آمال الهلالي
صحفية تونسية
أعلنت قيادات عسكريّة وضبّاط متقاعدون من الجيش التونسيّ عن تأسيس الحزب السياسيّ الأوّل بخلفيّة عسكريّة اختاروا له اسم “هلمّوا لتونس”، وذلك خلال ندوة صحافيّة عقدت في العاصمة بـ10 تمّوز/يوليو من عام 2019.
وفي 29 تموز/يوليو أصدر الحزب بيانًا عبر الفيسبوك جاء فيه أنه قدّم تراشيح في الانتخابات النيابية في 17 دائرة إنتخابية في 17 محافظة.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس قد فتحت مكاتبها في 22 يوليو/ تموز 2019 لتقبل قوائم المرشحين للانتخابات التشريعية المزمع عقدها في 6 تشرين الثاني/أكتوبر 2019 وتستمر فترة تلقي ملفات المترشحين إلى تاريخ 29 يوليو/ تموز القادم.
أنّ فكرة تأسيس الحزب التي بدأت نواتها الأولى في 5 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2018 كانت تروم إلى القطع مع ظاهرة ابتعاد المؤسّسة العسكريّة عن الحياة السياسيّة منذ الاستقلال، قال رئيس الحزب مصطفى صاحب الطابع، وهو ضابط سام متقاعد من الجيش التونسيّ، قبل 29 تموزيوليو: “حصلنا على الـتأشيرة القانونيّة، ونستعدّ بكلّ عزيمة وجديّة لخوض الانتخابات التشريعيّة عبر قوائم في 24 محافظة تونسيّة”.
وأوضح أنّ المكتب السياسيّ مؤلّف من 30 ضابطاً عسكريّاً متقاعداً من الجيش هم في صدد وضع استراتيجيّة انتخابيّة لضمان تمثيل الحزب في كلّ مناطق البلاد، مشدّداً على أنّ الحزب منفتح على كلّ مكوّنات المجتمع المدنيّ، وليس فقط على عائلات المؤسّسة العسكريّة وأبنائها.
وأكّد أنّ انخراط قيادات سابقة في الجيش بالحياة السياسيّة والحزبيّة لا يعني خروج المؤسّسة العسكريّة عن الحياد الذي عرفت به، وقال: “سنعمل على توظيف القيم الوطنيّة وروح الانتماء التي تربّينا عليها داخل المؤسّسة العسكريّة لخدمة تونس”.
ولفت إلى أنّ الحزب سيعمل على حصد الأصوات في الانتخابات التشريعيّة للفوز بمقاعد نيابيّة، إيماناً منه بأنّ “التغيير في تونس يكون تحت قبّة البرلمان من خلال صياغة القوانين والتشريعات، وليس من خلال الرهان على الانتخابات الرئاسيّة التي لن يقدّم الحزب مرشّحاً إليها منه”.حسب قوله
ومنح القانون الانتخابيّ الجديد، والذي صادق عليه مجلس النواب في 31 يناير/كانون الأول 2017 للمرّة الأولى أفراد المؤسّسة العسكريّة والأمنيّة المزاولين لعملهم حقّ الاقتراع في الانتخابات البلديّة من دون سواها، بينما منعهم من حقّ الاقتراع في الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة.
وتعوّل قيادات الحزب الجديد “هلمّوا لتونس” على القاعدة الشعبيّة لأبناء السلك العسكريّ وعائلاتهم، الذين يمتلكون الصفة المدنيّة ويمارسون حقّهم في الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة.
وسبق لهذا الحزب أن أصدر بياناً تأسيسيّاً عبر صفحته الرسميّة على “فيسبوك”، في 5 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2018، عرّف خلاله بهويّة مؤسّسي الحزب على الشكل الآتي: “نحن مجموعة من الضبّاط السامين العسكريّين المتقاعدين، بمعيّة ثلّة من الشخصيّات والإطارات المدنيّة العليا المشهود لها بالغيرة على مصلحة الوطن وبالكفاءة في المجالات الحيويّة التي تحتاجها البلاد (..) قرّرنا اقتحام الميدان السياسيّ ضمن حركة مدنيّة وسطيّة سمّيناها “هلمّوا لتونس”، في إطار مشروع مجتمعيّ يحمل اختيارات واعية ومخطّطات عقلانيّة عمليّة”.
ورفض المكتب الإعلاميّ للمؤسّسة العسكريّة التعليق على موقفه من إعلان قيادات سابقة في الجيش تأسيس حزب بخلفيّة عسكريّة.
ومقابل ذلك، اعتبر مستشار الأمن القوميّ لدى رئيس الجمهوريّة الراحل الباجي قايد السبسي الأميرال كمال العكروت أنّ العسكريّ طالما أحيل على التقاعد واسترجع صفته كمواطن مدنيّ له الحقوق كافّة، ويمكنه أن يمارس أيّ نشاط سياسيّ أو حزبيّ بكلّ حريّة، وأن ينتخب، شرط ألاّ يتحدّث باسم المؤسّسة العسكريّة أو يحمل صفتها، وقال “بعد الثورة، لطالما تعرّضت المؤسّسة العسكريّة لمحاولات تطويعها من الأحزاب، لكنّها ظلّت محافظة على النهج نفسه، الذي اتّبعته منذ تأسيسها في الحياد والولاء فقط للوطن”.
وخلص إلى أنّ المؤسّسة العسكريّة في تونس ستظلّ محافظة على حيادها وبعيدة عن أيّ تجاذبات سياسيّة وعلى مسافة واحدة من كلّ الأحزاب.
من جهته، اعتبر القياديّ في “حركة النهضة” محمّد بن سالم ” أنّ تأسيس مجموعة من الضبّاط العسكريّين المتقاعدين حزباً هو أمر يكفله لهم القانون بعد خروجهم من الحياة العسكريّة واستعادتهم كلّ حقوقهم الدستوريّة والمدنيّة.
وفي المقابل، أعرب عن مخاوفه من أن يلعب هؤلاء الضبّاط على الحسّ العسكريّ وعقيدة حبّ الوطن والتضحية من أجله لكسب أصوات الناخبين، وليس على المنافسة النزيهة على البرامج الانتخابيّة.
أمّا الناشط السياسيّ والقياديّ السابق في حزب “حراك تونس الإرادة” طارق الكحلاوي قال : إنّ هذا الحزب الجديد بهويّة عسكريّة سيعمل في الأساس على استهداف عائلات القوّات الحاملة للسلاح للظفر بمقاعد في الانتخابات التشريعيّة المقبلة.
ووصل العدد الإجمالي للأحزاب التونسية حتى تاريخ 22 يوليو/تموز 2019 إلى 220 حزبًا على إثر منح التأشيرة القانونية لحزب جديد تحت اسم “الجبهة الشعبية”، بالتزامن مع موعد اقتراب الانتخابات التشريعيّة المقرر عقدها في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2019 والرئاسيّة.
المصدر: al-monitor