سامي جواد كاظم
الطائفية الجغرافية والمطعمة بالقومية، ثقافة اخذت طريقها في وسط عقول ابناء العراق الواحد ومما زاد فيها شقة وفرقة هي الانتخابات والاعلام غير المهني، وللاسف الشديد نقولها بحسرة ان نظرة المواطن الى ابن محافظته تختلف عن ابن بقية المحافظات، ولا يستطيع ان يتجرا أي مسؤول سواء بالحكومة او بالمحافظة اعلان دمج محافظتين او ثلاث، لان هذا الدمج سيلغي مناصب ويغلق بعض منافذ الفساد، فالروحية العشائرية والقومية وحتى المذهبية لازالت متجذرة في بعض النفوس وهنالك من يلقي الزيت على نارها من خلال الاعلام غير المهني.
ولا تستبعدوا حدوث صراع حتى يصل الى الحرب بين أي محافظتين يتم اكتشاف بئر نفط على الحدود بينهما ويكفيكم مشكلة كركوك والتي بسبب نفطها.
حتى الوظائف وشراء العقارات اغلب المحافظات حددت المعاملة بابناء المحافظة واذا ما جاء شخص كاسب يطلب رزقه في محافظة اخرى فان نظرة هذه المحافظة له نظرة انتقاد ولا ابالغ ان قلت نظرة (دونية) وحصلت الكثير من المفارقات بسبب هذه النظرة الضيقة بين ابناء البلد الواحد والمحافظات المتعددة.
ان الدين الاسلامي لم يفرق بين ابناء العالم وليس ابناء البلد الواحد ونحن ندعي اسلامنا واعتناقنا لدين محمد فمن اين جاءت فكرة ابن المحافظة او ابن الولاية، لماذا نمنح اسباب وسبل للتفرقة بين العراقيين تخدم القوى الشريرة التي تريد الشر لهذا البلد ؟ واذا كان هذا حالنا فكيف لا يكون تعاملنا مع غير العراقي تعامل متشنج بل وبمزاجية ففي بعض الاحيان تاخذ المذهبية طريقها لتفريق القومية، لدرجة الاسف الشديد عندما نرى من يتعامل مع الوهابي والصهيوني تعامل اخوي بينما مع ابن بلدته وحتى ابن جيران بلدته تعامل سيء ويعزف على وتر القومية والعروبة والعربية وكلها لا تساوي عفطة عنز.
البعض يمتدح طبيعة المجتمعات الاوربية وكيف انها لا تفرق بين مواطنيها بينما هو يفرق بين ابناء بلدته، وكيف لا يلتفت الى تعامل هذه البلدان مع المسلمين المهاجرين والمهجرين الى بلاد الغرب فكم من جريمة واهانة تعرض لها المسلمين بل اصرت بعض الحكومات على اصدار قوانين بخلاف الدين الاسلامي غايتهم اضطهاد المسلمين وهم من يدعون حرية المعتقد.
في احدى المحافظات وانا اتجول في اسواقها استاجر مواطن حمال ليحمل له حقائبه، فجاء حمال ثاني ومن غير وجهة حق قال للحمال الاول انا من استاجرني الرجل، فرد عليه بل انا، فقال له بل اشر لي عن بعد وكنت في طريقي اليه وانت ظهرت فجاة، وهنا جاء احد رجال الشرطة ليفض النزاع فتبين له ان الحمال الاول ومن لهجته انه ابن الجنوب وليس من محافظته فاهانه ورفس عربته وهدده بالحبس، فما كان من المسكين الا الانسحاب خوفا على العربة لانه استاجرها من صاحب ساحة لاستئجار العربات.
اذا كانت هذه الروحية متفشية بين نفوسنا فاننا لا نستطيع ان نعمر وطننا واما مسالة ابن الجنوب يقاتل في المحافظات الغربية فان هذه لها اسبابها لربما يتشعب الحديث ويساء الفهم وفي نفس الوقت لا يخلو العراق من عراقيين اصلاء ينظرون نظرة واحدة لابناء بلدهم بل البعض يكرمون الغريب اكثر من ابن محافظتهم... والله من وراء القصد