جواد العطار
اثار الامر الديواني لرئيس مجلس الوزراء ذي الرقم ٤٧ والصادر بتأريخ ٧ آب ٢٠١٩، والمتضمن استحداث مكاتب وتعيين ثلاثة وعشرين مفتشا عاما في عدة هيئات ووزارات وجهات حكومية الكثير من النقاش والسجال في الأوساط السياسية والإعلامية وبين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية خصوصا مع تصويت الاخيرة من حيث المبدأ على الغاء مكاتب المفتشين العمومين في كافة الوزارات في شهر آذار الماضي.
فما الذي جرى؟ ولماذا اندفعت السلطة التنفيذية الى هذا الامر دون مشاورة البرلمان؟ وما السبب وراء اصدار الامر الديواني مع بداية عطلة الفصل التشريعي للبرلمان وقبل عطلة عيد الأضحى الطويلة نسبيا؟ ولماذا لم تعلن قبل هذا الوقت او تعرض على البرلمان للتصويت عليها كما يقتضي العرف والقانون والدستور؟.
أسئلة كثيرة وعلامات استفهام عديدة ليس حول فحوى الامر الديواني فقط او الاسماء التي وردت فيه بل حول صلاحيات السلطة التنفيذية ودور البرلمان في الرقابة عليها.
واذا كان نظام المفتشين ومجالس المحافظات والأقضية والنواحي من مخلفات حقبة الاحتلال، فإنها من النظم الحديثة في إدارة الدولة لكنها عانت في العراق من سوء اختيار الاشخاص اولا؛ ومحاصصة الاحزاب ثانيا؛ والفساد ثالثا... لذلك اصبحت عبئا على الدولة والإدارة نتيجة الخلل في التطبيق، وعلى الرغم من تشخيص هذا الخلل والتوجه البرلماني نحو معالجته من خلال التصويت مبدئيا على الغاء مكاتب المفتشين وتقليص اعضاء مجالس المحافظات الا ان رئيس مجلس الوزراء فاجئ الجميع بالأمر الديواني الاخير في تحدي واضح لقرار البرلمان وتجاوز فاضح لمبدأ الفصل بين السلطات والتعاون المرن المفترض بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية في النظام البرلماني الذي كان يستوجب من الدكتور عادل عبد المهدي مشاورة البرلمان قبل اصدار اوامر التعيين او عرض قائمة الاسماء المعينين؛ عليه للتصويت او على الاقل اختيار التوقيت المناسب لمثل هذا الموضوع الحساس.
فما الذي يرمي اليه رئيس مجلس مجلس الوزراء من وراء هذا القرار، هل يريد ان يشخص الخلل في حكومته ويراقبها هو بنفسه فيكون الحكم والحاكم، ام هي محاولة لسحب البساط من البرلمان وتجريده من اهم واجباته وهو آلية الرقابة على الأداء الحكومي... لا نعرف على ماذا راهن الدكتور عبد المهدي بهذا القرار هل على كفاءة الاشخاص المعينين والذين لا نعرف خلفيات اغلبهم المهنية ام على رؤية جديدة في الادارة التنفيذية رسمها هو بنفسه منفردا ام على مشاورة الاحزاب التي رشحته فقط لمنصب الرئاسة.... وفي كل الأحوال اذا خرج الامر عن الإطار الاداري فانه سيكون محاولة للاستئثار بالسلطة على حساب البرلمان وهذا لما لا نتمناه للتجربة البرلمانية في العراق مثلما لا نتمنى ان يكون بديل التعاون المرن بين السلطات الصراع الشرس.