نزار المهندس
متى ننتهي من كتابة عثرات ما مضى من التاريخ ، بما فيها من مأسي انسانية واخلاقية ، احداث نستذكرها كل يوم وكل ساعة وكل لحظة ، رغم كل محاولات العقلاء الحثيثة لتجاوز تلك العثرات ونسيان تلك الحقبة المظلمة من الزمن ، والابتعاد عن الخوض في تفاصيلها التي تدعوا الى الفرقة والتفرقة ، الا اننا نجد ان هنالك من يؤلب المواجع ويستثير المشاعر بهدف تأجيج الفتنة ، وكأن أبناء اليوم هم الامتداد لقبائل الأمس بكامل سلوكياتهم ، وعليهم ان يتحملوا مسؤولية من قام بتلك الافعال المشينة ، والتي يرفضها المعتدلين ...
متى نبدء بكتابة ورسم طريق المستقبل ، بعيداً عن الانحياز والتعصب والطائفية ، اليس من الافضل ان نركز على التحليل السياسي للواقع المرير ، لان الوقائع التاريخية توقعنا في اشكاليات نحن في غنى عنها ، لذا يجدر بنا الابتعاد عن ما يثير النعرات وعدم الخوض في جوانب التاريخ التي تفرقنا ، والتركيز على واقع العراق السياسي وما يمكن ان نقدم لاهلنا من نصيحه للخروج من المأزق الذي خيم علينا ، والذي نحن فيه ...
متى نفكر بعقلية متحضرة ، اليست ال ١٤٠٠ عاماً الماضية كفيلة بان نتغير نحو الافضل ، فالبكاء على من نحب لن يعيد بالزمن الى الوراء لنستعيد من فقدناهم ، والحديث عن الظلم لا يلغي الواقعة وينئى بالانسان عن المظلومية ، والامعان في الاشارة الى القبائل والاشخاص الذين وقع عليهم الظلم ، لن يجعلنا في وضع افضل من تلك المرحلة ، ولن يحقق لنا الازدهار والتقدم لكي نواكب تقدم العالم ، فالعبرة ان نستلهم من هؤلاء العظماء ما يجعلنا نرتقي بواقعنا ، وان نفتخر باننا احفاد بررة لاجداد نكن لهم كل الاحترام لما قدموه لخدمة امتهم ...
متى نعيش لاجل انسانيتنا التي وهبنا الله اياها ، ومتى نتصدى للجهل الذي يخيم على عقول البسطاء ، وندرك ان التاريخ هو تسجيل ووصف وتحليل للأحداث التي جرت في الماضي ، على أسس علمية محايدة ، وبعيداً عن الصاقها بهذا الطرف او ذاك ، للوصول إلى حقائق وقواعد تساعد على فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل ، والابتعاد عن نبش الماضي ...
متى ندرك ان التاريخ هو القيام بدراسة تعتمد على حقائق الماضي وتتبع سوابق الأحداث ، ودراسة ظروف السياقات التاريخية وتفسيرها ، فمنهج البحث التاريخي هو مجموعة الطرق والتقنيات التي يتبعها الباحث والمؤرخ للوصول إلى الحقيقة التاريخية ، وإعادة بناء الماضي بكل وقائعه وزواياه ، فالمنهج التاريخي يحتاج إلى ثقافة واعية وتتبع دقيق بحركة الزمن ، التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على النص التاريخي ، لهذا وجب ارتباط المنهج المطروح بمستويات النقد ، في كل مراحله الممثلة في التفسير والتأويل والتنقيح والحكم ، نظرا لعنايته الجادة بالنص كرؤية واقعية ترتبط بالزمن والعصر ...
لله درك ياعراق الشرفاء ...