سامي جواد كاظم
منذ ان سقط نظام الطاغية والعراق تعصف به الازمات وسببها بين التامر الخارجي وقلة الخبرة السياسية ولهذا تصدت مرجعية السيد السيستاني لوضع اسس سليمة لتكوين الدولة العراقية وفق مفهوم عصري يجمع كل المتبنيات الحديثة باطار شرعي سليم يضمن حقوق الجميع والجيران والاصدقاء ومختلف الاديان والمذاهب، ولهذا نرى ان البعض من الشخصيات والاحزاب والكتل بل الكل يحاول ان ينال رضا المرجعية بل حتى يتشبث باسمها وبصور رمزها السيد السيستاني لاستقطاب اكبر عدد ممكن من المؤيدين، نعم ذكرت المرجعية وفي اكثر من خطاب وبيان انها تقف على مسافة واحدة عن الجميع.
ما اريد ان اشير له هنا لربما يتزامن مطلب ما تؤكد عليه المرجعية فيتحقق على يد شخصية سياسية او كتلة ما فثناء المرجعية يكون على المشروع وليس على هذا الحزب او تلك الكتلة، وحتى عندما تنتقد المرجعية قرارات ما فانها تنتقد القرار بحد ذاته وتنتقد من اعتمده ولا تنتقد أي حزب حيث انها لا علاقة لها بالاحزاب.
واعتقد ان السياسيين جعلوا زياراتهم للمرجعية قبل ان تغلق بابها دعاية يتشبثون بها ليخدعوا العراقيين بان المرجعية راضية عن حزبهم فان استقبال السيد السيستاني لاي رئيس وزراء استقبالها له لانه رئيس وزراء وليس انتمائه الحزبي، ولهذا استقبلت مختلف الشخصيات السياسية وباختلاف توجهاتهم واحزابهم على امل ان يتحقق مشروعها في تكاتف العراقيين وتثبيت دعائم دولة قوية تعتمد على نفسها.
وحتى ان البعض من الاخوة الذين يدافعون عن المرجعية يحاول ومن غير قصد اعطاء صورة بان السيد السيستاني لا يوافق على الحزب الفلاني او الكتلة الفلانية وهذا لم يصدر عن السيد بل مجرد قراءة وفي نفس الوقت ايضا لم يصدر عن السيد اطلاقا أي اشارة او تلميح لتاييد أي حزب او كتلة.
والسيد السيستاني يسير على نهج سلفه من المراجع في تعاملهم مع الاحداث السياسية في حينها ولا يختلف عنهم وهو نفس نهج اهل البيت عليهم السلام في تعاملهم مع الاحداث التي رافقت حياتهم.
وفي لقاء لي مع السيد فخر الدين في لبنان (اطال الله في عمره) الذي كان وكيلا للسيد محسن الحكيم ايام محنته مع البعث في عفك قال لي بانه وجه سؤال للسيد الحكيم قدس سره عن الاحزاب السياسية الدينية لكسب الشرعية والمقصود في حينها معروف فلم يؤيد ذلك اطلاقا.
ومن هنا وللاسف الشديد على الفهم القاصر للكثيرين مع ضعف الاعلام يحاول تحميل المرجعية عبء اخطاء الحكومات التي حكمت العراق بعد السقوط، ومنها حتى الدستور وكما قلت ان المرجعية تتبنى مشروع اسمه كتابة الدستور بايد عراقية اما الكيفية ومن كتبه وكيف كتبه فهو راجع الى لجنة كتابة الدستور وحتى ان السيد فؤاد معصوم في لقاء له مع قناة الفرات ذكر ان السيد السيستاني كان يرغب ان لا يستعجلوا في كتابة الدستور وقد وضع سقف زمني لكتابته بما لا يقل عن خمس سنوات، ولكن حصل عكس ذلك.
السيد عندما اصدر بيان الجهاد الكفائي هو لتبنيه مشروع سلامة العراق والمقدسات واما الية التطوع فاكد سماحته ان تكون تحت رعاية الحكومة وعندما تحقق النصر اثنى سماحته على الذين حققوا ذلك وفي نفس الوقت اكد على امر مهم وهي النقطة الثانية من خطبة النصر ونصها: ثانياً: إن المنظومة الامنية العراقية لا تزال بحاجة ماسة الى الكثير من الرجال الابطال الذين ساندوا قوات الجيش والشرطة الاتحادية خلال السنوات الماضية وقاتلوا معها في مختلف الجبهات وأبلوا بلاءً حسناً في اكثر المناطق وعورةً واشد الظروف قساوةً وأثبتوا أنهم أهلٌ للمنازلة في الدفاع عن الارض والعرض والمقدسات وحققوا نتائج مذهلة فاجأت الجميع داخلياً ودولياً.. ولا سيما الشباب منهم الذين شاركوا في مختلف العمليات العسكرية والاستخبارية واكتسبوا خبرات قتالية وفنية مهمة وكانوا مثالاً للانضباط والشجاعة والاندفاع الوطني والعقائدي ولم يصبهم الوهن أو التراجع أو التخاذل..
ان من الضروري استمرار الاستعانة والانتفاع بهذه الطاقات المهمة ضمن الأطر الدستورية و القانونية التي تحصر السلاح بيد الدولة وترسم المسار الصحيح لدور هؤلاء الأبطال في المشاركة في حفظ البلد وتعزيز أمنه حاضراً ومستقبلاً، والوقوف بوجه أي محاولات جديدة للإرهابيين بغرض النيل من العراق وشعبه ومقدساته..
وهذا يعني ان سماحته يرفض تبعية أي تشكيل تطوع لتحرير العراق الى جهة معينة غير الحكومة العراقية وهذا المطلب هو انها تتبنى مشروع بناء قوة عسكرية قوية وتسخير الطاقات التي دافعت عن العراق وعدم التفريط بها ولا علاقة له بالانتماءات والولاءات.
واليوم نسمع ما يتردد على لسان الادارة الامريكية بخصوص بعض التشكيلات التي ساهمت في تحقيق النصر للعراق بانها غير خاضعة لسيطرة الحكومة وحتى يجنب السيد السيستاني العراق أية ازمات مستقبلية وفي نفس الوقت تفويت الفرصة على اعداء العراق وتحديدا امريكا جاءت النقطة الثانية في صميم الهدف، وهي ايضا على غرار مطالبة السيد بالانتخابات التي طالبت بها امريكا في بداية الاحتلال وحسب ادعائها اذا جرت الانتخابات فانها ستنسحب من العراق ولهذا اكد سماحته على سرعة اجراء الانتخابات حتى لا يبقي حجة لامريكا في البقاء على ارض العراق .
واما المطالبة بالاصلاح ومكافحة الفساد فان غاية المرجعية هو تحقيق الاصلاح ومكافحة الفساد وبغض النظر عن من يقوم بذلك فهذه المطالب تخص الحكومة ولا تخص الاحزاب واما اذا كانت الحكومة حكومة محاصصة فهذا ذنبهم وليس ذنب المرجعية.