عباس الاسدي
اعلان رئيس الحكومة العراقية عن قرار يقضي بدمج الحشد الشعبي تحت قيادة القوات المسلحة ليس الا مأزق جديد يدخله العراق وقواته العسكرية
وهذا القرار يراه البعض محاولة للحفاظ على الحشد من احتمالية تعرضه لهجوم امريكي خاصة بعد ايام من اتهام الولايات المتحدة ميليشيات عراقية باستهداف المنشآت النفطية بالسعودية
الخلاف الامريكي الايراني القى بظلاله على العراق فصار الاخير يسعى لارضاء الطرفين ونتيجة هذا السعي ظهر القرار الحكومي بدمج الحشدالشعبي مع الجهاز العسكري
مآزق جديدة سيعيشها العراق بسبب الدمج منها ان هذه القوة تشكلت بفتوى دينية ويُمكن ان تُحل بفتوى اخرى والحشد هو عبارة عن عدة فصائل مسلحة منطلقاتها دينية مذهبية والكثير منها يُعلن ولائه لرجال دين من خارج حدود وطنه بل ويتوعدون باستهداف المصالح الامريكية في حال تعرضت ايران لهجوم امريكي كونها الاب الروحي والراعي لهم وبالتالي سيكون انعدام ولاء داخل المؤسسة العسكرية
قوات الحشد لم تتعلم وتتدرج عسكرياً أي ان جنودها وقادتها لم يدخلوا الكليات العسكرية وحين خاضوا المعارك ضد تنظيم الدولة تم الامر بأشراف وتوجيه مستشارين عسكريين ايرانيين ولم يكونوا الا جنود يحركهم اولئك المستشارين،فكيف سيندمجون مع القوات النظامية،اذن هم اكمال لظاهرة الدمج التي شرعتها الحكومة قبل بضع سنوات حين ادخلت اعضاء الاحزاب الاسلامية الحاكمة في الجيش ووزعت عليهم الرتب العسكرية بصورة عشوائية والفارق هنا هو الهدف من الدمج فسابقاً كان القصد هو تثبيت الاحزاب وتغلغلها داخل المؤسسة العسكرية لفرض سيطرتها بالكامل وضمان ولائها لهم،اما الهدف من قرار الدمج الجديد سنفصله لاحقاً
فصائل الحشد تفوق المؤسسة العسكريةالنظامية قوة وتمتلك رصيد جماهيري كبير تحيطه هالة مقدسة (بعد ان اضفت الفتوى الدينية لها الشرعية) فهي كانت سبب الخلاص من تنظيم الدولة الاسلامية المُسيطر على عدد من المحافظات بعد فشل القوات النظامية وانهزامها امامه لذلك يراه الناس اهم واعتد من الجهات الحكومية، وهذا الامر سيجعل فارق كبير بين قوات الحشد والقوات الحكومية داخل المؤسسة العسكرية وجاء هذا الامر كثيرا على لسان قادة الحشد انهم اعلى جاهزية واكثر قوة من الجيش ولولاهم لما استمر الاخير،وفي اخر تصريح قال احد قادتهم ان وجود الحشد ضروري بسبب ضعف الاجهزة الامنية.
كيف ستتصرف الحكومة في حال هاجمت فصائل الحشد المصالح الامريكية ان تم الهجوم على ايران خصوصا وانها اصبحت قوات نظامية تتحمل الحكومة مسؤوليتها بالكامل فهي من اخرجتها من السياق الديني الى الوطني الحكومي.
وماهو السبيل للتعامل معها بثقة وهي تعتبر جزء من منظومة ايرانية متغلغلة داخل الاجهزة الامنية وكثيراً منهم صرح بتجاوزه للاوامر الحكومية في حال تقاطعت مع توجهاتهم المذهبية عابرت الحدود،اذن ستكون تلك القوات اداة ضغط تحركها ايادٍ خارجية لتسيير الامور كيفما تشاء،خصوصاً ان الكثير من فصائل الحشد ستتمرد على الدولة في حال عدم اتخاذها موقف فعلي مساند لايران.
القرار الحكومي بشان الحشد هو قرار رسمي للأخذ بيد المؤسسة العسكرية الى الهاوية،ومن المستحيل ان يأخذ القرار مجراه الا بموافقة ايران ووكلائها وسترضخ الحكومة صاغرة لشروطهم،ولن يتمكن رئيس الحكومة من ادارة تلك القوة الدينية ابداً حتى لو تطبق القرار لانها لاتخضع له بجميع المقاييس والاعتبارات،فهو لم يفلح الا بوضع نفسه ومن يأتي بعده والبلد في ورطة مهولة.
هل جاءت هذه الخطوة للحفاظ على قوات مُدافعة عن ايران من حيث وضع مقدرات العراق العسكرية في متناول يدها مع اضفاء صفة رسمية تتيح لها الاحتماء بها؟ام هي خطوة لارضاء الجانب الامريكي والظهور امامه بهيأة الماسك لزمام الامور والمُسيطر على الحشد وتحركاته؟
كلا الحالتين مأساوية كونها تمثل محاولة ارضاء بائسة لطرفين يقتل فيها حكام العراق وجوديته واستقلالية قراراته والسبب كوضوح الشمس وهو انعدام الولاء الوطني لقادة البلد وخضوعهم للولاء المذهبي فقد أثبت هذا القرار وقبله التصويت البرلماني على هيئة الحشد الشعبي بعد (شهرين)من تشكيلها وتسليحها ان الفتوى الدينية فوق النظام وهي مُلزمة للدولة ومؤسساتها،ولاقيمة لأي تشريع قانوني فبإمكان الفتوى تشريع ودحض وتثبيت ماتشاء من قوانين.
الهدف من هذا القرار وآلية استرضاء الطرفين المستفيد الاكبر منها هو الجانب الايراني،لان تلك القوات ستحتفظ بولائها له وستظل رهن اشارته ومُنفذة لاجنداته في العراق والمنطقة، واندماجها سيزيدها رصانة وسيثبتها اكثر ويجعلها تتحكم بالمؤسسة المُندمجة فيها بصورة أكبر من السابق،فكيف لا يُسرع العراق نحو الانحدار اذا كانت الامور تسير بهذة الطريقة العرجاء.