عن الحكومة الاتحادية في حكومة الإقليم أو برلمانه أو في مؤسساته الأمنية والعسكرية ؟ وهل تستطيع مؤسسات المركز الاتحادية كالشرطة الاتحادية أو المخابرات أو جهاز الأمن الوطني أو المؤسسات الرقابية والمالية أن تمارس سلطاتها في الإقليم ؟ بل وهل يستطيع القضاء الاتحادي أن يجلب مطلوبا للقضاء مقيم في الإقليم ؟ أو يمكن للمركز أن يمنع مسؤولا من دولة أجنبية من دخول الإقليم قبل حصول موافقة المركز ؟ فإذا كانت العلاقة بين المركز والإقليم قائمة من طرف واحد , فما الضرورة أن يستحوذ هذا العدد الكبير من الوزراء والنواب ووكلاء الوزراء والسفراء والمدراء العاميين ورؤوساء الهيئات والضباط في المؤسسات العسكرية والأمنية على هذه الدرجات الوظيفية في المركز ؟ أليست هذه قسمة ضيزى ؟ هل فكرّ قادة المركز يوما أنّ هذا العدد الكبير من الموظفين الكرد هو ورقة مهمة للضغط على حكومة الإقليم بالأنصياع للقوانين كما تنصاع البصرة والموصل وكربلاء والرمادي ؟ أي منطق هذا الذي يجيز الإبقاء على هذه العلاقة المشوّهة القائمة على قاعدة كلّ شيء للأقليم مقابل لا شيء للمركز ؟ وهل هنالك بلد في العالم غير العراق يحكمه مثل هذا القانون الشاذ ؟ أي حاكم غير عادل يقبل بهذه القسمة غير العادلة ؟.. والله الذي لا إله إلا هو لا يقبل بهذه القسمة إلا متواطئ.