بقلم: سمير داود حنوش
ماذا لو إلتزمت جميع الفضائيات العراقية بميثاق شرف إعلامي تتعهد بموجبه الفضائيات بعدم الترويج أو التطبيل أو محاورة أي مسؤول أو سياسي أو وزير أو حتى برلماني تحوم حوله شبهات فساد وسرقة للمال العام.
وماذا لو بادرت هذه الفضائيات (كإثبات حُسن نية) ومن مبدأ احترام عقول مشاهديها وأذواق جمهورها بعدم بثّ أي خبر أو نشاط سياسي أو دعائي لأي مسؤول في هذه الحكومة أو البرلمان يُهين أو يُسيء لقلم صحفي أو ينتقص من مكانة الإعلامي وعمله، ولماذا تجعل الفضائيات الرأي العام يعتقد أن هذا السياسي الفاسد هو المتفضل وصاحب الفضل على الفضائيات لأنها تنشر أخباره ونشاطه وليس العكس، ولماذا لا نوصل رسالة الى الجمهور أنه لولا هذا الإعلام لما استطاع هذا السياسي أو المسؤول الوصول الى قبة الحكومة أو البرلمان، ولماذا هذا التنازل عن عرش السلطة الرابعة ولأي سبب كان وبالتأكيد فهو ليس تحريضاً ولكن إنصافاً للحقيقة التي درسناها في كليات الإعلام من أن حصانة الصحفي يجب أن لاتقل عن حصانة البرلماني وإن مقال في صحيفة كان يُغيّر حكومات، وكيف سيكون إحترام الجمهور لموقف ورأي هذا الإعلامي إذا كان هذا الإعلامي يتحكم به مسؤول حتى في طريقة إرتدائه للملابس وربما سيتحكم غداً هذا المسؤول بنوعية الخبر ومدى صلاحيته عندما ينشرهُ هذا الإعلامي.
ربما يكون للصحفي عُذره في الصبر والتحمل لأن هذه المهنة هي مصدر رزق له ولعائلته وأنها مهنة من لا مهنة لهُ خصوصاً وأن الكثير من المؤسسات قد تتخلى عن هذا الصحفي عند حدوث أي إعتداء لكن هذا لا يبرر الخنوع والقبول بالذل.
بعض الفضائيات أصبحت (چنابر) وليس دكاكين يُباع ويُشترى فيها أي شيء وكل شيء وساعات البثّ الطويلة المُملة أصبحت تُعبأ بحوارات وسجالات ومناكفات لسياسيين فيما بينهم تتكرر فيها مهزلة التراشق في الكلام والحديث المُمل ووجوه تتكرر وتُعاد يومياً وعلى جميع الفضائيات، بل وصلت الجُرأة لبعض الفضائيات أنها بدأت تتسابق لإجراء حوارات مع سياسيين فاسدين ولصوص حتى أحزابهم أعلنت برائتها منهم ولا ندري هل هذه الحوارات واللقاءات تكون مدفوعة الثمن للقناة أو مجاملة أو ربما لأشياء أُخرى لا نعلم.
أغلب فضائياتنا اليوم في واقع مؤسف ومؤلم قد يتهمها البعض بوصولها الى مرحلة مشاركة الفساد مع الفاسدين ومسميات تُتهم بالفساد وربما لاتستطيع هذه الفضائيات أن تُنهي أو تمتنع عن إجراء هذه الحوارات واللقاءات لأنها تعتاش على هذه السجالات ولتكون المُحصلة إلصاق تهمة الفساد بهذا الإعلام، ولابد من وضع قوانين تنظم عمل هذه الفضائيات لكي لاتصبح مسرحاً لعرض ملفات الفساد والسرقات فهذه الملفات مكانها الطبيعي تحت قبة القضاء وليس في إستُديوهات الفضائية.
المؤكد أن هُناك أيادٍ خفية تُحاول جعل الإعلام إضحوكة وليست مُبالغة عندما نتحدث عن نظرية مؤامرة تقودها جهات سياسية لجعل الإعلام ضعيفاً مهزوزاً غير مؤثر في المجتمع يُقاد ولايقود يتحكمون فيه كيفما يشاءون، فهل وصلت الرسالة.