حسن كاظم الفتال
في عام ١٩٩٤ قررنا أن نقيم احتفالية مباركة تتناسب مع موعد استذكار ولادة الإمام الحسين صلوات الله عليه الميمونة في الثالث من شعبان.
فالتقيت أنا والسيد ثامر الموسوي بالمرحوم السيد كاظم عابدين صاحب (فندق الأمراء الشهير) آنذاك في كربلاء المقدسة منطقة باب بغداد وتم الاتفاق على أن يقام الحفل على قاعة الفندق نفسه.
وبما أن السيد ثامر الموسوي خطاط ماهر بارع فقد همَّ بإعداد وتحضير يافطات من القماش الراقي وخط عليها بعضاً من الأبيات الشعرية من قصائدي حصراً من تلك التي لا يزال بعض المحتفلين يتداولونها سواء بالقراءة أو بالخط على اليافطات التي تنتشر هنا وهناك ومنها على سبيل المثال:
قد نال فطرسُ عند مهدك مغنما** إذ قال ربِّ اقبل بهذا توبتي
**فإذا بك الملكُ المعاقبُ قد نجا **بك كيف لا يمحو الإلهُ خطيئتي
وثم البيت الشهير الذي لازال البعض يتداولونه دون أن يعرفوا من هو شاعره وهو:
هذا الحسين أضاء الكونَ منهجُهُ** لو غابت الشمسُ حينا فهو لم يغبِ
وبعد أن أكملنا الكثير من اليافطات وعقيب صلاة المغرب توجهنا أنا والسيد ثامر الموسوي إلى (فندق الأمراء) واستقبلنا المرحوم السيد كاظم عابدين وعلقنا بعض اليافطات والنشرات الضوئية على جدران القاعة.
وبما أني تم اختياري لأن أكون عريفا للحفل سُلمت قائمة من أسماء الأدباء الذين سيشاركون في الحفل بقراءاتهم.وهم:
* ـ الشاعر والرادود الحاج عزيز كلكاوي أطال الله في عمره
*ـ الشاعر الحاج محمد علي النصراوي أطال الله في عمره
*ـ الشاعر المرحوم سليم البياتي
*ـ الشاعر والرادود المرحوم محمد حمزة القندرچي.
*ـ الشاعر المرحوم شاكر البدري
* ـ الشاعر الدكتور علي الفتال
وآخرون
وبينما نحن جلوس في القاعة نتحدث ونعد العدة ليوم غد وإذا بسيارة نوع (كورلا) تخص مديرية أمن كربلاء المقدسة تتوقف لدى باب الفندق فترجل منها شخصان من رجال الأمن ودخلا إلى الفندق وبعد معاينة للزينة المنتشرة داخل القاعة طرحا علينا بعض الأسئلة الأمنية والاستفسارات ثم طلبا من السيد كاظم عابدين أن يصاحبهما بالعبارة المعهودة والمعروفة لدى الجميع
(تفضل ويانه سيد فد خمس دقايق) وذهب معهم المرحوم السيد كاظم عابدين وبعد أكثر من ساعة ونصف الساعة عاد لوحده ونحن على أشد قلق ولوعة وحسرة ورعب ننتظر عودته ومعرفة النتيجة وحين عودته سُرِرنا حين أخبرنا بموافقة إقامة الحفل مع التقيد بالشروط التالية.فقلنا لا بأس المهم إقامة الحفل. ثم خرجنا أنا والسيد ثامر الموسوي ونشوة الأمل تغمرنا.
وبينما أنا جالس في البيت أنظم بعض الأبيات الشعرية رنَّ جرس الهاتف الأرضي وفي ساعة متأخرة من الليل
فرفعت السماعة وإذا بالسيد ثامر الموسوي يبلغني بعدم إقامة الحفل.
وعدم الذهاب إلى الفندق يوم غدٍ أبداً.وبعد الاستفسار تبين أن جلاوزة الأمن قد جاؤوا مرة أخرى واستدعوا السيد كاظم إلى المديرية وابلغه كبيرهم بعدم إقامة الحفل.
وذلك بعد أن أتصل بهم أحد الأشخاص المتنفذين من أتباع السلطة وطلب الإلغاء وقد أمضوا السيد كاظم على تعهد يلزمه بعدم إقامة الحفل وقيل له أن هنالك حفلا مركزيا تقيمه السلطة يوم غد يمكنكم الاشتراك به جميعا فألغيَ الحفل ولملمنا كل أغراض الزينة وعدنا أدراجنا ووكلنا الأمر لله والمولى.
ونفضنا أيدينا كما نحن اليوم ننفضها منتظرين الفرج