د.محمدعلي شاحوذ
ليسَ كلُّ مَنْ خاض العَجاجة عَنْتَرُ, وَلا كُلُّ الرِجالِ فُحولا, ولا كل من حمل السلاح بيده صار محاربا شرسا, وعنوانا للبطولة, فقد يكون حمله لالتقاط الصور التذكارية بعد انقضاء المعارك, أو ربما ليخفي لحظات الخوف التي عاشها!!>
وليس كل من تغنى بالنشيد الوطني أو وشم خريطة الوطن على زنده وصاغ منها قلادة ذهبية في عنقه أصبح وطنيا, فقد تكون نصف خيرات الوطن في ذمته, ولا كل من أطلق لحيته ولبس العمامة وحفظ حديثين أضحى فقيها, وما كلُّ مَنْ نطقوا الحروفَ أبانوا, وما كل من قرا الأناشيد صار شاعرا, ولا كل من هرول الى الصلاة في المسجد أو طاف حول الكعبة وتعلق بأستارها بات مؤمنا, فقد يكون من أشد الظالمين الذين لم تسلم منه دماء الناس وأعراضهم>
وليس كل من تكلم بالإصلاح والصلاح وعمل الخير أمسى مصلحا فقد يكون افاقا مخادعا, ولا كل من تصدق لفقير أو رمّم مدرسة او عبّد طريقا يريد به وجه الله ومغفرته, فربما أراد كسب أصوات الناخبين في الانتخابات, ولا كل مسؤول رفع شعارات النزاهة والشرف وصدع رؤوسنا بصراخه عن عفة اليد غدا نزيها, فقد يكون أفسد خلق الله.
وليس كل من وصل الى المنصب هو الأكفأ بين أقرانه فقد يكون حصل على مبتغاه بفعل المحاصصة أو قد يكون دفع الثمن, ولا كل من وصل للسلطة غايته خدمة الناس, فقد تكون غايته خدمة أهدافه الشخصية وتعيين أبناءه والإثراء من فلوس البلد.
وليس كل من يبيع الماء والعلكة على قارعة الطريق أمّيا, لا يقرأ ولا يكتب فقد يكون من حملة البكالوريوس أو الماجستير, ولا كل من تخرّج من الجامعة حصّل على وظيفة, فاغلب الشهادات صارت معلقات بائسة على الحيطان, ولا كل من دخل صالة العمليات واستأصل إحدى كِليتيهِ لمرض اصابها, فقد يكون رفعها ليبيعها في السوق ليشتري بثمنها ما يسد رمق أطفاله الجوعى.
وليس كل ما يتمناه المواطن البسيط يتحقق, فكل امنياته حتى البسيطة منها تذهب سدى, ولكن سبحان الله فان كل ما تتمناه الحكومة يتحقق ويصبح واقعا, ولا كل من تحدّث اللهجة العراقية, هو عراقي قلبا وقالبا, فقد يكون عراقيا على الورق فقط وقلبه وعقله مع الجيران!!.
وليس كلُّ النساء إناثاً, ولا كل من لبست السواد سَبت العباد, ولا كل من ارتدى الأبيض ملاكا, ولا كل من جس العروق طبيب, وَمَا كُلّ مَنْ قَالَ قَوْلاً وَفَى, وما كل مرئي البصائر حجة, ولا كل عقل بالصواب بصير.
وليس كل من قال إني عاشق صدقا, ولا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَه لَكَ قَدْ صَفَا, وما كل من ذاق الهوى عرف الهوى, ولا كل من شرب المُدام نديم, ولا كل من طلب السعادة نالها, ولا كل من قرأ الكتاب فهيمُ.