علي السوداني
هذا هو العنوان والإطار الذي يحكم العلاقات التخادمية بين أمريكا وإيران ، والمستمر منذ أربعين سنة ، بغض النظر عن التسخين اللغوي الدعائي ، الذي يقع في فترات التوتر والتمنع المحسوبة بدقة من كلا الطرفين المتعارضين .
في واحدة من الألعاب والخدع اللسانية ، التي يجيدها الطرفان اللدودان ، تقول أمريكا الوغدة ، أنها لا ترغب بتغيير النظام الحاكم بطهران ، لكنها تريد فقط من هذا الحكم تغيير سياساته وتحركاته في المنطقة ، والمنطقة هنا محددة بجزئها العربي فقط ، وهذا الجزء المريض حتى الآن ، هو الجسد المتاح الذي يجرب فيه هذا الثنائي الهمجي القذر وثالثهما اسرائيل اللقيطة ، كل أنواع الإختبارات الفكرية والإقتصادية والعسكرية والثقافية .
بمقابل هذا الكرم والغزل الأمريكاني المبين ، ترشّ ولاية الفقيه بين فترة واخرى ، جمل حب وطمأنينة لنا نحن المكتوين بنار المتخاصمين ، من مثل أنها مستعدة دائماً لعلاقات طيبة مع دول الجوار العربي النائم ، وفي هذا القول من الخديعة والكذب والدعارة السياسية ، ما يجعل فضحه سهلاً وممكناً من خلال استعمال قولة " من فمك أُدينك " حيث أن الفكرة التوسعية هي إحدى اهم الأفكار التي شرعها وشرعنها الدستور الإيراني المعلن ، والمأخوذة من عنوان مشهور هو " تصدير الثورة " .
وقد حدد هذا الدستور الذي يكاد يكون مقدساً ، الطبيعة العقائدية والأيديولوجية للجيش والحرس الثوري بشكل خطير وفاضح ، من خلال اعتباره أن القوات المسلّحة بكل صنوفها ومسمياتها ، لا تلتزم بمسؤولية الحماية وحراسة حدود الدولة ، بل هي أيضاً في تحمّل ما سماه المشرّع الدستوري ، بسط " حاكمية القانون الإلهي في العالم كله " !!
في لعبة اللغة واللغوة ، ارتكب الوالي العربي خطأ شنيعاً ، وكان عليه أن يصير مثل الولي الإيراني ، الذي استفاد من العياط والمايكرفون العالي ، في تحرير فلسطين والقدس ، بينما سكت الحاكم العربي سكوتاً غبياً ، ولو كان علّى صوته في التلفزيون والدعاية المفيدة ، كما فعل زميله الإيراني ، لاعتبرته الرعية المغرمة بالأناشيد الحماسية ، ثورياً قوياً محرراً منتظراً .
منذ غزو الوحوش الصهاينة ومن معهم أرض فلسطين العربية ، ظل العرب الأمجاد الكرماء ، يدفعون أنهار دم وخزنات مال من أجل فلسطين ، وعندما جاءت إيران بشعار كاذب اسمه تصدير الثورة ، ظلت تدفع جبال لغوة من دون أن تخسر جندياً واحداً بفلسطين وما حولها .
فمتى تستيقظون وتنهضون ، وأنتم ورثة أعظم لمعات التأريخ ، منذ دولة الراشدين والأمويين والعباسيين والأندلسيين ، وما قبلهم ببطون آلاف السنين المذهلات المدهشات ؟