The Aftermath رؤية انسانية للدمار الذي تخلفه الحروب

آخر تحديث 2019-07-09 00:00:00 - المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

نزار عبد الغفار السامرائي

لا رابح في الحرب … هكذا تعبر المقولة المشهورة عن طبيعة الحروب التي تنتهي بأن يكون الرابح فيها خاسرا، بسبب حجم الدمار الذي تخلف والارواح التي تزهق، والآثار النفسية التي تتركها على المجتمعات.

وهكذا يتناول فيلم the aftermath تلك الآثار التي خلفتها الحرب العالمية الثانية عبر ثيمة قلما تتناولها السينما العالمية، بعدما اعتادت على تقديم الحرب عبر قصص بطولة وأشادة بقوات الحلفاء مقابل (شيطنة) العدو الالماني النازي الذي لا يتوان عن فعل اي شيء سيء لتحقيق مآربه.

الفيلم يصور الدمار الكبير الذي خلفته الحرب في مدينة هامبورغ الالماني التي تصلها (راشيل) زوجة (لويس مورغان) الضابط البريطاني المعين كحاكم للمدينة بعد نهاية الحرب وسقوط حكم هتلر النازي، وهنا نعرف أن البريطانيين تعاملوا مع المدن الالمانية كقوة احتلال، ومارسوا سلطاتهم كذلك.

راشيل التي جاءت الى هامبورغ محملة بالكراهية ضد الالمان، والذي لا تجدهم غير قتلة لا يستحقون اي تعاطف معهم مهما كانوا، تجد نفسها مجبرة على ان تعيش مع عائلة المانية استولى زوجها على منزلهم الكبير ليكون منزلا له، وبدلا من ارسالهم الى المخيمات الاحتجاز، يدعو العائلة المكونة من الوالد (ستيفان) الذي يعمل مهندس وابنته(فريدا) الى البقاء في العلية حتى يحصلوا على أذن الاستخبارات البريطانية بالانتقال الى مدينة اخرى.

وصول راشيل الى المدينة يضعنا امام حالات انسانية ملتبسه تتمثل في ام بريطانية تفقد ابنها بسبب الغارات الالمانية على لندن، وابنة المانية تفقد امها بسبب القصف البريطاني على هامبورغ.. كما هناك خط يتعلق بزوج عسكري مازال يحمل في روحه بذرة من التعامل الانساني، لكنه في الوقت نفسه يحمل زوجته مسؤولية فقدان ابنهم دون التصريح بذلك فيما تشعر الزوجة بحاجتها الى العاطفة التي تفتقدها من زوجها، لكنها ،وهنا المفارقة، تجدها في احضان المهندس الالماني التي تشعر في البداية بالكراهية تجاهه ولكنها تنجذب نحوه حين تبدء بالاكتشاف انهم لايرون في البريطانيين غير محتلين استولوا على بلدهم ومنزلهم، ولكنهم بالمقابل بشر يحملون ذات الروح الانسانية التي يحملها غيرهم، فالالمان مع انهم العدو لكنهم ليس بشياطين.

كما يتعرض الفيلم لمجموعة من الشبان الصغار الذي ينتمون الى تنظيم مقاوم، يسعى لمواجهة الجيش البريطاني الذي سيطر على مدنهم ويحاول احدهم وهو صديق (فريدا) اغتيال مورغان للانتقام منه بسبب اغتصابه لمنزل حبيبته.

مجموعة من المشاعر المتناقضة التي تتقاطع فيما بينها تضعنا امام حقيقة ما يمكن ان تخلفه الحروب، وكيف يمكن ان تجعل  الانسان يفقد انسانيته ويتحول الى اداة للقتل والكراهية، ولكنها لا تصنع الابطال حسب تعبير الضابط الانكليزي لويس مورغان.

قمة الحبكة تصل عندما تقرر راشيل ان تترك زوجها لتذهب مع ستيفان الى بلدته، حيث اخبرها انه اشترى قطعة ارض ويسعى لبناء منزل صغير ومتميز هناك. وامام رد الفعل السلبي للزوج ترافق راشيل المهندس الالماني الى محطة القطار، غير ان مشاعرها مازالت مضطربة وحبها لزوجها لم تخبو جذوته في صدرها، لذلك تقرر في اللحظات الاخيرة العودة الى المنزل ومرافقة زوجها الذي حصل على موافقة بنقله الى بريطانيا ليكون وزوجته بعيدا عن الاوضاع المأساوية التي خلفتها الحرب في المانيا.

لقد حفل الفيلم بالكثير من المشاهد الانسانية لاسيما تلك التي تصور النساء كبيرات السن وهن يبحثن عن اولادهن وبناتهن حاملات صورهن ، او يتفقدن قوائم الاسماء لمن يعثر عليهم، او مشاهد البحث عن الجثث المدفونة تحت انقاض البنايات المهدمة نتيجة قصف المدينة (هامبورغ)..وحتى صور الجنود الذين يتعرضون للقتل على يد التنظيم الالماني السري واغلبهم من الشباب اليافعين.

فيلمThe aftermath   مقتبس عن رواية بالاسم نفسه للكاتب ريديان بورك صدرت عام 2013 . وهو من اخراج جيمس كنت ، والفيلم من بطولة كيرا نايتلي (راشيل) ، ألكساندر سكارسجارد (ستيفان)، جايسون كلارك (مورغان)، وألكساندر شير. عرض الفيلم للمرة الاولى في الولايات المتحدة بتاريخ 15 آذار 2019 .