الإعلامية ندى الكيلاني
أصبح الإنترنت في هذا العصر وسيلة من وسائل البحث عن شريك و تكوين علاقات الحب حيث تغير مفهوم الحب و أصبح أكثر سهولة و سرعة من قبل حيث كان يتطلب وقتا طويلا و شروط كثيرة حتى يحصل أما الآن في وقتنا الحالي و بسبب كثرة شبكات التواصل الاجتماعي بات أمرا ميسرا و من دون قيد أو شرط.
كما أنه تحول و تطور إلى حب من نوع آخر و أطلقوا عليه اسم الحب الإلكتروني بدلا من الحب الواقعي الملموس و بالطبع الفوارق بين الحب الإلكتروني و الحب الواقعي كثيرة فهنا أنت لا ترى الشخص أمام عينيك و لا تستطيع أن تلمس أو تحس بمدى صدقه أو كذبه كما أن الصورة التي يرسلها إليك قد تختلف تماما عند رؤيته في الواقع و بشكله الحقيقي.
لكن الأخطر من كل هذا كمية الكذب الكبيرة و الخداع من قبل الطرفين بالمعلومات الشخصية أو بالأفكار و الآراء أو حتى قد يصل الكذب بالأسماء و الصور المرسلة فمن المعروف أن اي شخص يستطيع أن يقدم الصورة التي يرغب تقديمها عنه في صفحته على هذه المواقع فقد يقدم نفسه على أنه بمنتهى الرقي و الأخلاق لكنه في الحقيقة لا يخرج من الملاهي الليلية و البارات و قد يدعي الثقافة و العلم و في حقيقته لم يقرأ كتاب و لم يصل إلى أي درجة من درجات العلم و المعرفة و قد يدعي التدين و التقى الشديد و تجده في الحقيقة يشتم و يكذب و لا يعترف بصلاة أو صيام .
و هنا المسألة أن هذا الشخص الذي تأخذ فكرة عنه و عن معتقداته و حياته و مبادئه قد تكون مغلوطة و قد تكون كاذبة و تجعلك تبني الأحلام و تضع طموحات لشيء وهمي لا وجود له من الأساس و يكفي أن يكون أحد الشخصين كاذبا لتكون العلاقة فاشلة و مدمرة لكلا الاثنين فكيف إذا ما كان الكذب من كلا الطرفين .
و هناك من يقول أنه من الممكن أن يكون الأشخاص حقيقيين و ليسوا مزيفين و صادقين و ليسوا كاذبين و من الممكن أن يكون الحب حقيقيا و ليس خداعا و هذا الأمر من الممكن أن يكون صحيح فمن بين آلاف القصص الفاشلة و الكارثية قد تكون هناك قصة واحدة حقيقية ناجحة لكنها هي التي تكون الشاذة للقاعدة و ليست الأساس فيها .
فإذا فكرنا بشكل منطقي بعيدا عن الخيال و اللاواقعية فإن أغلب من يدخل إلى هذه الشبكات شباب و شابات فارغين و يبحثون عن أي شيء يملي فراغهم الوقتي و العاطفي ... يهربون من واقعهم المأساوي إلى الخيال الجميل و يعيشونه و يصدقونه لكن إذا ما قرر أحد الطرفين أو كلاهما أن يحوله إلى واقع حدثت الصدمة و انهار هذا الحب عند اول مطب و اول اصطدام بالواقع و الظرف المعيشي و ستكشف الأقنعة و تسقط الأكاذيب.
كما أن الشباب خصوصا في عصرنا هذا بسبب كثرة البطالة و قلة الطموح و ضعف الحالة المادية و اتساع دائرة الفراغ التي يعيشون فيها أدى بهم الحال إلى الانجراف وراء هذا الحب الوهمي أو قد يكون من الأساس ليس حبا إنما مجرد تسلية و إملاء لوقت الفراغ و قد يكون السبب أخطر و أرخص من ذلك و هو الوصول إلى الانحراف الجنسي لمجرد إشباع الرغبة و يذهب كل واحد منهما في طريق ... وهذا الأمر ينسف كل القيم و المبادئ و الدين و العادات والتقاليد و يهوي بهذا الجيل الجديد إلى مستنقع مقرف و مذل و يخرب كل شيء جميل فيه .
و السؤال الأهم الذي يطرح نفسه بقوة كيف و متى تحول مفهوم الحب الجميل الحقيقي إلى هذه المهزلة ؟؟؟ كيف انتشرت هذه القناعة بأن الحب يمكن أن يوجد بين اثنين لايربط بينهما شيء سوى مجموعة كلمات و صور ؟؟؟ كيف يمكنك أن تفكر بشخص بشكل جدي و أنت في بلد و هو في بلد و يوجد هذه الهوة الشاسعة في الثقافة و اللهجة و الاسلوب و البيئة و كل شيء ؟؟؟ كيف تأكدت من مشاعر من يكتب لك و من صدقه من غير أن تقرأ ذلك في عينيه؟؟؟؟ كيف تصدق أن هذه العلاقة ستنجح و سينتج عنها حياة عائلية صحية سليمة ؟؟؟؟ كيف سيكون وضع الثقة بين الاثنين و خصوصا أن الخروج من هذه المواقع لن يحدث حتى بعد الارتباط الفعلي ؟؟؟؟ كيف و كيف و كيف و مئات بل و آلاف الأسئلة كيف يمكنك الإجابة عليها و تحديد المصير ؟؟؟؟
لذا لابد من إعادة التفكير بهذا الخيار الغير واضح و الغير مأمون النتائج و يجب ان لا تنسى أن الحب شيء و الذي يحدث في هذه المواقع شيء آخر تماما .
الحب شيء ملموس مجسد في كيان في علاقة محسوسة ... اجتماع روح بروح تنقصها تلاقي نفس بنفس تشبهها ارتباط فكر بفكر يمثله .... إنسان يكملك و يمتزج فيك لتصبحا روحا واحدة بجسدين......
لكنكم للأسف سخفتم و شوهتم معنى الحب و ألبستوه ثوب الزيف و أقنعتم أنفسكم أن هذا هو الحب الحقيقي .....