د. سحر أحمد علي الحارة
يَضرِب ليُطرِب ..
يضرب إيقاعاته على مفاتيح معزوفة
موسيقية شامية عريقة..
وبقلب هدهدي أبيض..
ومازالت شامنا شام المحبة والسلام ..
شام بيت العز والمجد والأمان والوئام..
إنها تُعِدُّ أعظم سمفونية إنسانية عالمية !
مازال خدّ السّوري الأيمن
يتقدم على الخد الأيسر
يهتفان لبراءته وسلميته وتمسكه بجذور دياره وأرضه ..
مازال الجندي الشّامي
يتايع وقائع الشريط الموسيقي بإيحاءات
التسامح والتصافح ..
بآلات محلية الصنع ماليست مستوردة ..
أوتارها شريط رباط، وأدواتها بُكَلٌ وخَوذةٌ وبوطٌ
وزنادُ الأوتاد وقت الطلب،
يجود محبة قبل آخر نفس ضاغط !!
محبة لايعرفها إلا مواطن صدق الله وبلاده،
إنها تكون على أحسن حالها كلما اشتد صوت الأرض،
تلك الأرض التي تعرف جيدا أقدام أصحابها،
وتتنكر بقزازة لأقدام الدخلاء والخونة..
تَضربُ فتطربُ إيقاعاٌ ودفاعاً آلاتٍ نفيسة
أدواتها أصابع جيش ذي ريادة،
وشعب من إرادة، وقائد لبس مكارم الأخلاق قلادة!
ألحان سامية يفوح صداها عبقا
نزيف دموي من شعب آمن في بيته،
في عمله، في دور العبادة !
سمفونية سلمية إنسانية .. ليست من" بيت هوفن "
ولكن هذه المرة من "بيت دمشق" الطربي الغمامي..
انطلقت تشق عباب الضجيج العالمي المضطرب ..
أثارت جدلا صاخبا، ولكنه جدل فلسفة إرادة الحياة
الذي صنفوه مابين حزين وبهيج !!
يحضرني قول حكيم: إن كل من يساوم "يفاوض"
على حق من حقوق الأمة فاعرف أنه دخيل
خان على الأقل الأرض المضيفة !!
ومازال الجندي الشامي يُطربنا بوقعِ سمفونيةٍ
فِطرته الإنسانية ..
ذلك عندما يسقي أسيره القاتل الحاقد
ماءه وهو أشد عطشا !!
إنها أعذب سمفونية إنسانية سمعها العالم كله،
وكان من كان من رفض حتى الاستماع لها !
بل لوكان بقلبه حيز صغير من الضمير
لكان تبدل الواقع المرير الطويل المنتظر بالفرج !
أيها الفارس أيها البطل الأسطوري المعجزة ..
"جندي الشام" أطربنا وزدنا طربا
بما تجود مفاتيح آلاتك وادواتك الموسيقية
المتواضعة النبيلة ..
شد أوتار الأمان ..احزم النفس الطيبة..
اضغط على زنادِك وتَحدَّ بكرمِ خصالِك
هذا المعتدي الدخيل.
الله .الله ماأجملها
من روائع السمفونيات الأبدية الخالدة..
تفيض بالروح غذاء نفسياً وروحياً..
بدأت بكلمة وانتهت بلحن الأمل السعيد ..
وإنني أبكي..
ولكن دموع فرح حالمة بالرجوع ..
أبكي ..
أصلّي..
تراتيل خشوع
فلتحرسكم ملائكة السّلامة.
جيشنا الصامد..
ملائكة الإنسانية !!؟
**