أسامة شفيع الحاصل على جائزة حمد في الترجمة يدعوا الشباب الى الصدق من اجل النجاح

آخر تحديث 2019-07-08 00:00:00 - المصدر: وكالة الحدث الاخبارية

حوار: إيناس رضا هلال أسامة شفيع السيد تخرج من كلية دار العلوم سنة ١٩٩٧ وكان ترتيبه الأول ،عُين معيدا بقسم الشريعة الإسلامية بالكلية سنة ١٩٩٨ وفي سنة ٢٠٠٣ حصل على الماجستير بتقدير ممتاز وكان عنوان رسالته (الفكر الفقهي عند محيي الدين بن عربي)، عين مدرسا مساعدا بالقسم سنة ٢٠٠٤ ،ثم سافر إلى فرنسا سنة ٢٠٠٧ في بعثة للحصول على الدكتوراه ،وحصل عليها سنة ٢٠١٥ بتقدير ممتاز ،وتُرجمت رسالته بعنوان امتناع المسئولية الجنائية في الفقه   الإسلامي (دراسة مقارنة). ويضيف د. أسامة : سجلت رسالتي أولا في باريس حيث تواجد المشرف إلى أن انتقل الإشراف إلى الأستاذ في روان وانتقلت أنا من الكلية القديمة (آداب تاريخ) إلى كلية الحقوق ؛ حيث أن الأستاذ المشرف على رسالتي كان يعتقد أن الرسالة لها جانب تاريخي ،ولكن بعد فترة من كتابتها بدأ أستاذي يشعر بأنه غير قادر على متابعة المكتوب أو تكوين لجنة علمية حقيقية ، فانتقلت إلى روان وكان المشرف عمدة المدينة وأخذت الدكتوراة ثم رجعت إلى مصر وعُينت مدرسا في الكلية بعد انتظار ستة أشهر لأسباب غير مفهومة، واهتممت بالترجمة وقمت بترجمة ستة كتب حتى الآن والحمد لله. س: حصلت مؤخرا على جائزة حمد في الترجمة المركز الأول عن ترجمة كتاب المرجع في علم الكلام ، فما هو علم الكلام ؟ هو علم العقائد الإسلامية من حيث هي ،يدرس العقيدة نفسها ،يتكلم عن أسماء الله وصفاته وفكرة الحدوث والقدم واليوم الآخر والرسل والملائكة ،والفرق المعتزلة والجهمية والإمامية والأشاعرة وغيرهم، فمصطلح علم الكلام مرتبط بدخول العقل في تفهم العقيدة وعدم الاكتفاء بالنصوص النقلية. س: ما سبب تصرفك في اسم المرجع وإسقاط كلمة إسلامي منه؟ لأن علم الكلام لا يُعرف بهذا الاسم إلا في الحضارة الإسلامية ،ففي المسيحية يُعرف بعلم اللاهوت ،فالوصف الإسلامي في هذا السياق فضلة ليست له فائدة كما أنني أضفت كلمة( تاريخ) مشورة من الأستاذ حسن شفيع ؛ لأن علم الكلام أكبر من هذا المرجع ،فالخريطة العامة للكتاب خريطة تاريخية. س: نود نبذة مختصرة عن تاريخ المرجع ( الكتاب الأصلي) وما الهدف من تحريره؟ المرجع صُدر عن جامعة أكسفورد حرره عددا كبيرا من الباحثين الغربيين والشرقيين وغالبا أخذوا الدكتوراة في الجزئيات التي أتقنوها تحت إشراف المحررة زيبينه شيميتكا، وهذه سُنة الجامعة أن تحرر كتب مرجعية وليست مع الحضارة الإسلامية فقط بل لكل الحضارات على اختلافها من الشرقية والمسيحية.  س: ما الثمار التي رأيت أنك ستجنيها من خلال ترجمة المرجع بعد عرض مركز نماء عليك أن تقوم بترجمته؟ الحقيقة أنه كتاب ضخم ووافق هوى في نفسي لأني لست من أنصار التخصص الضيق؛ صحيح أنني متعمق في تخصصي في قسم الشريعة الإسلامية ولكني مطلع على المنطق والفلسفة وعلم الكلام ، وتعجبني كلمة العقاد "اعرف شيئا عن كل شيء، واعرف كل شيء عن شيء" ، إنما الثمرة الكبرى أنني عشت مع ثمانمائة صفحة باللغة الإنجليزية وكان الفرنسي هو الغالب لدي ،وكان هذا مسار إعجاب وتعجب ؛ لأنني أخذت الجائزة عن ترجمة اللغة الثالثة لدي.  س: هل سبق المستشرقون الباحثين العرب في دراسة علم الكلام ؟ بالطبع لا ؛ هم بحثوا في إنتاج علمائنا مثل كلام أبي الحسن الأشعري والقاضي عبد الجبار وابن صفوان وغيرهم ، أما لو تحدثنا عن الباحثين الجدد الأمر يختلف قليلا لأن الباحث العربي لعهد قريب كان يخلط بين العلم والاعتقاد ؛ فإذا كان أزهريا مثلا غلب عليه نصرة المذهب الأشعري ،أما الغربي هو واصف للمذهب، فقضيته هو دراسته وتحليله فهو ليس بمسلم وبعضهم يهودي ،فضلا عن توفر الجانب المادي في الغرب وفكرة التخصص الدقيق فهم ليسوا سابقين بل مختلفين. س: هل أثّر الفكر الغربي في تلك الأبحاث؟ منهج التفكير فقط ، وليس المستشرقون الآن كما كانوا من قبل يخدمون الاستعمار والمصالح الغربية ،بل أخد منحنى جديدا فهناك الكثير منهم يتسمون بالحيادية وأكثرهم يعتنق الإسلام ،وبعضهم مسلم، فبعد الحرب العالمية الثانية حدث هجرات عنيفة من الشرق لأوروبا كأيدي عاملة لإنقاذ الاقتصاد الأوروبي من الانهيار ،وانتشر الحجاب في شوارع أوروبا في ذلك الوقت. س: بالرغم من وصف المرجع بالإسلامي لم يخل من الفكر اللاهوتي المسيحي والمذاهب الإلحادية ،فما وجهة نظر محررة الكتاب ؟ الإسلام ليس في جزيرة منعزلة ويعيش بين أبنائها يهود ونصارى وربما ملحدين لذلك حدث تأثير وتأثر ؛ فهم جزء من البيئة الثقافية والنفسية والدينية والاجتماعية في الدار الإسلامية. س: هل أضفت بعض الحواشي للكتاب المترجم؟ ستين أو سبعين حاشية ولكن ليست لآرائي الشخصية ،ولكن إما لشرح مصطلح غامض أو إشارة إلى خطأ في ترجمة المستشرق، فمثلا إن وجدت نصا للأشعري أرجع لكتب الأشعري وليس للنص المترجم ،ووجدت أن مستشرقا اتهم الأشعري بالتخبط في أفكاره ،فلما رجعت إلى كتب الأشعري وجدت أن الأشعري يسير على خطته الفكرية التي لم يفهمها المستشرق ففي مثل ذلك أُعلق وخاصة المسائل. س: هل وصل المستشرقون ومحررة الكتاب إلى غايتهم؟ محررة الكتاب تقول أنه يعاني نقصا ،ولا يوجد كاتب يقول (وصلت لغايتي) إلا إذا كان مختلا عقليا ،الأهم هو رأي الجمهور. س : ننتقل إلى الكتاب الثاني لجينو وهو بعنوان(la cries du monde modern) أو أزمة العالم الحديث ،من هو جينو، ولماذا أطلق على الحضارة الغربية الحديثة حضارة شاذة ؟ جينو هو رجل فرنسي الأصل نشأ كاثوليكيا وسرعان ما تمرد على هذه البيئة والأفكار الغربية وبدأ يدرس المذاهب الشرقية ويرى مع هذا نقائض العالم الحديث فكانت مهمته مهمة هدم وبناء ،مهمة الهدم تتعلق برأيه في العالم الحديث فهو يرى أن الغرب في حالة ضعف وليس قوة ويناقش المسألة من الداخل ويقنعهم بأن ما هم عليه خطأ، ثم اعتنق الإسلام سنة ١٩٣١. ويرى أن الحضارة الحديثة حضارة شاذة لأنها نشأت على أصول غير ربانية ،قدست العقل وحقرت الدين و المذاهب الأخلاقية ،فسلّط سهام نقده للفكر الغربي الحديث وفلسفته ،لذلك اتهمه الغربيين في ميوله كأنه عميل للشرق. س: هل أوضح جينو من خلال تصوره منهجا تقاربا للشرق والغرب؟ نعم ،له كتاب اسمه إمكانات التقارب ،ولكن منهجه أن الغرب هو الذي لابد أن يتقرب إلى الشرق لأنه عدل عن السير الطبيعي للحضارة.  س : ما علاقة فكر طه حسين بفكر جينو؟ أعرض كل منهما عن الآخر ، ضد بعضهما ؛طه حسين ينحاز إلى الغرب وجينو ينحاز إلى الشرق. س: كم كتابا قمت بترجمته على العموم، وما هي مؤلفات سيادتكم؟ في الترجمة: ١-النشأة الإسلامية في الفقه الإسلامي. ٢_بحث عن الفرنسية ( جلال الدين الرومي) وفيه ترجمت الشعر شعرا. ٣-المرجع في تاريخ علم الكلام. ٥-الشرق والغرب. ٦-أزمة العالم الحديث. والنية معقودة على ترجمة كتاب هيمنة الكم ثم الانتقال إلى مارتي ليجس. أما المؤلفات: 1-قيد الأوابد 2- الفقه الإسلامي -ولقي رواجا كبيرا عند القرّاء.  س هل هناك عقبات واجهتها لاستلام الجائزة ؟ كدت ألا أسافر ؛ فقد تأخرت الإجراءات من جهة عملي وكنت سأوكل صديقي دكتور محروس بريك باستلام الجائزة بدلا عني ،ولكنه قال لي (أوعى ) إياك أن تضيع على نفسك تلك الفرحة فسافرت قبل اتمام الإجراءات من جهة عملي ،وهذا ما استغله البعض في محاولة لتعكير صفوة فرحتي بالجائزة بدلا من الاحتفال بها ؛ فهذا الكتاب الوحيد الذي ذكرت فيه أنني أنتمي لكلية دار العلوم ،ولكن هيهات . س:ماذا أخذت من هؤلاء :  العقاد ؟ أنا عقّاديّ وقرأت للعقاد فوق ثلاثين كتابا ،ولا أكتفي بكتاب واحد بعد فترة انقطاع ،وأخذت منه استخلاص شيء من لاشي ، فأصبحت أبحث في باطن الأشياء.  محي الدين بن عربي؟ قضيت أجمل أيام حياتي مع الفتوحات ،كنت أقرأ بجوارحي ووطنت نفسي أن رسالة الماجستير تكون ثمرة من ثمرات القراءة.  والدك الأستاذ محمد شفيع السيد؟ نحن مختلفون فكريا ؛ أبي لم ير في أية نجابة منذ صغري والحقيقة أنني لم أُظهر أية نجابة وكان ضد شرائي للكتب ورفض التحاقي بكلية دار علوم والتحقت بها على غير رغبة منه ،ولن أنسى له جملة آلمتني كثيرا حينما قلت له معاتبا عندما حصلت على تقدير ممتاز ( كنت رافضا دخولي الكلية يا أبي) فقال لي ( وليتك لم تدخلها ) فتألمت كثيرا لمقولته. س: علاقتك بالصوفية ؟ أنا بين الصوفية من الصف الثاني الثانوي ،وخطبت الجمعة وأنا في الصف الثالث الثانوي ،جدي كان صوفيا ،وسقط التصوف من أبي وظهر في أنا ، وأبي كان يخشى علي من بعض التيارات الإسلامية وليس الدين الإسلامي. س :ماذا تتمنى لكلية لدار العلوم ؟ أن تعود كما كانت ،من وجهة نظري أنها فقدت الكثير من ما كانت فيه من حرية فكرية، ومن كفاية في تعليم الطلاب. س: أستاذ تود أن تقول له شكرا لك ؟ قد أكون مسيئا في الأدب في ذلك، ولكن لا يوجد أستاذ تأثرت به تأثرا كاملا ولا أقبل هذا ؛ فقد وطنت نفسي أن أكون متبوعا لا تابعا ،وما فارقت العقاد إلا أنني خفت على نفسي من التأثر الكامل.  وفي نهاية حوارنا ماذا تقول للشباب؟ أقول لهم : اصدقوا.