الزعماء الديموقراطيّون - الشعبويّون و مُحافِظو -بنوكهم- المركزيّة

آخر تحديث 2019-08-04 00:00:00 - المصدر: نون

بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم

رجب طيّب أردوغان يُطيح بمُحافظ البنك المركزي التركي.
دونالد ترامب يُهدِد رئيس البنك الإحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بعزلهِ عن منصبه، ويصِف سياساتهُ النقديّة بالمجنونة.
رئيسُ وزراءنا الأسبق أطاحَ بمحافظ البنك المركزي في عهده، الدكتور سنان الشبيبي.


مُحافظو البنوك المركزية في البلدان الديموقراطيّة – الشعبوية (شبه الإستبداديّة، سياسياً واقتصاديّاً)..
المُحافِظونَ "الحَبّابون"، المُطيعونَ، وفي أفضلِ الأحوالِ "المُحايدون"..
هؤلاءِ لا صوتَ لهم، ولا تتُمّ الإطاحةُ بهم.. لأنّ لا لون لهم، ولا طَعْمَ، ولا رائحة.. ولا موقف.


الزعماء الشعبويّون هم الأقرب في سلوكهم الاقتصادي إلى الدكتاتوريات الإستبدادية، رغم الإختلاف في الأيديولوجيّات والمنطلقات والعقائد، ورغم تباين الأنظمة، والبلدان، والتشكيل الاجتماعي.


ومع أوّل فشل "سياسي" لهؤلاء الزعماء، فإنهم يُسرِعونَ إلى إقالة، أو عَزل، أو إدانة محافظو البنوك المركزية في بلدانهم، وتحميلهم مسؤوليّة الفقر والبطالة وضآلة الإستثمار (المحلّي والأجنبي)، وتفاقم المديونيّة (الداخليّة والخارجيّة)، وارتفاع معدّلات التضخّم، وانهيار قيمة العملة.


هؤلاء "الزعماء" لا يرغبونَ في أن يُنْسَبَ اليهم (أو إلى حماقاتهم السياسيّة) أيُّ دور فيما حدث ويحدثُ لاقتصادهم من أزمات مُستدامة، واختلالات هيكليّة- بُنيويّة، عميقة وكارثيّة.


وفي مُجتمعات لا تهمّها كثيراً (بل ولا تهمّها على الإطلاق) حيازة الثقافة الاقتصاديّة (في حدّها الأدنى)، سيكون من السهل على الزعماء الشعبويّين إقناع "شعوبهم"، بأنّ مُحافظو البنوك المركزية بالذات (وإلى حدٍّ ما جميع المسؤولين عن المؤسّسات الأخرى المعنيّة بالشأن الاقتصادي).. هُم وحدهم "الأكباش" التي نطحت الاقتصاد في مَقْتَل، وينبغي "ذبحهم" على الفور.